عدالة

الميليشيات المدعومة من إيران تستغل الحدود العراقية-السورية كـ 'شريان تهريب رئيس'

تستخدم الميليشيات الطرق البرية والبحرية والجوية لنقل العناصر والأسلحة والعتاد والمخدرات عبر المنطقة بأسرها، ما يؤدي إلى نشر الفوضى والدمار.

انخرطت ميليشيا كتائب حزب الله وغيرها من الميليشيات التي تدعمها إيران في عمليات تهريب واسعة للمخدرات غير القانونية والأسلحة والمقاتلين عبر منطقة الشرق الأوسط. [وكالة إيرنا]
انخرطت ميليشيا كتائب حزب الله وغيرها من الميليشيات التي تدعمها إيران في عمليات تهريب واسعة للمخدرات غير القانونية والأسلحة والمقاتلين عبر منطقة الشرق الأوسط. [وكالة إيرنا]

أنس البار |

تستمر الميليشيات التي تدعمها إيران في تحدي التدابير الأمنية المشددة عبر قيامها بعمليات تهريب برا وبحرا وجوا في مختلف أنحاء منطقة الشرق الأوسط.

وتواصل مجموعات من المقاتلين وشحنات الأسلحة والصواريخ في التدفق إلى الأراضي السورية عبر الطرق التي تسيطر عليها تلك الميليشيات، حسبما قالت مصادر لفريق عمل الفاصل.

إلى هذا، تلعب الميليشيات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني دورا محوريا في تسهيل تهريب مادة كريستال ميثامفيتامين وحبوب الكبتاغون التي تنقل من سوريا إلى العراق، ومن هناك إلى وجهتها النهائية في دول الخليج.

وتنشط تلك الفصائل أيضا في تهريب الأدوية والوقود والأغنام والمحاصيل والتبغ والسلع المنزلية وحتى الممتلكات الخاصة والعامة المسروقة، مثل الكبلات الكهربائية وخردة المعادن، حسبما تقول المصادر.

قافلة شاحنات تحمل أسلحة إيرانية مهربة تدخل سوريا من العراق عبر المعبر الحدودي في قرية الهري، وفقا لشبكة عين الفرات. وقد نشرت الشبكة هذه الصورة يوم 23 كانون الثاني/يناير. [شبكة عين الفرات]
قافلة شاحنات تحمل أسلحة إيرانية مهربة تدخل سوريا من العراق عبر المعبر الحدودي في قرية الهري، وفقا لشبكة عين الفرات. وقد نشرت الشبكة هذه الصورة يوم 23 كانون الثاني/يناير. [شبكة عين الفرات]

وصرح الصحافي السوري عهد الصليبي لفريق عمل الفاصل أن ميليشيا كتائب حزب الله العراقية وغيرها من الميليشيات المتحالفة مع إيران تشرف على عمليات التهريب إلى سوريا وإدخال مجموعة منوعة من السلع، ومنها الممنوعات.

وأضاف الصليبي أن الطرق السرية المستخدمة لتهريب المسلحين والمواد لم تتغير عبر السنوات.

وأوضح أن تلك الطرق تتضمن في الغالب إخفاء الأسلحة ومكونات الصواريخ والمعدات الفتاكة على متن شاحنات محملة بالخضروات والفواكه، أو قوافل تحمل شحنات معونات إنسانية أو حافلات تنقل المدنيين في طريقهم لزيارة المواقع الدينية في سوريا.

وأشار إلى أن معظم أنشطة التهريب كانت تحدث عبر معبر عسكري حدودي في بلدة الحميدة في ريف البو كمال، وهو معبر يخضع بالكامل لسيطرة كتائب حزب الله وغيرها من الفصائل المتحالفة مع إيران.

وتابع أن بعض عمليات التهريب الصغيرة تتم عبر المعبر الحدودي في بلدة القائم.

الميليشيات تضر الاقتصاد وتعرض السكان للخطر

وقال الصليبي أن اختلافات واشتباكات خطيرة كثيرا ما تندلع بين الميليشيات التي تسيطر على المعابر الحدودية غير الرسمية في سوريا على خلفية توزرع إيرادات التهريب .

