حقوق الإنسان

اضطراب ما بعد الصدمة لا يزال يطبع الفتيان الإيزيديين

لا يزال آلاف الفتيان الإيزيديين الذين تم احتجازهم وتعرضوا لغسل الدماغ على يد داعش يتلقون الدعم لتجاوز الصدمة النفسية العنيفة.

أفراد من المكون الإيزيدي بالعراق يرفعون لافتات حدادا على ضحايا مجزرة آب/أغسطس 2014 في قضاء سنجار بمحافظة نينوى بتاريخ 15 آب/أغسطس 2023، وهو يوم إحياء ذكرى الهجوم. [زيد العبيدي/وكالة الصحافة الفرنسية]
أفراد من المكون الإيزيدي بالعراق يرفعون لافتات حدادا على ضحايا مجزرة آب/أغسطس 2014 في قضاء سنجار بمحافظة نينوى بتاريخ 15 آب/أغسطس 2023، وهو يوم إحياء ذكرى الهجوم. [زيد العبيدي/وكالة الصحافة الفرنسية]

أنس البار |

جاء في تقرير جديد أن الفتيان الإيزيديين الذين احتجزوا فيما كانوا أطفالا على يد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وتم تلقينهم فكر التنظيم العنيف وأجبروا حتى على القتال، لا يزالون يعانون من الصدمة.

وكتبت المحللة فيكتوريا مالدونادو في تقرير نشر في 15 أيار/مايو بمركز الدراسات الأمنية بجامعة جورج تاون "لم يكن هؤلاء الفتيان مجرد ضحايا ثانويين".

وتابعت "بل استهدفهم تنظيم داعش كوسيلة لإدامة الإبادة الجماعية عبر الاستيعاب القسري والتلقين العقائدي".

وأشار التقرير إلى أن الكثير من الأطفال عادوا وهم يتكلمون العربية عوضا عن الكردية، ما زاد من العوائق أمام لم شمل العائلات وإعادة دمج أبناء المجتمع، علما أن البعض قد نسي لغته الأم أي الكرمانجية بالكامل.

وفي دراسة سريرية نشرتها المجلة البريطانية للطب النفسي في عام 2018، تم تقييم الأثر النفسي للتجارب الصادمة في 81 طفلا إيزيديا كانوا جنودا لدى داعش بين عامي 2014 و2017 على مدى 6 أشهر على الأقل.

وتطابقت حالة نصف الفتيان تقريبا الذين كانت تتراوح أعمارهم آنذاك بين 8 و14 سنة، مع معايير اضطراب ما بعد الصدمة، مع وجود معدلات مرتفعة مماثلة للاكتئاب واضطرابات القلق.

وفي هذا السياق، قالت النائبة الايزيدية في البرلمان العراقي فيان دخيل إن "الأطفال الذين سقطوا في أسر داعش تعرضوا للتعذيب والعنف والعبودية. فقد تم زج الفتيان في معسكرات تدريب بينما عانت الفتيات من الانتهاكات الجنسية".

وذكرت للفاصل "أُرغم الجميع على محو هويته ولغته وماضيه عبر التلقين الإجباري وتسميم العقول بالأفكار والمعتقدات المتطرفة".

وأشارت إلى صعوبة التعافي وإعادة التأهيل بشكل خاص لمن تم أسرهم في سن صغيرة.

الطريق نحو التعافي

هذا ويعمل متطوعون ومعالجون نفسيون في مخيمات إيواء بمحافظة دهوك العراقية على مساعدة مئات الناجين على التعافي وإعادة الاندماج في مجتمعاتهم من خلال برامج إعادة تأهيل متخصصة.

وتهدف هذه البرامج لمعالجة السلوكيات العدوانية وعلامات الانزواء والاضطراب المزاجي والاستذكار المتكرر للتجارب الصادمة.

وقال المتطوع في أحد البرامج حازم خليل للفاصل إن الأنشطة تشمل فعاليات ترفيهية جماعية كالرسم والغناء والرياضة في الهواء الطلق.

وأضاف أن جلسات الإرشاد المكثفة والإصغاء والتكلم مع كل ضحية على حدة يساعدهم في استعادة ثقتهم بأنفسهم وتخطي الذكريات المؤلمة والنظر للمستقبل.

وتركز جهود إعادة التأهيل إلى حد كبير على مواجهة هيمنة داعش.

وتابع خليل "نحاول تنمية هواياتهم وتغذيتهم بالأفكار الصحيحة واقتلاع كذب الدواعش وسموم عقيدتهم الإرهابية من جذورها".

فيما أوضحت دخيل أن عدة مؤسسات من المجتمع المدني تقدم الآن العلاج للأطفال المصابين بأعراض ما بعد الصدمة، "لا سيما ممن فقدوا أطرافهم أو كانوا شهودا على مذابح طالت ذويهم".

وذكر خليل أن الإيزيديين يطالبون الحكومة أيضا بتوفير رعاية شاملة وتعويضات لجميع ضحايا داعش، لافتا إلى أن الإهمال والتهميش قد يحولان الناجين الذين يعانون من صدمة إلى أدوات عنف في المستقبل.

Do you like this article?


سياسة الفاصل بشأن التعليقات

يرجى إدخال الأرقام *