سماح عبد الفتاح | 2025-01-06

كان الزعيم الفعلي الجديد لسوريا أحمد الشرع الذي تخلى مؤخرا عن اسمه الحركي أبو محمد الجولاني، الشخصية الأبرز والأقوى في تنظيم القاعدة بسوريا.

ولكنه انفصل عن التنظيم المتطرف في عام 2016، موجها له ضربة قاصمة قوضت قوته ومكانته ونفوذه في سوريا وخارجها.

وكان ارتباط الشرع بالقاعدة قد بدأ في بداية الألفية، عندما انضم إلى زعيم القاعدة في العراق أبو مصعب الزرقاوي.

وارتقى في صفوف التنظيم وشكّل وترأس بدعم منه فرع القاعدة في سوريا أي جبهة النصرة في عام 2012. وعام 2016 قطع علنا علاقاته مع التنظيم ودمج لاحقا في عام 2017 جبهة النصرة في تحالف جديد هو هيئة تحرير الشام.

وقال محللون إن تنصل الشرع من تنظيم القاعدة الذي مكّنه من الصعود إلى الواجهة، كشف عن الضعف الكامن في التنظيم إذ أظهر أن عناصره يفتقرون للوحدة والتماسك الأيديولوجي، وهما من مفاخره الرئيسية.

وقالت الباحثة والأستاذة المحاضرة في الشؤون الدولية مي عبد الرحمن لموقع الفاصل إن تحول الشرع الأيديولوجي الدراماتيكي فضح تنظيم القاعدة كتجمع لانتهازيين متعطشين للدماء.

وأضافت أن أمراء التنظيم ينتظرون فرصة الانفصال عنه لتأسيس جماعات خاصة بهم، بدل التوحد حول أيديولوجيته المتشددة.

تحول الولاءات

وأكدت عبد الرحمن أن معظم الرجال الذين انضموا إلى القاعدة لديهم ميول إجرامية قوية. ويتضح ذلك من قسوتهم في قتل "المئات بل الآلاف" من المدنيين أو إصدار الأوامر بذلك.

وأوضحت أن تحول ولاءات مثل هؤلاء الرجال للحفاظ على قوتهم يعتبر أمرا طبيعيا استجابة للمتغيرات الإقليمية والدولية، مشيرة إلى أن هذا لم يكن ليحدث لو كان ارتباطهم بالتنظيم وثيقا.

وبدوره، قال المحلل الاستراتيجي والمختص بشؤون الجماعات الإرهابية يحيى محمد علي للفاصل إن انشقاقات كثيرة حصلت عن تنظيم القاعدة منذ نشأته.

ولكنه لفت إلى أن غالبية المنشقين استمروا في التمسك بالفكر الجوهري للتنظيم مع إدخال بعض التعديلات عليه، مشيرا إلى فروع القاعدة مثل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

إلا أن الشرع أعلن تنصله من تنظيم القاعدة وأيديولوجيته، حسبما أضاف.

وتابع أن ذلك وجه ضربة قوية للقاعدة، لا سيما لأن الشرع كان من قيادات الصف الأول في التنظيم وهو الأمر الذي أوصله إلى ما هو عليه الآن.

وذكر علي أن تحول الشرع يؤكد أن مسألة الانتماء للقاعدة واعتناق فكر التنظيم المتشدد ليس إلا وسيلة لتحقيق المنفعة الشخصية لا أكثر.

وأوضح أن كشف هذه الحقيقة سيعيق القاعدة في نشر أفكارها من جديد أو حتى السيطرة على ما تبقى من "أمرائه" وعناصره، إذ سيحاول أي منهم القيام بتصرف مماثل على غرار الشرع.