وفي هذا الإطار، اندلعت اشتباكات عنيفة في الأشهر الماضية بين الفصائل العراقية، لا سيما بين عصائب أهل الحق وميليشيا سيد الشهداء من جانب، وكتائب حزب الله من جانب آخر.

فقد اشتكت عناصر من عصائب أهل الحق وسيد الشهداء من أن أكرم أبو راما، وهو قيادي بارز في كتائب حزب الله، يحتكر السيطرة على المعابر الحدودية ويستولي على إيرادات التهريب.

وذكر الصليبي أن معبر السكك غير الشرعي للتهريب، الذي يقع في بلدة الهري السورية، قد أغلق مرارا وتكرارا بسبب الاشتباكات.

وكانت عملية الإغلاق تتم بناء على أوامر من حاج عباس، وهو مسؤول في الحرس الثوري الإيراني مقيم في البو كمال.

ووسط غياب أي تقدير دقيق للإيرادات التي تجنيها الميليشيات التي تدعمها إيران من عمليات التهريب، تشير التقارير تشير إلى أن الرقم يصل إلى ملايين الدولارات أسبوعيا.

هذا وتضر أنشطة التهريب المتواصلة التي تقوم بها الميليشيات الاقتصاد العراقي وأيضا سكان البلدات الحدودية في سوريا، إذ أنها تؤدي إلى زيادة أسعار السلع الأساسية، لا سيما الغذائية منها.

ويواجه سكان البلدات الحدودية في سوريا ظروفا اقتصادية سيئة، ويرافق ذلك شكاوى واسعة حتى بين أولئك الموالين للنظام السوري، حسبما أوضح الصليبي.

وأضاف أنه علاوة على ذلك، تعرض الميليشيات حياة الأهالي للخطر عبر تحويل بلداتهم إلى مستودعات لتحزين الأسلحة والذخائر والصواريخ متوسطة وطويلة المدى.

وأوضح أنه منذ العام 2017، سعى الحرس الثوري الإيراني لبسط نفوذه في دير الزور وتحويل المنطقة الحدودية إلى "شريان تهريب رئيس" يدعم مصالح ميليشياته ويخدم سياسات إيران التوسعية في الشرق الأوسط.

الميليشيات تنشر الفوضى

بدوره، قال نورس العرفي، وهو صحافي بشبكة عين الفرات، إن الفصائل التابعة للحرس الثوري الإيراني تحاول محو الحدود بين العراق وسوريا.

وأضاف أن "الميليشيات تزعم أنها متمركزة في الشريط الحدودي لحمايته من تنظيم 'الدولة الإسلامية' (داعش)، لكن ذلك لا يعدو كونه ذريعة، إذ أن هدفها الحقيقي هو الهيمنة على المنطقة الحدودية وتهريب ما تريد بدون أي إشراف أو مساءلة".

وتابع في تصريح لفريق عمل الفاصل أن هذه الميليشيات تستخدم اليوم طرقا سرية وأنفاقا ومخابئ كان تنظيم داعش قد حفرها إبان احتلاله لبلدات دير الزور، وذلك لإخفاء الأسلحة التي يتم تهريبها من إيران عبر العراق.

وتابع أن الأسلحة تنقل بعد ذلك برا أو بحرا أو جوا إلى حزب الله اللبناني والحوثيين الذين تدعمهم إيران في اليمن وغيرهم من أذرع إيران، الذين يستخدمون تلك الأسلحة في زعزعة استقرار المنطقة وجعلها غير آمنة.

وأوضح العرفي أن الميليشيات التي تدعمها إيران تعيث فسادا عبر إنتاج ونشر المخدرات غير القانونية مثل حبوب الكبتاغون ومادة الميثافيتامين (كريستال ميث).

هذا وقد أصبحت سوريا رائدة على مستوى العالم في إنتاج الكبتاغون الذي يتم تهريب الكثير منه عبر لبنان من خلال حزب الله.

