أمن
تعثر قطاع الضيافة في لبنان وسط الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس
شكلت المخاوف من تمدد الحرب بين إسرائيل وحماس والتي تزايدت جراء الاعتداء الذي نفذه حزب الله على الحدود الجنوبية للبنان، ضربة قاسية على قطاع السياحة.
فريق عمل الفاصل ووكالة الصحافة الفرنسية |
جبيل -- وسط انهيار اقتصادي يدوم منذ 4 سنوات، تواجه المطاعم والمقاهي والفنادق والمتاجر بلبنان تحديا جديدا، هو الصمود في ظل الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس والأعمال العدائية ذات الصلة على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية.
وبحلول نهاية تشرين الأول/أكتوبر، كانت التحذيرات قد بدأت تصدر إزاء الاقتصاد الإقليمي الذي يعتمد بمعظمه على السياحة.
وفي 25 تشرين الأول/أكتوبر، قالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا بمنتدى استثماري سعودي إن الدول المجاورة، أي مصر ولبنان والأردن، بدأت تشعر فعلا بتداعيات الصراع.
وقبل يوم من ذلك، ذكر عمالقة وول ستريت للمنتدى أن الحرب قد تشكل ضربة قاسية على الاقتصاد العالمي، خاصة إذا تمددت إلى دول أخرى.
وهاجم إرهابيو حماس من غزة جنوبي إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر، ما قوبل بقصف إسرائيلي انتقامي وهجوم بري في غزة.
ومنذ ذلك الحين، تشهد الحدود اللبنانية الجنوبية مناوشات عنيفة متصاعدة، لا سيما بين إسرائيل وحليف حماس حزب الله.
وانحصرت المعارك حتى اليوم بالجنوب وأدت إلى موجة نزوح من المنطقة الحدودية، ولكن بعض الدول نصحت مواطنيها بمغادرة لبنان خوفا من تمدد الحرب.
وقال النادل ريتشارد علم إن جبيل الواقعة على الساحل الشمالي في لبنان "تعتمد على السياح. وقد تراجع عملنا مما لا يقل عن 40 و50 طاولة يوميا إلى ... 7 على أقصى تقدير".
وعلى مقربة منه، قل عدد العملاء أيضا في محل الهدايا التذكارية التابع لمنى مجاهد، والذي يكون عادة مكتظا بالسياح والسكان المحليين على حد سواء.
وذكرت مجاهد البالغة من العمر 60 سنة "لا عمل ولا مال"، وهي تحتسي القهوة أمام محلها والهدايا التذكارية المعروضة فيه.
ʼالحرب دمرت كل شيءʻ
هذا وخفض العديد من الزوار المحليين إنفاقهم خوفا من الحرب، ما أثر بشكل كبير على المطاعم والمقاهي والمتاجر.
هذا وقد كان لبنان غارقا منذ العام 2019 في أزمة مالية يحمّل كثيرون حزب الله مسؤوليتها، علما أن البنك الدولي وصفها بأنها الأسوأ منذ خمسينيات القرن التاسع عشر.
وقال رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري طوني الرامي إن الأزمة دفعت معظم السكان إلى الفقر وأجبرت نصف المطاعم والمقاهي والحانات والملاهي على إغلاق أبوابها.
وذكر أن القطاع كان قد بدأ للتو بالانتعاش بعد تدفق الزوار الأجانب إلى لبنان مجددا خلال الصيف عقب جائحة فيروس كورونا والانهيار الاقتصادي والانفجار الكارثي في مرفأ بيروت عام 2020.
وأوضح "كنا قد طوينا صفحة السنوات الأربع ودخلنا زخما جديدا، لكن للأسف جاءت هذه الحرب ودمرت كل شيء".
وقال "شهدنا منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر تراجعا ملحوظا في عدد العملاء... بنسبة وصلت إلى 80 في المائة خلال أيام الأسبوع وبين 30 و50 في المائة خلال عطلة نهاية الأسبوع".
وتابع "لا يعرف الناس ما إذا كان الوضع في الجنوب سيتدهور أم لا، ولا يمكنهم التخطيط لأي شيء"، محذرا من "خسائر فادحة".
وبدورها، قالت المتحدثة باسم شركة طيران الشرق الأوسط اللبنانية ريما مكاوي إن الشركة خفضت رحلاتها وتراجع عدد المسافرين من المنطقة إلى بيروت بنسبة 54 في المائة مقارنة بالعام الماضي.
وانخفض عدد المسافرين الوافدين من أوروبا بنسبة 30 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
تفاؤل ولد من رحم المأساة
وفي منطقة الحمراء التي كانت سابقا تنبض بالحياة في بيروت، شهد فندق كافالييه ذو الأربعة نجوم مئات الإلغاءات بالحجوزات.
وقال المدير أيمن ناصر الدين البالغ 41 عاما من ردهة الفندق الفارغة، "منذ الأسبوع الأول (من المعارك)، ألغيت الحجوزات بصورة كبيرة".
وأضاف "ليست لدينا حجوزات جديدة... وسيكون الوضع كارثيا إذا استمر على ما هو عليه".
وتابع أن أكثر من نصف غرف الفندق البالغ عددها 65 غرفة كان محجوزا لشهر تشرين الثاني/نوفمبر، والآن بالكاد يستقبل فريق العمل 10 زوار في اليوم.
وكان فندق كافالييه محجوزا بالكامل لشهر كانون الأول/ديسمبر، وكانت الفنادق تتطلع إلى عطلة عيد الميلاد.
ولكن ذلك كان قبل الحرب.
وفي هذا السياق، قال نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر إن نسبة الإشغال في الفنادق هبطت من نحو 45 في المائة إلى ما بين صفر و7 في المائة.
وأضاف "تم إلغاء كافة الحجوزات لشهرين أو ثلاثة إلى الأمام"، مع إصدار الدول توجيهات لمواطنيها بعدم السفر إلى لبنان.
وأوضح أنه حتى لو توقف التصعيد غدا "يجب أن ننتظر لشهر أو شهرين حتى ترفع الدول الحظر عن السفر ونعود إلى العمل كالمعتاد".
ولكنه عبّر عن تفاؤله بانتعاش الفنادق مجددا في لبنان بعد حلول الهدوء، علما أن البلاد شهدت الحرب الأهلية بين 1975 و1990 وحربا بين إسرائيل وحزب الله عام 2006 وانفجار المرفأ في 2020.
وقال "نحن شعب لديه إرادة، شعب ولد وترعرع في زمن الحرب. لو لم تكن لدينا خبرة طويلة الأمد في إدارة الأزمات، لكان القطاع قد أفلس منذ زمن".