أمن
نشر القوات الأميركية في الشرق الأوسط وسط شكوك حول مصداقية إيران
يزعم النظام الإيراني أنه يسعى لتحقيق الاستقرار في المنطقة، لكن مضايقاته المتواصلة للسفن التجارية التي تعبر المياه الدولية تثبت عكس ذلك.
فريق عمل الفاصل |
خلافا لمزاعمه بأنه يسعى لتحقيق الاستقرار في المنطقة، يواصل النظام الإيراني سلوكه العدائي مع محاولاته الأخيرة لاحتجاز السفن التجارية التي تعبر مضيق هرمز وبحر العرب.
وفي ضوء الحاجة لحماية السفن التي تعبر المياه الدولية من إيران، اضطرت الولايات المتحدة لنشر آلاف البحارة ومشاة البحرية في منطقة الشرق الأوسط يوم 6 آب/أغسطس.
ففي 5 تموز/يوليو، أجهض الجيش الأميركي بالفعل محاولتين للبحرية الإيرانية لاحتجاز ناقلات تجارية في المياه الدولية قبالة سواحل عمان.
وكانت سفينة تابعة للبحرية الإيرانية قد اقتربت من الناقلة تي آر إف موس التي ترفع علم جزر المارشال في خليج عمان وحاولت احتجازها، لكن السفينة "غادرت المكان عند وصول مدمرة الصواريخ الموجهة الأميركية يو إس إس ماكفول إلى المكان"، حسبما قالت القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية في نشرة إخبارية.
ونشرت البحرية الأميركية أيضا طائرات مراقبة، منها المسيرة إم كيو-9 ريبر وطائرة الدوريات البحرية بي-8 بوسيدون.
وبعد نحو ثلاث ساعات، تلقت البحرية الأميركية نداء استغاثة من ناقلة النفط ريتشموند فواياجور التي ترفع علم جزر الباهاما، وهي على مسافة تزيد عن 32 كم قبالة ساحل مسقط وتقوم بعبور المياه الدولية نحو بحر العرب.
وقالت القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية إن "سفينة إيرانية أخرى كانت قد اقتربت لمسافة ميل واحد [1.6 كم] من الناقلة ريتشموند فواياجور مطالبة في الوقت نفسه الناقلة التجارية بالتوقف".
فما كان من المدمرة ماكفول إلا أن توجهت نحو الناقلة بأقصى سرعة فيما واصلت الناقلة التجارية العبور، حسبما أضافت القيادة.
وقبيل وصول المدمرة، "أطلق العسكريون الإيرانيون عدة رشقات طويلة من الرصاص من كل من الأسلحة الخفيفة والأسلحة التي يستخدمها أفراد الطاقم".
ومع أن ناقلة النفط لم تتكبد أي خسائر أو تتعرض لأضرار كبيرة، لكن عدة رصاصات أصابت بدن السفينة بالقرب من أماكن إقامة الأطقم.
وهربت السفينة الإيرانية عند وصول المدمرة ماكفول.
دول الخليج قلقة من إيران
وفي محاولة من إيران لكسب حلفاء لها في ظل عزلتها الدولية المتزايدة، اتخذ المسؤولون الإيرانيون خطوات في مطلع العام الجاري لوضع حد لخلاف دبلوماسي مع السعودية وإعادة العلاقات معها.
وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان في 17 حزيران/يونيو إن المملكة تريد تعزيز الأمن البحري في منطقة الخليج كجزء من تقربها من إيران.
وبدوره، قال وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبداللهيان في مؤتمر صحافي مشترك متلفز عقد في طهران، إن الأمن يعد ملفا أساسيا لدول المنطقة.
وتأمل إيران أيضا أن تدخل السعودية ودولا أخرى في تحالف بحري بالمحيط الهندي.
لكن اقتراح إيران المشكوك فيه فشل في كسب قوة دفع لدى بلدان المنطقة، مع قول مراقبين إن الفكرة تهدف إلى "منح الشرعية" لحملة إيران المتواصلة لزعزعة الاستقرار وممارسة الاعتداءات.
وفي بيان صدر في 2 حزيران/يونيو للإعلان عن نية إيران تشكيل تحالف بحري في الخليج، زعم قائد البحرية الإيرانية الأدميرال شهرام إيراني أن التشكيل العسكري الجديد من شأنه حماية الملاحة في المياه الإقليمية.
وحدد الدول الأعضاء بالتحالف على أنها تضم العراق والسعودية والإمارات وقطر والبحرين وباكستان والهند.
ولكن أنشطة إيران في مضيق هرمز الذي يقع عند مدخل الخليج ويمر عبره خُمس صادرات النفط في العالم، تثير الشكوك بشأن مصداقية النظام في ضمان أمن المنطقة.
وقال المحللون إن الدول المجاورة لإيران لا تثق بها لأسباب عديدة، بما في ذلك النزاع بينها وبين الإمارات حول ثلاثة جزر هي أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى.