وتتورط الدائرة المقربة من الرئيس السوري بشار الأسد بشدة في هذه التجارة غير المشروعة، وتمكن وتسهل من تصنيع الكبتاغون وغيره من المخدرات غير المشروعة وتهريبها في جميع أنحاء المنطقة وتجني منها أرباحا طائلة.

وأوضح الصليبي أنه في المناطق الحدودية، مثل القائم والبو كمال والهري، أغرق التواجد الخبيث للميليشيات حياة السكان المحليين في البؤس والفقر، ما يجعلهم أكبر مجموعة من ضحايا إيران.

وذكر أن "ميليشيات الحرس الثوري الإيراني تضايق السكان وتدمر حياتهم وأرزاقهم فيما تحاول دفعهم للانضمام لصفوفها. وتعتزم استخدام الأهالي كوقود في حروب النظام الإيراني وتدخلاته وسياساته السخيفة".

عمليات أمنية ناجحة

ووفق إحصائيات رسمية، اعتقلت القوات العراقية في الأشهر الثمانية الماضية نحو 10 آلاف فرد متهم بتهريب المخدرات والضلوع في عمليات التهريب وذلك خلال عمليات نفذت في بغداد والبصرة وميسان ومناطق أخرى.

وقام العراق يوم 16 تموز/يوليو بتفكيك مصنع للكبتاغون في محافظة المثنى الجنوبية، وهو الأول من نوعه في العراق.

وقالت السلطات العراقية إنها لم تجد من قبل مختبرات تنتج المخدرات غير القانونية التي يتم في العادة تهريبها إلى العراق من إيران وسوريا.

وبين كانون الثاني/يناير ونهاية حزيران/يونيو، ضبط ما إجماله 600 كجم من المخدرات، وبالأخص مادة كريستال ميث والحشيش والكبتاغون.

وقال حسين التميمي مدير قسم علاقات وإعلام المديرية العامة لشؤون المخدرات لوكالة الأنباء العراقية في 16 تموز/يوليو، إن كميات المخدرات التي ضبطت في النصف الأول من العام أكبر من تلك التي ضبطت في العامين الماضيين.

وقبل شهر، أعلنت عمان يوم 22 حزيران/يونيو عن تفكيك شبكة دولية لتهريب المخدرات وضبط ما يزيد عن 6 مليون قرص كبتاغون خلال عملية ضبط قامت بها شرطة عمان السلطانية بمساعدة السلطات السعودية.

وذكرت وكالة الأنباء العمانية الرسمية أن الشبكة كانت تهرب المخدرات عبر الحدود البرية والبحرية.

وكانت المخدرات مخزنة في مخابئ مختلفة بنية تصديرها.

وأضافت الوكالة أن "التمويه الذي قام به المهربون كان ذكيا، لكن رقابة الإدارة العامة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في شرطة عمان السلطانية والسلطات السعودية المعنية أفشلت العملية كانت أذكى".

وفي البحر، تعمل قوات حرس الحدود الإقليمية والقوات البحرية الدولية على ملاحقة هذه التجارة غير القانونية.

فقد فشلت سفينتا صيد غادرتا ميناء شهبار الإيراني في منتصف أيار/مايو وعلى متنهما شحنات ضخمة من المخدرات الفتاكة، في الوصول إلى وجهتهما النهائية بفضل يقظة القوة البحرية المشتركة متعددة الجنسيات.

فأثناء عبور السفينتين خليج عُمان بتاريخ 8 و10 أيار/مايو، تم اعتراضهما من قبل سفينة استجابة سريعة تابعة لخفر السواحل الأميركي وتعمل تحت مظلة قوة المهام المشتركة 150.

وتعد قوة المهام المشتركة 150 واحدة من أصل 5 قوى مهام تديرها القوات البحرية المشتركة، وهي تحالف بحري مؤلف من 34 عضوا. وتركز على مكافحة الإرهاب والمخدرات، وقد حققت نتائج ملحوظة.

ومنذ العام 2021، ضبطت القوات البحرية المشتركة مخدرات تزيد قيمتها عن 1 مليار دولار أميركي أثناء إجراء دوريات في المياه الدولية عبر الشرق الأوسط.

هل أعجبك هذا المقال؟


يرجى إدخال الأرقام *