أمن

الحرس الثوري الإيراني يغير أماكن وجود قادته في سوريا بعد تعرضهم لضربات قاسية

قال ناشطون إنه مع تزايد الضغوط التي يتعرض لها إيران ووكلاؤها في سوريا، أعاد الحرس الثوري الإيراني نشر بعض قادته وسحب آخرين.

مشيعون يشاركون في جنازة سيد رضي موسوي بطهران يوم 28 كانون الأول/ديسمبر 2023، وهو أحد كبار قادة فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وكان قد قُتل يوم 25 كانون الأول/ديسمبر في غارة جوية بسوريا. [عطا كيناري/وكالة الصحافة الفرنسية]
مشيعون يشاركون في جنازة سيد رضي موسوي بطهران يوم 28 كانون الأول/ديسمبر 2023، وهو أحد كبار قادة فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وكان قد قُتل يوم 25 كانون الأول/ديسمبر في غارة جوية بسوريا. [عطا كيناري/وكالة الصحافة الفرنسية]

سماح عبد الفتاح |

على الرغم من مغادرة عدد قليل من كبار ضباط الحرس الثوري الإسلامي الإيراني من سوريا، إلا أن القوات الإيرانية لم تنسحب من البلاد، ولا تنوي الانسحاب، كما أكد خبراء للفاصل.

وأضافوا أنه على عكس التقارير الإعلامية التي تزعم أن الحرس الثوري الإيراني يسحب ضباطه من سوريا، ما تقوم به إيران هو مجرد إعادة تموضع كبار ضباطه لأغراض سياسية وأمنية تتعلق بضمان استمرار وجوده في البلاد.

وقال فتحي السيد المتخصص في الشؤون الإيرانية في مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية، إن ما تردد مؤخرا عن انسحاب كبار ضباط الحرس الثوري الإيراني من سوريا ليس أكثر من "خدعة إعلامية".

وأضاف للفاصل أن عدد الضباط الكبار الذين غادروا سوريا لا يتعدى الخمسة، "ما يؤكد عدم وجود انسحاب فعلي، بل مجرد إعادة تموضع للقادة وإعادة انتشار للمجموعات الموجودة على الأرض".

مبنى في منطقة المزة بدمشق استهدف بغارة جوية في 20 كانون الثاني/يناير، ما أسفر عن مقتل عدد من ضباط الحرس الثوري الإيراني. [وكالة الأنباء سانا]
مبنى في منطقة المزة بدمشق استهدف بغارة جوية في 20 كانون الثاني/يناير، ما أسفر عن مقتل عدد من ضباط الحرس الثوري الإيراني. [وكالة الأنباء سانا]

وأوضح السيد أن عملية إعادة التموضع هذه جرت لتجنب، أو أقله، تقليل الخسائر المتزايدة الناجمة عن الغارات الجوية التي أودت بحياة عدد من الضباط الإيرانيين الموجودين في سوريا تحت غطاء عملهم كـ"مستشارين".

وتابع أن الإعلان عن انسحاب الضباط قد يكون محاولة إيرانية لتهدئة التوترات المتصاعدة مع الولايات المتحدة، ما يؤشر إلى استخدام إيران تقارير الانسحاب هذه لتوجيه رسالة إلى الولايات المتحدة مفادها أنها لا تسعى إلى المواجهة.

ولفت إلى أن هذه الخطوة تزامنت مع أنباء عن إصدار الحرس الثوري الإيراني أوامر صارمة لجميع فصائله في المنطقة بعدم استهداف القوات الأميركية.

مناخ من الخلاف

وقد قُتل خمسة "مستشارين عسكريين" تابعين للحرس الثوري الإيراني في غارة جوية يوم 20 كانون الثاني/يناير بمنطقة المزة في دمشق، في حادث حمّلت بعض وسائل الإعلام الإيرانية مسؤوليته لخرق أمني داخل القوات السورية.

وفي كانون الأول/ديسمبر، أدت غارة جوية على إحدى ضواحي دمشق إلى مقتل الجنرال الإيراني سيد رضي موسوي، وهو كان مستشارا للحرس الثوري الإيراني في سوريا.

