إرهاب
تنظيم القاعدة إلى أفول بعد الارتدادات السلبية لفكره المتطرف
بعد أن فقد قياداته وترك دون دفة وتوجيه بسبب الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب، فقد التنظيم الدعم نتيجة لفكره المتطرف.
جنى المصري |
بعد أن كان تنظيم القاعدة في فترة من الفترات الجماعة الإرهابية الأكثر إثارة للخوف في العالم، أصبح اليوم دون زعيم ودون دفة توجهه وبات فكره المتطرف وإخفاقاته الاستراتيجية تنفر المجندين المحتملين، وفقا لخبراء في الإرهاب وتقييم المعلومات الاستخباراتية.
فقد مضى أكثر من عامين على مقتل أيمن الظواهري في غارة أميركية بطائرة مسيرة في كابول، وما يزال تنظيم القاعدة المركزي بلا قيادة ودون زعيم معترف به.
وفي حديثه للفاصل، قال الخبير في شؤون الإرهاب وائل عبد المطلب إن "عصر القاعدة في الشرق الأوسط والعالم قد انتهى فعليا".
ويمكن أن يعزى تراجع التنظيم إلى عاملين حاسمين: تفسيره المتطرف للشريعة الإسلامية بالإضافة إلى الجهود المتواصلة لمكافحة الإرهاب.
في أفغانستان، لم يتبق سوى أقل من عشرة أعضاء أساسيين، إذ تصف التقارير الاستخباراتية البلاد بأنها "أشبه بدار رعاية لكبار قادة القاعدة" أكثر منها قاعدة عملياتية للجماعة المتطرفة.
وقد أدى التطرف الديني إلى تآكل مكانة القاعدة بين المسلمين.
من جهته، قال وكيل وزارة الشؤون الإسلامية السعودي الأسبق، توفيق بن عبد العزيز السديري، إن "الخطاب الديني الذي تبناه تنظيم القاعدة كان بعيدا كل البعد عن أصول الدين الإسلامي".
وأوضح أنه من بين هذه الأصول "حماية المدنيين واحترام أديان الآخرين وعدم تكفير المسلمين الآخرين لمجرد الاختلاف بالرأي".
وأكد أن تنظيم القاعدة ينتهك هذه التعاليم الإسلامية وغيرها بشكل كامل، ما يعتبر السبب الجوهري لانفصاله عن الناس وهلاكه الحتمي.
تفاقم الأزمة
وقد تعمقت الأزمة التي يواجهها التنظيم مع سعي زعيمه الفعلي سيف العدل إلى الحصول على الحماية في إيران ذات الأغلبية الشيعية، في خطوة تعارض العقيدة التأسيسية لتنظيم القاعدة.
وهذا يثير ما يطلق عليها برنامج جامعة جورج تاون للتطرف "أسئلة عملياتية وعقائدية صعبة".
من جانبه، قال المحلل الأمني خليل أحمد أفضلي للفاصل إن "تنظيم القاعدة والنظام الإيراني لديهما فكرين مختلفين تماما، بل ومتناقضين ، لكن العدل قبل هذا الإذلال من أجل البقاء".
وأردف عبد المطلب أن الحرب ضد الإرهاب التي قادتها الولايات المتحدة قد دمرت بشكل منهجي قدرات القاعدة وقضت على سيطرته على العديد من المناطق خصوصا في الشرق الأوسط.
فضربات المسيرات الدقيقة أدت إلى قتل قادة التنظيم، فيما أسفرت جهود مكافحة الإرهاب عن تعطيل قدرته على استقطاب أتباع جدد. وفي الوقت عينه، أدى فقدان تنظيم القاعدة لفروعه في العراق وسوريا إلى تقليص نفوذه بشكل كبير.
"قبل عقد من الزمان، نقل التنظيم العديد من عملائه ذوي الخبرة إلى سوريا، فقط ليرى معظمهم يُقتلون في غارات بطائرات بمسيرة"، حسبما أفاد موقع سي تي سي سانتينال. "وإذا نجا بعضهم، فقد كبحت هيئة تحرير الشام أنشطتهم إلى حد كبير".
فبعد أن كانت متوافقة مع رؤية القاعدة، تبنت هيئة تحرير الشام والفصائل السورية الأخرى موقفا أكثر اعتدالا لضمان بقائها وتجنب العزلة الدولية، ورفضت جهود تنظيم القاعدة المتكررة لإعلان الولاء له.
وأضاف أن التغيرات العالمية فرضت "واقعا جديدا" على الجماعات المتطرفة، ودفعت بعضها نحو الاعتدال.
وأكد السديري، وكيل الوزارة السعودي الأسبق، أن "أية عودة للتطرف سيقابلها ردع دولي قاسي".