وقال المتحدث باسم القوات البحرية المشتركة تيم هوكينز إنه "لأمر غير منطقي أن تدعي إيران، وهي السبب الأول وراء غياب الاستقرار في المنطقة، أنها تريد تشكيل تحالف أمني بحري لحماية المياه ذاتها التي تهددها".
'لا تنخدعوا'
بدوره، حذر الباحث السياسي العراقي عبد القادر النايل دول الخليج من الانخداع بأكاذيب إيران أو إعلاناتها المضللة.
وقال إنه على تلك الدول النظر إلى تدخل إيران في المنطقة ووجودها المسلح فيها، مضيفا أن "لدى إيران مشروع استيطاني هدفه احتلال عواصم عربية وابتلاع المنطقة".
وشدد على ضرورة أن تتعامل دول الخليج مع هذه المسألة بذكاء وحذر.
وأوضح النايل "أعتبر تشكيل تحالف خطوة خبيثة من قبل إيران تهدف لإعطاء شرعية لتواجد الحرس الثوري في المياه الإقليمية لدول الخليج".
وأضاف "عندما تتمركز هذه القوات وتبدأ إيران بتضليل المجتمع الدولي بأن قواتها لحماية الملاحة البحرية، فهي ستذهب مستقبلا لتأسيس قواعد عسكرية".
وحذر قائلا إنها "لن تسحب قواتها" من تلك القواعد، "حتى لو تم إلغاء الاتفاقيات المبرمة في هذا الإطار".
القوات الأميركية تواجه المضايقات الإيرانية
وعقب تزايد الاعتداءات الإيرانية ضد السفن التجارية، عزز الجيش الأميركي في أيار/مايو حركة تناوب السفن والطائرات التي تنفذ دوريات في مضيق هرمز.
ويوم 6 آب/أغسطس، وصل أكثر من 3000 من البحارة ومشاة البحرية في مجموعة باتان البرمائية الجاهزة ووحدة المارينز الاستطلاعية 26 إلى منطقة الشرق الأوسط في إطار عملية نشر لوزارة الدفاع الأميركية أعلنت عنها مسبقا.
ودخلت سفينة الهجوم البرمائية يو إس إس باتان وسفينة الإنزال يو إس إس كارتر هول البحر الأحمر بعد عبور البحر المتوسط عبر قناة السويس.
وتجلب مجموعة باتان البرمائية الجاهزة ووحدات المارينز الاستطلاعية 26 للمنطقة المزيد من الأصول الجوية والبحرية، إلى جانب المزيد من مشاة البحرية والبحارة، ما يوفر المزيد من المرونة والقدرات البحرية للأسطول الخامس الأميركي، حسبما قالت القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية.
من جهته، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي للولايات المتحدة جون كيربي "لقد شهدنا أنشطة إيرانية خطرة متكررة وعمليات مصادرة للأسلحة وهجمات على سفن تجارية تمارس حقوقها وحريتها المشروعة بالملاحة في المياه الدولية والممرات المائية الاستراتيجية في المنطقة".
وفي 3 أيار/مايو، أحاط أسطول من السفن السريعة التابعة لبحرية الحرس الثوري بالناقلة نيوفي التي تحمل علم بنما والمملوكة لليونان أثناء إبحارها من دبي باتجاه ميناء الفجيرة الإماراتي.
وجاءت عملية احتجاز السفينة في مضيق هرمز بعد ستة أيام من حادث مماثل في مياه الخليج، حين هبطت قوات خاصة من البحرية الإيرانية محمولة بالمروحيات على سطح الناقلة أدفاتتشج سويت التي تحمل علم جزر المارشال وكانت في طريقها إلى الولايات المتحدة.
ويوم 12 أيار/مايو، أعلنت وسائل الإعلام الإيرانية أن إيران كانت قد احتجزت ناقلة ثالثة، وهي الناقلة بيورتي التي تحمل علم بنما.
وقالت مجموعة الأزمات الدولية إنه في يوم 4 حزيران/يونيو، استجابت سفن أميركية وبريطانية، مدعومة بطائرة دورية، لنداء استغاثة من سفينة تجارية تعبر مضيق هرمز حيث ضايقتها القوارب السريعة التابعة لبحرية الحرس الثوري.
وبعد عشرة أيام، أشارت تقارير إعلامية إلى أن إيران "اختبرت مسيرة انتحارية ضد سفينة تدريب في الخليج وأطلقت صاروخا آخر أو مسيرة أخرى دون تحذير السفن في المنطقة"، حسبما أضافت المجموعة.
ووفق مسؤول أميركي لم يتم الكشف عن هويته، فقد كانت إيران "تتدرب أساسا على ضرب السفن التجارية. فهذا هو السبب الوحيد الذي يجعلك تفعل ذلك في خليج عمان".
وقالت القيادة المركزية الأمريكية عقب الحادث "منذ عام 2021، قامت إيران بمضايقة أو مهاجمة أو الاستيلاء على ما يقرب من 20 سفينة تجارية ترفع علما دوليا، ما يمثل تهديدا واضحا للأمن البحري الإقليمي والاقتصاد العالمي".