أمن

’واقع مرير‘ في بلدات جنوب لبنان المنكوبة بسبب ممارسات حزب الله

بعد مرور ستة أشهر على مهاجمة حزب الله إسرائيل من جنوب لبنان ورد إسرائيل المضاد، ما يزال سكان المنطقة يدفعون الثمن.

في بلدة طير حرفا الحدودية اللبنانية، تحوّلت المنازل إلى أنقاض كما يبدو هذا المنزل وأكلت النيران أراضيها الزراعية ونزح سكانها منذ أن بدأ حزب الله وإسرائيل تبادل إطلاق النار عبر الحدود. [الفاصل]
في بلدة طير حرفا الحدودية اللبنانية، تحوّلت المنازل إلى أنقاض كما يبدو هذا المنزل وأكلت النيران أراضيها الزراعية ونزح سكانها منذ أن بدأ حزب الله وإسرائيل تبادل إطلاق النار عبر الحدود. [الفاصل]

نهاد طوباليان |

بيروت -- من بلدتها ضهيرة جنوب لبنان، تلتقط فاطمة سويد خلال فترات الهدوء مقاطع فيديو بعدسة هاتفها المحمول، توثق عبرها تحوّل المنازل فيها إلى أكوام من الأنقاض والتهام النيران لأراضيها الزراعية.

تجربتها هذه يمرّ بها سكان قرى أخرى على الحدود الجنوبية للبنان مع إسرائيل، مع استيقاظهم يوميا على هذا الواقع المرير منذ أن قررحزب الله الدخول على خط الحرب بين إسرائيل وحماس.

وفقا لتقرير إخباري بثته قناة أم تي في اللبنانية في 8 أبريل/نيسان، نزح نحو 100 ألف شخص من الجنوب.

وأفاد التقرير أن أكثر من 8 آلاف دونم من الأراضي الزراعية والغابات احترقت جزئيا أو كليا بسبب القصف، وخسرت المنطقة 55 ألف شجرة معمرّة من الزيتون والسنديان والصنوبر.

أحد أهالي قرية طير حرفا يتفقد أنقاض منزله. [الفاصل]
أحد أهالي قرية طير حرفا يتفقد أنقاض منزله. [الفاصل]
منازل دُمّرت في بلدة الضهيرة الجنوبية مع تصعيد حزب الله هجماته على إسرائيل. نجا أصحاب هذا المنزل من القصف مع أطفالهم الأربعة. [الفاصل]
منازل دُمّرت في بلدة الضهيرة الجنوبية مع تصعيد حزب الله هجماته على إسرائيل. نجا أصحاب هذا المنزل من القصف مع أطفالهم الأربعة. [الفاصل]

وأشار التقرير إلى نفوق مئات الآلاف من الماشية، وخسارة المزارعين في المنطقة أكثر من 75 في المائة من الأنشطة الزراعية التي يعتمدون عليها.

هذا وتُقدر الخسائر الزراعية في الجنوب بنحو 3 مليارات دولار، إضافة إلى دمار جزئي أو كلّي لنحو 9 آلاف وحدة سكنية.

وقُتل أكثر من 300 شخص في أكثر من 55 قرية وبلدة جنوبية، معظمهم من مقاتلي حزب الله والجماعات المسلحة الأخرى، كما شملت الحصيلة 66 مدنيا.

منصّات إطلاق الصواريخ من البلدات

لفت السكان الذين تحدثوا للفاصل إلى أنهم لا يعوّلون على حزب الله لتعويضهم عن خسائرهم.

وفي هذا السياق، قال أحد سكان المنطقة للفاصل طالبا عدم ذكر اسمه أو اسم قريته، "قريتنا على الحدود، وهي تتعرض يوميا للقصف والدمار لأن حزب الله حولها إلى جبهة".

وأردف "لقد هُجّرنا من منازلنا وفقدنا ممتلكاتنا ومستقبل أطفالنا الذين حرموا من الدراسة".

وأضاف "لقد جرّنا حزب الله إلى حرب لا نريدها، ووضع منصات إطلاق صواريخه وسطنا، مهددا سلامتنا".

من جهتها أشارت سويد للفاصل إلى أن "حزب الله والمجموعات المسلحة اختاروا بلدتنا من أجل فتح جبهة حرب عبر وضع منصات صواريخهم فيها".

وتابعت قائلة "أطفالي الثلاثة خارج المدرسة، ولا توجد حياة كريمة بعيدا عن منزلي المدمر في الضهيرة".

واعتبرت سويد أن حزب الله لن يعوضهم عن خسائرهم "لأنه لا يهتم بنا بل بما تمليه عليه إيران".

نزوح أكثر من 100 ألف شخص

في حديثه للفاصل، اعتبر ابن بلدة طير حرفا والمعارض لحزب الله حسين عطايا، أن الجنوب "يدفع بقراه وبلداته ومدنه وأهله وأرواحهم وممتلكاتهم ثمن حرب المشاغلة التي أطلقها حزب الله بقرار إيراني".

وأكد أن 70 في المائة من المنازل في طير حرفا دُمرت جزئيا أو كليا، "وغالبية الاراضي الزراعية لم تعد صالحة لزراعة القمح والتبغ".

وكشف أن حزب الله وضع منصات إطلاق صواريخ في الضهيرة ومروحين وعيتا الشعب وعيترون وبليدا وحولا وميس الجبل ومرجعيون وحاصبيا، الأمر الذي عرّض هذه البلدات للخطر وأدّى إلى نزوح كثيف لسكانها.

وذكر عطايا أن أكثر من 100 ألف شخص اضطروا للنزوح من المنطقة، مضيفا "نحن نواجه تداعيات حرب حزب الله".

وسأل "من سيعوضنا عن خسائرنا الفادحة؟ بالتأكيد ليس حزب الله الذي يقدّم مصالح إيران على مصالح الشعب اللبناني".

ضربة هائلة للاقتصاد

أكد الخبير الاقتصادي أنطوان فرح للفاصل، أن الجنوب "أصبح منطقة منكوبة بعدما توسعت الحرب بين حزب الله وإسرائيل وتوقفت عجلة العمل في كل القطاعات الإنتاجية".

وقدّر الخسائر بـ 2.5 مليار دولار أميركي، فيما تقترب تكلفة حجم الدمار في المنازل والمؤسسات من 300 مليون دولار إضافية.

وشدد أيضا على أن "الدولة اللبنانية لا تملك القدرة المالية للتعويض عن هذه الخسائر، وهي ليست مسؤولة عن التعويضات لأن حزب الله هو المسؤول عن فتح جبهة الحرب وإدارتها".

وأكد فرح أن الجنوب لا يتحمل الخسائر وحده، مشيرا إلى أن الشعب اللبناني برمته والاقتصاد يعانيان من الخسائر، لا سيما القطاع السياحي.

وأضاف أن حرب حزب الله "رسمت صورة سوداوية للبنان في الخارج، وسيكون من الصعب استعادة ثقة العالم به والاستثمار فيه في أي وقت قريب".

هل أعجبك هذا المقال؟


يرجى إدخال الأرقام *

لولا المقاومة كانت اسراءيل وصلت الى بيروت