إرهاب

مقابلات عائلة البغدادي تعيد فتح جروح ضحايا داعش

شكلت مقابلات قناة العربية مع زوجتي زعيم داعش أبو بكر البغدادي وابنته تذكيرا مؤلما بضرورة القضاء على التنظيم.

أشخاص يشاركون في مراسم تشييع أقيمت لرفات 41 ضحية من الأقلية الإيزيدية تم إعدامهم على يد تنظيم داعش في العام 2014، وذلك أمام نصب تذكاري في قضاء سنجار بمحافظة نينوى في 24 كانون الثاني/يناير. [زيد العبيدي/وكالة الصحافة الفرنسية]
أشخاص يشاركون في مراسم تشييع أقيمت لرفات 41 ضحية من الأقلية الإيزيدية تم إعدامهم على يد تنظيم داعش في العام 2014، وذلك أمام نصب تذكاري في قضاء سنجار بمحافظة نينوى في 24 كانون الثاني/يناير. [زيد العبيدي/وكالة الصحافة الفرنسية]

أنس البار |

فتحت المقابلات الحصرية التي أجرتها قناة العربية مع زوجتي وابنة زعيم داعش المقتول أبو بكر البغدادي جروحا قديمة لدى العديد من العراقيين، لا سيما أبناء المجتمع الإيزيدي الذين عانوا الويلات على يد التنظيم.

وأعرب عراقيون تحدثوا إلى موقع الفاصل بعد المقابلات التي تم بثها في 15 شباط/فبراير عن غضبهم من التنظيم المتطرف وإرثه العنيف، مطالبين القوات العراقية والتحالف الدولي بالقضاء على فلوله.

وفي المقابلات، كشفت زوجة البغدادي الأولى أسماء محمد الكبيسي وزوجته الثالثة نور ابراهيم وابنته أميمة البغدادي عن تفاصيل لم تكن معروفة سابقا عن الحياة الخاصة لزعيم داعش.

وتحدثن عن شخصية البغدادي وزيجاته وعلاقاته مع مساعديه المقربين، إضافة إلى إعلانه "الخلافة" المزعومة في حزيران/يونيو 2014.

كشفت أسماء محمد الكبيسي الزوجة الأولى لزعيم داعش أبو بكر البغدادي أسرارا عن زوجها السابق خلال مقابلة أجرتها مع قناة العربية. [العربية]
كشفت أسماء محمد الكبيسي الزوجة الأولى لزعيم داعش أبو بكر البغدادي أسرارا عن زوجها السابق خلال مقابلة أجرتها مع قناة العربية. [العربية]
صورة التقطت من الجو في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2019 تظهر مكان مقتل زعيم داعش أبو بكر البغدادي بغارة نفذتها قوات أمريكية خاصة بالقرب من قرية بريشا الصغيرة شمالي غربي سوريا. [عمر الحاج قدور/وكالة الصحافة الفرنسية]
صورة التقطت من الجو في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2019 تظهر مكان مقتل زعيم داعش أبو بكر البغدادي بغارة نفذتها قوات أمريكية خاصة بالقرب من قرية بريشا الصغيرة شمالي غربي سوريا. [عمر الحاج قدور/وكالة الصحافة الفرنسية]

ووصفن اللحظات الأخيرة للبغدادي قبل مقتله بغارة نفذتها قوات أمريكية خاصة على مخبأه في محافظة إدلب السورية في تشرين الأول/أكتوبر 2019.

وسلّطن ضوءا جديدا على أبشع جرائم داعش التي نفذت تحت قيادة البغدادي، بما في ذلك احتجاز نساء إيزيديات للاستعباد الجنسي.

والنساء الثلاثة هن حاليا قيد الاحتجاز لدى القضاء العراقي إلى جانب أفراد آخرين من عائلة البغدادي، وذلك بعد أن تمت إعادتهن إلى بلدهن من تركيا حيث كن محتجزات منذ قرابة خمس سنوات.

وتم نقلهن إلى العراق ضمن خطة لإعادة ومحاكمة كل الإرهابيين الذين هربوا إلى خارج البلاد، حسبما ذكر مجلس القضاء الأعلى بالعراق.

ولكن تنتاب الكثير من العراقيين مشاعر متضاربة بشأن عودتهن.

هلع وهوس جنسي

وفي هذا الإطار، قال فاضل أبو رغيف، وهو خبير أمني مختص بالجماعات الإرهابية، لموقع الفاصل إن اعترافات نساء البغدادي أكدت "الشخصية النرجسية والفوقية" للبغدادي وخوفه الشديد على سلامته.

وحسبما ذكرت زوجته الأولى أسماء (المعروفة بأم حذيفة)، فإن البغدادي كان يخاف التنقل من مكان لآخر أو اقتناء هاتف جوال خشية أن يقتل بطائرة مسيرة أمريكية أو أن يكتشف مكانه من قبل أجهزة الاستخبارات.

