أمن

مخاوف متزايدة في لبنان من تداعيات هجوم حماس على إسرائيل

يتخوف العديد من اللبنانيين من أن تجر أفعال حزب الله على الحدود الجنوبية لبنان إلى حرب مدمرة مع إسرائيل.

جندي يؤمن الحراسة أمام منزل عند أطراف قرية الضهيرة الحدودية جنوبي لبنان في 11 تشرين الأول/أكتوبر بعد تبادل إطلاق نار بين حزب الله اللبناني وإسرائيل. [محمود زيات/وكالة الصحافة الفرنسية]
جندي يؤمن الحراسة أمام منزل عند أطراف قرية الضهيرة الحدودية جنوبي لبنان في 11 تشرين الأول/أكتوبر بعد تبادل إطلاق نار بين حزب الله اللبناني وإسرائيل. [محمود زيات/وكالة الصحافة الفرنسية]

نهاد طوباليان |

بيروت -- فرت عائلات لبنانية من المنطقة الحدودية ومدينتي صور وبنت جبيل الجنوبيتين شمالا باتجاه العاصمة، في ظل تبادل إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في أعقاب هجوم حركة حماس المنفذ على إسرائيل من غزة.

وفي هذه الأثناء، سارع المواطنون في بيروت إلى محطات الوقود والسوبرماركت من أجل تخزين المستلزمات في حال حدوث طارئ، حسبما ذكر سكان المدينة لموقع الفاصل.

وتزايدت حالة التوتر على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية بعد أن شنت حركة حماس المسلحة الفلسطينية يوم السبت، 7 تشرين الأول/أكتوبر، هجوما متعدد المحاور على الجانب الجنوبي لإسرائيل من قطاع غزة المحاصر.

وتنفذ إسرائيل عمليات انتقامية من عمليات إطلاق النار اليومية من الجانب اللبناني، وذلك بعد أن شن حزب الله صواريخ على منطقة حدودية متنازع عليها يوم الأحد، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

أعلام فلسطين وحزب الله مرفوعة في سهل الخيام جنوبي لبنان، وتظهر بلدة متولا الواقعة شمالي إسرائيل في الخلفية بتاريخ 10 تشرين الأول/أكتوبر. [جوزيف عيد/وكالة الصحافة الفرنسية]
أعلام فلسطين وحزب الله مرفوعة في سهل الخيام جنوبي لبنان، وتظهر بلدة متولا الواقعة شمالي إسرائيل في الخلفية بتاريخ 10 تشرين الأول/أكتوبر. [جوزيف عيد/وكالة الصحافة الفرنسية]
دورية للقوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان تعبر أمام صور لزعيم حزب الله حسن نصر الله (إلى اليمين) ورئيس مجلس النواب نبيه بري من حركة أمل، في بلدة العديسة الجنوبية في لبنان على الحدود مع إسرائيل بتاريخ 10 تشرين الأول/أكتوبر. [جوزيف عيد/وكالة الصحافة الفرنسية]
دورية للقوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان تعبر أمام صور لزعيم حزب الله حسن نصر الله (إلى اليمين) ورئيس مجلس النواب نبيه بري من حركة أمل، في بلدة العديسة الجنوبية في لبنان على الحدود مع إسرائيل بتاريخ 10 تشرين الأول/أكتوبر. [جوزيف عيد/وكالة الصحافة الفرنسية]

ويوم الاثنين، قال حزب الله المدعوم من إيران إن الغارات الإسرائيلية أدت إلى مقتل 3 من عناصره، في حين تبنى المقاتلون الفلسطينيون محاولة تسلل تم إحباطها.

وقالت إسرائيل بدورها إنها استهدفت مواقع مراقبة لحزب الله يوم الثلاثاء، في حين تبنى الجناح المسلح لحركة حماس عملية إطلاق صواريخ ذكر مصدر عسكري أنها شنت من القليلة في قضاء صور اللبناني.

ويوم الأربعاء، ذكر حزب الله أنه استهدف موقعا إسرائيليا بالقرب من قرية الضهيرة، قوبل برد إسرائيلي بالنيران بعد فترة قصيرة، ما تسبب بإصابة 3 أشخاص وبأضرار في نحو 10 منازل وحوّل الضهيرة إلى قرية أشباح.

وجالسا في أحد المقاهي عند مدخل قرية القليلة الجنوبية، استعرض بلال صالح البالغ من العمر 32 سنة آخر التطورات والأخبار على هاتفه الخلوي.

وبات صالح، وهو أب لطفلين، الفرد الأخير من عائلته الذي لا يزال متواجدا في القرية بعد أن فر أشقاؤه ليل الثلاثاء.

وقال صالح وهو يتفقد التحديثات بدون توقف، "لم يعد أحد هنا تقريبا".