وبحسب الخبير العسكري اللبناني جميل أبو حمدان، فإن هذا الأمر له تفسيران وحقيقة واحدة.

وقال: "الحقيقة ان عمليات الاغتيال هذه لما كانت ستنجح دون وجود مساعدة بشرية على الارض لتاكيد رصد ووصول الأهداف."

وأشار إلى أنه من المرجح أن تكون المساعدات البشرية هذه قُدمت إما من قبل الأجهزة الأمنية للنظام السوري أو الحرس الثوري الإيراني أو أذرعه المنتشرة في سوريا.

ورجح حمدان أن يكون الإصرار الإيراني على توجيه التهمة إلى الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري، محاولة لصرف الأنظار عن الحرس الثوري الإيراني.

وأضاف أنه في كلتا الحالتين، "الهجمات في لبنان على قادة حماس وحتى قادة حزب الله نفسه تؤكد فرضية وجود خرق أمني على مستوى رفيع، أدى إلى نجاح معظم الغارات".

وأردف أنه في حال تأكدت هذه التقارير أو سُمح بالإعلان عنها، "سينتج عن ذلك موجة من الصراعات الداخلية تسفر عن إضعاف الوجود الإيراني وحليفه الرئيس حزب الله".

انتشار ضباط حزب الله

كشف الناشط الإعلامي أيهم العلي المنحدر من مدينة البوكمال الحدودية السورية، أن وجود كبار الضباط الإيرانيين على الأرض في سوريا اقتصر في الأشهر الأخيرة على الظهور الإعلامي.

وأضاف أن ظهورهم أو عدم ظهورهم لا يشكل أي فرق على الأرض نظرا لوجود ضباط من حزب الله اللبناني ولواء فاطميون.

وأكد العلي أن حزب الله اللبناني ولواء فاطميون "يتوليان معا المسؤولية كاملة".

وشدد على أن جميع الفصائل الإيرانية المنتشرة في محيط البوكمال ودير الزور والميادين وفي المناطق الممتدة حتى الصحراء الشرقية (البادية) وريف حلب، "تعمل على تمويه المواقع العسكرية ومستودعات الأسلحة".

وتابع العلي أن هذه الميليشيات تقوم أيضا "بنشر عناصرها ضمن مجموعات صغيرة خارج منطقتها الأمنية".

وقال إن التقارير المنتشرة على نطاق واسع وغير المؤكدة تشير إلى ظهور القائد الإقليمي للحرس الثوري الإيراني المعروف باسم "الحاج عسكر" في مدينة دير الزور بعد إعلان انسحاب قادة الحرس من المنطقة.

ولفت إلى أن هذه التقارير تشير إلى أن الحاج عسكر كان برفقة مجموعة من مقاتلي وضباط حزب الله اللبناني، وقد يفسر ذلك مغادرة عدد قليل فقط من الضباط الإيرانيين للبلاد، فيما تم تغيير أماكن وجود البقية في سوريا.

وكشف أن عمليات إعادة الانتشار ستتم بشكل رئيس في دمشق ومخابئ أخرى مختلفة، مع عدم ظهور هؤلاء الضباط علنا إلا في مناسبات نادرة.

وقال العلي إن جميع المجموعات التابعة للحرس الثوري والممولة منه "تقع الآن تحت قيادة ضباط حزب الله، باستثناء لواء فاطميون الذي يعمل مع حزب الله عبر غرفة عمليات للتنسيق".

وأضاف أن هذا الأمر يمنح ميليشيا فاطميون الخاضعة لسيطرة الحرس الثوري الإيراني والمكوّنة من مقاتلين أفغان، حرية كبيرة للتدخل والانتشار واتخاذ القرارات.

أما بالنسبة لباقي الفصائل المسلحة، فأكد أنها لا تملك سلطة على الأرض إلا بأوامر حزب الله، "وخاصة الجماعات المحلية التي أصبحت تابعة تماما لسلطة حزب الله".

هل أعجبك هذا المقال؟


يرجى إدخال الأرقام *