ولفت أبو رغيف إلى أن ذلك يعكس "حجم الهلع الذي كان يسيطر على الإرهابي الأخطر بالعالم، وكيف كان مهتما فقط بأمنه الشخصي".

وأشارت الزوجة الأولى للبغدادي إلى أنه لم يشارك في أية معركة، إذ لم تظهر على جسمه أي إصابة، ما يكشف زيف ادعاءاته عن قيادته مقاتلي داعش في المعارك وتضليله أتباعه والزج بهم إلى الموت.

ونوه أبو رغيف إلى أن اعترافات النساء كشفت عن ولع زعيم التنظيم بالنساء وسعيه لإرضاء غرائزه الجنسية من خلال الزيجات المتعددة والاحتفاظ بعدد من السبايا الإيزيديات.

وفي هذه الأثناء، أجبر البغدادي ابنته أميمة على الزواج من رجل أكبر سنا منها بكثير عندما كان عمرها 12 سنة فقط.

غضب المجتمع الإيزيدي

هذا وأثارت مقابلات العربية موجة غضب شديد في المجتمع الإيزيدي بالعراق.

ففي مقابلة تلفزيونية، اتهمت النائبة العراقية فيان دخيل أسماء الزوجة الأولى للبغدادي بالمشاركة في ممارسة العنف ضد السبايا الإيزيديات.

يُذكر أن مقاتلي داعش هاجموا القرى الإيزيدية في شمالي العراق في آب/أغسطس 2014 وخطفوا نساء إيزيديات لأخذهن كسبايا، وكانوا يتناقلونهن ويتاجرون بهن في مختلف أنحاء المنطقة.

ولا يزال مصير نحو 2600 إيزيدي، معظمهم من النساء، مجهولا. وحتى الناجين منهم، فقد دمرت حياتهم جراء صدمة تجربتهم.

وفي هذا السياق، وصفت ناجية إيزيدية عمرها اليوم 37 عاما ذكرياتها عن هجوم الإرهابيين على قريتها كوجو بقضاء سنجار في محافظة نينوى في العام 2014، حيث قتل عناصر داعش مئات الرجال بدم بارد في كوجو بعد تفريقهم عن زوجاتهم وبناتهم.

وروت لموقع الفاصل كيف جرى اقتيادها مع آلاف النساء من سنجار إلى مناطق عدة وتم عرضهن للبيع لينتهي بها الأمر في نهاية المطاف في الموصل.

واستطاعت في مطلع العام 2017 الفرار من خاطفيها عندما كانت القوات العراقية تقاتل من أجل استعادة السيطرة على المدينة بمساعدة التحالف الدولي.

وأكدت الناجية أن المجازر والجرائم الأخرى التي ارتكبها التنظيم "لن تمحى من ذاكرة الإيزيديين".

وقالت "خسر أبرياء كثيرون حياتهم وتشردت عائلات وعشنا ويلات لا مثيل لها".

ووفقا لمنظمة يزدا الإيزيدية، فإن هجمات داعش ضد الإيزيديين أسفرت عن مقتل 1268 شخصا وخلفت نحو 2745 طفلا يتيما.

وذكرت المنظمة أنه تم اختطاف 6417 غيرهم بينهم 3548 امرأة وفتاة تعرضن للاستعباد الجنسي والسخرة، في حين أجبر قرابة الـ 400 ألف شخص على النزوح والعيش في المخيمات.

وبين عامي 2014 و2017 عندما كان التنظيم يسيطر على أراض واسعة بالعراق وسوريا، دفن رفات الآلاف من ضحاياه في عشرات المقابر الجماعية.

ضرورة القضاء على داعش

وقال عراقيون تحدثوا إلى موقع الفاصل إن المقابلات مع عائلة البغدادي شكلت تذكيرا بضرورة "إكمال المشوار" مع التحالف الدولي حتى سحق كل فلول داعش.

حيث قال رعد الدليمي، وهو من سكان بغداد، إن الاعترافات كانت مهمة ولكنها لم تكن صادمة، إذ أن الجميع يعرف من هو البغدادي وحقيقة فكره وتنظيمه الإجرامي.

وأضاف "الأهم الآن من وجهة نظري هو الاستمرار باستنزاف فلول الإرهاب وإنهاء وجودهم بمساعدة القوات الأمريكية والتحالف".

أما المواطن حسن سامي المقيم في بغداد أيضا، فاعتبر "عودة التنظيم لقوته السابقة أمرا مستحيلا".

وأكد أن التنظيم "صار من الماضي".

ولكنه حذر قائلا إن قدرة التنظيم على "التضليل وغسل الأفكار تبقى قائمة ومجابهتها تتطلب نشاطا استباقيا لاستهداف بؤر التطرف وتعاونا عراقيا دوليا بهذا الاتجاه".

هل أعجبك هذا المقال؟


يرجى إدخال الأرقام *