وتابع "ملأ الناس سياراتهم بالوقود وأخذوا أولادهم وأمتعتهم وغادروا... تاركين كل شيء وراءهم".

الخوف يتملك اللبنانيين

وجاء آخر تبادل لإطلاق النار في ظل حشد إسرائيل القوات والدروع الثقيلة في محيط غزة، ومع إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن أن واشنطن "تعزز المساعدات" لإسرائيل، بما في ذلك الصواريخ لنظام الاعتراض "القبة الحديدية" التابع لها.

كذلك، حصل ذلك في ظل توجيه أوامر لأكبر حاملة طائرات أميركية متواجدة حاليا في بحر المتوسط، بالاقتراب من إسرائيل.

كما حشدت إسرائيل الدبابات على الحدود الشمالية بعد الاشتباكات المتكررة مع حزب الله خلال الأيام الماضية والتي شملت إطلاق صواريخ وقصف عبر الحدود.

وردا على ذلك، حذر حزب الله من أن "هذه الخطوة لن تخيف... فصائل المقاومة التي هي جاهزة للمواجهة".

وقد حذر كل من إسرائيل والولايات المتحدة حزب الله من مغبة فتح جبهة ثانية في ظل محاربة إسرائيل حماس في غزة.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري إن هذا الأخير "مستعد لأي سيناريو".

ووسط حصيلة الضحايا المتزايدة في إسرائيل وغزة، يسيطر على لبنان جو من التوتر والخوف من حرب أخرى.

وشوهد رتل كبير من سيارات الإسعاف التابعة للهيئة الصحية الإسلامية الخاصة بحزب الله وهي تتجه نحو جنوب لبنان يوم الاثنين.

وطلب حزب الله أيضا من عائلات قياداته العسكرية اتخاذ أقصى درجات الحيطة والتدابير الأمنية ترقبا لأي طارئ على الجبهة اللبنانية، حسبما ذكر موقع ليبانون فايلز.

وفي بلدة إيليسار في منطقة المتن بجبل لبنان، قال فادي رزق وزوجته للفاصل إنهما يعملان على شراء المعلبات في السوبرماركت وتخزينها "بحال حصول ما هو ليس بالحسبان".

وذكر رزق "لم ننس كيف جرنا حسن نصر الله [زعيم حزب الله] لحرب تموز 2006".

واستذكر أن الحزب المدعوم من إيران قام آنذاك بخطف جنديين إسرائيليين اثنين "أخذت البلد لحرب دمرت البنى التحتية وتسببت قتل مئات الأبرياء".

وقال "الخوف كبير من أن يورطنا الحزب بحرب لا نريدها، وعليه أن يعرف انه إذا أخذنا للحرب، سيدمر البلد".

أما جوزيان حرفوش التي كانت تتسوق أيضا مع نجليها، فقالت للفاصل "يعتريني خوف كبير من حرب يجرنا إليها حزب الله".

وتابعت أن حرب كهذه "ستقضي على ما تبقى منا ومن لبنان المنهار أصلا".

رهن أوامر إيران

وفي هذا السياق، قال مدير المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات حسان قطب إنه يشك في أن يدخل حزب الله في مواجهة مع إسرائيل "مهما تطورت الأحداث".

وأوضح أن السبب في ذلك هو أن "دور حزب الله مرتبط بالتوقيت الايراني، وليس بتطورات أمنية مرتبطة بفلسطين أو بالواقع اللبناني".

ومن جانبه، قال الكاتب السياسي والصحافي أسعد بشارة للفاصل إن هجوم حماس على إسرائيل "كان بدون شك بإيعاز وتوجيه إيراني".

وأضاف للفاصل أن ذلك يتماشى مع ما تشير إليه إيران بفكر "وحدة الساحات" أو "وحدة محور المقاومة" الذي يضم حماس.

وتابع أنه في حال تدخل حزب الله في الحرب على الجبهة الجنوبية، فإن هذا يعني أن لبنان "سيدفع أكلافا مخيفة باقتصاده المنهار أصلا ومنشآته وبنيته التحتية المتداعية التي تعمل بالحد الأدنى".

وقال محلل سياسي طلب عدم ذكر اسمه للفاصل إن لبنان يعيش أصلا أسوأ أزمة سياسية ومالية في تاريخه الحديث.

وتابع أن البلد "لا يحتمل توريطه بأي حرب سيجره إليها حزب الله، لأنها ستؤدي للقضاء عليه".

وأضاف أن لبنان "لا يحتمل" حربا جديدة، لأنه "لن تكون له قيامة بظل الوضع المأساوي الذي يعيشه".

هل أعجبك هذا المقال؟


يرجى إدخال الأرقام *