أنس البار | 2024-01-20

تتخذ الولايات المتحدة وحلفاؤها إجراءات لوضع حد لهجمات إيران ووكلائها على حركة المرور البحرية في الممرات المائية الدولية الاستراتيجية، بما في ذلك البحر الأحمر ومضيق هرمز عند بوابة الخليج.

وفي 11 كانون الثاني/يناير، استولت القوات البحرية الإيرانية على ناقلة النفط سانت نيكولاس التي ترفع علم جزر مارشال في خليج عُمان بالقرب من مضيق هرمز.

وكانت سفينة سانت نيكولاس التي استأجرتها شركة تكرير النفط التركية توبراس، محملة بنفط عراقي خام تم شراؤه من شركة تسويق النفط (سومو).

وصعد رجال ملثمون يرتدون ملابس عسكرية سوداء على متن الناقلة أثناء مرورها على بعد نحو 50 ميلا بحريا شرقي مدينة صحار الساحلية في عُمان.

وبعد ذلك بوقت قصير، قالت هيئة عمليات التجارة البحرية التابعة للجيش البريطاني في منشور على موقع إكس إنها فقدت الاتصال بالناقلة.

وذكرت قناة العربية أن موقع تانكر تراكرز قال إنه حدد موقع سانت نيكولاس في 13 كانون الثاني/يناير شرقي جزيرة قشم الإيرانية، إلا أن نظام التعرف الآلي الخاص بها كان خارج الخدمة.

وقالت شركة الشحن اليونانية إمباير نافيغيشن التي تمتلك السفينة، إن طاقم السفينة مؤلف من مواطن يوناني و18 فلبينيا.

وأضافت الشركة في بيان صدر يوم الأحد، 14 كانون الثاني/يناير، أن أحد شركائها اتصل بالسلطات الإيرانية ونقل أن "جميع أفراد الطاقم على متن السفينة سانت نيكولاس آمنون وبصحة جيدة".

وكشفت الشركة أنها لم تتمكن من الاتصال مباشرة بطاقم السفينة التي ترفع علم جزر مارشال والمكون من 19 فردا، علما أنها راسية في محيط ميناء بندر عباس الإيراني، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

وكانت سفينة سانت نيكولاس تحمل 145 ألف طن متري من النفط الخام من البصرة في العراق، وكانت متوجهة إلى ميناء في تركيا عبر قناة السويس.

ومن جانبها، أوضحت شركة أمبري البريطانية للأمن البحري خلال الأسبوع الجاري أن الناقلة التي أعيد تسميتها مؤخرا سبق أن تمت مقاضاتها وتغريمها لحملها النفط الإيراني الخاضع للعقوبات.

وفي أيلول/سبتمبر، قالت الولايات المتحدة إنها اعترضت قبل عدة أشهر سفينة سويس راجان وصادرت حمولتها البالغة 980 ألف برميل من النفط الخام.

وقالت وزارة العدل الأميركية في حينه إن ثمة معلومات تفيد بأن الحرس الثوري الإيراني أقدم على بيع النفط الموجود على متن الناقلة المدارة من اليونان إلى الصين.

زعزعة الأمن البحري

ودانت الولايات المتحدة العمل الإيراني وطالبت بالإفراج الفوري عن الناقلة وطاقمها.

في السياق نفسه، قال المحلل السياسي طارق الشمري للفاصل إن استيلاء إيران على سفينة سانت نيكولاس ليس الحادث الأول من نوعه، لافتا إلى أن الحرس الثوري استولى العام الماضي على ناقلات نفط في المياه نفسها.

وأكد أن تصرفات إيران التي تهدف إلى الإضرار بالأمن البحري، تأتي في إطار سعي طهران إلى بسط نفوذها في المنطقة وابتزاز المجتمع الدولي.

واعتبر الشمري الحادث الأخير عملا عدائيا ضد العراق الذي يعتمد اقتصاده بشكل أساسي على عائدات مبيعات نفطه إلى العالم.

وأضاف أن فعل طهران "يقوض ادعاءات المسؤولين الإيرانيين المتكررة بأن طهران حليفة بغداد وتدعم استقرارها وازدهارها".

وأأشار إلى أن أعمال القرصنة المتكررة التي تقوم بها إيران في مضيق هرمز وهجماتها في البحر الأحمر تظهر إلى أي مدى تواصل انتهاك القوانين والأنظمة الدولية، ويبدو أنها مصممة على تصعيد أعمالها التخريبية.

وجود أميركي معزز

يُذكر أن منطقة الخليج تعد موقعا لاثنين من أهم ممرات الحركة البحرية في العالم وهما مضيق هرمز ومضيق باب المندب عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.

ويمر سنويا نحو سدس إنتاج النفط العالمي وثلث الغاز الطبيعي المسال في العالم عبر مضيق هرمز، بينما تمر نحو 17 ألف سفينة عبر باب المندب.

وشهدت حركة الشحن في هذا الممر المائي الحيوي تراجعا حادا في الوضع الأمني وسط استمرار هجمات الحوثيين المدعومين من إيران ضد الشحن التجاري من اليمن.

وفي خطوة رامية إلى مواجهة هذه التهديدات، هاجمت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بدعم من عدد من الحلفاء عدة مواقع عسكرية للحوثيين في اليمن.

وأعلنت الولايات المتحدة في مطلع الشهر الجاري عن تشكيل تحالف متعدد الجنسيات تحت اسم عملية حارس الازدهار لضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر.

إلى هذا، عزز الأسطول الخامس للبحرية الأميركية وجوده في مياه الخليج من خلال 3 آلاف بحار وجندي إضافي والسفينة الهجومية البرمائية يو إس إس باتان وسفينة الإنزال يو إس إس كارتر هول.

وإن نطاق عمليات الأسطول الخامس يمتد على مساحة تبلغ نحو 2.5 مليون ميل مربع، وتشمل خليج عُمان والبحر الأحمر وأجزاء من المحيط الهندي ومضيق هرمز وقناة السويس ومضيق باب المندب.

أعمال إيران التوسعية

ومن جهته، قال مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل حسين للفاصل إن الوجود الأميركي في المنطقة "يعد جزءا من حضور استراتيجي يضمن الأمن للتجارة العالمية والتوازن في العلاقات الدولية".

وأضاف أن "واشنطن والمجتمع الدولي لن يقفوا مكتوفي الأيدي في مواجهة محاولات إيران المستمرة لتقويض الأمن والاستقرار الإقليميين بواسطة الحوثيين وحزب الله اللبناني أو وكلائها المسلحين الآخرين في العراق وسوريا.

وتابع حسين أن "الجهود الدولية تركز على منع النظام الإيراني من استخدام هؤلاء الوكلاء لتأجيج الوضع الحرج في الشرق الأوسط وتحقيق أهدافهم الطموحة في التوسع والهيمنة".