إرهاب
تقلص الوجود الرقمي لتنظيم القاعدة مع ابتعاد حلفاءه السابقين عنه
تراجع نفوذ التنظيم في ظل ابتعاد الحلفاء السابقين علنا عن فكره المتشدد وبات يتلاشى في ظلمة رقمية.
جنى المصري |
القاهرة -- قال خبراء إقليميون يتابعون الجماعات المتطرفة إن التلاشي المتزايد لأهمية تنظيم القاعدة ينعكس في المجال الرقمي، حيث اختفى فعليا عن وسائل الإعلام المتطرفة.
ويعكس ذلك تحولا أوسع، مع ابتعاد الحلفاء السابقين عن الفكر المتشدد للتنظيم واعتمادهم مواقف أكثر اعتدالا.
وفي هذا السياق، قال مازن زكي مدير قسم الإعلام الجديد في مركز ابن الوليد للدراسات والأبحاث الميدانية إنه لاحظ التراجع الرقمي للقاعدة عبر مراقبة المركز للمواقع الإلكترونية وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي.
وأوضح لموقع الفاصل "يلاحظ وبوضوح شبه غياب لأية مواد أو أخبار أو دعم لتنظيم القاعدة باستثناء ما لا يزال التنظيم نفسه ينشره من حين لآخر".
وتابع "تخلو هذه المنصات تماما من أية إشارة للقاعدة وكأنها لم تعد موجودة".
وبدوره، قال الخبير العسكري يحيي محمد علي للفاصل إن التحول هو الأبرز مع هيئة تحرير الشام التي يسيطر عليها الفصيل السوري السابق للقاعدة والتي "تبرأت منها نهائيا بل أعلنت براءتها أيضا من الفكر المتطرف".
وأضاف أن "الجماعتين استطاعتا الاستمرار والوصول إلى الحكم. وإن الابتعاد عن تنظيم القاعدة بشكل كامل وتام كان أمرا ضروريا وحساسا يتعلق بمسألة البقاء والاستمرار".
ويعكس نبذ القاعدة أيضا كيفية تحول الحركات المتطرفة عبر المنطقة بشكل أساسي.
وكتب الكاتب والصحافي من أصل سوري حسن حسن لصحيفة نيويورك تايمز في 5 كانون الأول/ديسمبر أن هذه "نتيجة غير متوقعة" للحرب على الإرهاب.
وأوضح أن الكيانات المتطرفة "أعادت تقديم نفسها كحركات قومية تركز على الشؤون المحلية، ليس فقط للبقاء بل للازدهار في المشهد الجيوسياسي الجديد".
وعلى غرار تحرير الشام، يركز البعض منها على الحوكمة المحلية.
تحول جوهري
ولفت زكي إلى أن هذه الحركات تعتمد بشكل متزايد التفسيرات المعتدلة للشريعة الإسلامية والآيات القرآنية.
وذكر أنها تعيد تقييم مواقفها المتطرفة السابقة، معترفة بأن الاعتدال هو الطريق إلى الأمام.
ويأتي هذا التطور في تناقض صارخ مع مواقف القاعدة غير المتغيرة بشأن الحوكمة وميلها إلى اتهام المسلمين الذين لا يعتنقون فكرها المتشدد بالكفر، وهذه عوامل تساهم في عزلتها.
وقال زكي إن "القاعدة تجد نفسها في موقف صعب جدا بسبب ثباتها على أفكارها المتطرفة".
وأضاف أن أساليب التنظيم وسردياته المتطرفة باتت من الماضي، ولم تعد فعالة في التأثير على الأتباع الذين كان يقودهم.
كذلك، فشلت محاولات القاعدة لاستعادة مكانتها عبر الرسائل غير المباشرة الموجهة إلى حلفائها السابقين، علما أن عزلة التنظيم الرقمية والأيديولوجية تشير إلى أكثر من مجرد انتكاسته.
وذكر نائب وزير الشؤون الإسلامية السعودي السابق توفيق بن عبد العزيز السديري أن الجماعات المتطرفة تعتبر أن "إبعاد نفسها عن خطاب القاعدة قد يطيل أمد بقائها ويحميها من النبذ العالمي".
ويترك هذا الحساب التنظيم وحيدا مع فكره المتطرف، بعد أن تخلت عنه الحركات نفسها التي كان في وقت من الأوقات مصدر وحي لها.