أمن

اللبنانيون يعودون إلى أنقاض وبساتين زيتون محروقة بالقرى القريبة من حدود إسرائيل

قال سكان جنوب لبنان إنه من خلال جر قراهم إلى الصراع بين إسرائيل وحماس، تسبب حزب الله بتفاقم مشاكلهم المالية ومعاناتهم.

متطوعو الدفاع المدني اللبناني يتوجهون نحو حريق غابة قيل إنه اندلع بعد قصف إسرائيلي في علما الشعب بالقرب من حدود جنوب لبنان مع إسرائيل في 26 تشرين الأول/أكتوبر، وسط المعارك المستمرة بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة. [وكالة الصحافة الفرنسية]
متطوعو الدفاع المدني اللبناني يتوجهون نحو حريق غابة قيل إنه اندلع بعد قصف إسرائيلي في علما الشعب بالقرب من حدود جنوب لبنان مع إسرائيل في 26 تشرين الأول/أكتوبر، وسط المعارك المستمرة بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة. [وكالة الصحافة الفرنسية]

نهاد طوباليان |

بيروت – قدمت الهدنة المؤقتة التي تم الإعلان عنها بين إسرائيل وحماس في 24 تشرين الثاني/نوفمبر فترة استراحة قصيرة لسكان القرى الحدودية اللبنانية وسمحت لهم بالعودة إلى منازلهم بعد أن أجبروا على الفرار مع تصعيد حزب الله القتال ضد الجيش الإسرائيلي.

وبعد أن قام إرهابيو حماس بمهاجمة إسرائيل من قطاع غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر، حوّل حزب الله المدعوم من إيران قرى جنوب لبنان إلى جبهة حرب ضد إسرائيل، ما أدى إلى مقتل 109 أشخاص 77 منهم على الأقل من مقاتلي الحزب و14 مدنيا.

وبحسب الأمم المتحدة، أدى القتال إلى نزوح أكثر من 55 ألف شخص توجهوا إلى صور وبيروت وضواحيها.

وتزامن تصعيد حزب الله في الجنوب مع موسم قطف الزيتون وهو مصدر دخل أساسي لغالبية سكان القرى الحدودية، ومع فترة تجهيز الأراضي لزراعة المحاصيل الشتوية.

لحقت أضرار جسيمة بمنزل الراعي نجيب زعرب خلال القصف الذي تعرضت له علما الشعب أثناء المواجهات بين حزب الله والجيش الإسرائيلي. [نائب رئيس بلدية علما الشعب]
لحقت أضرار جسيمة بمنزل الراعي نجيب زعرب خلال القصف الذي تعرضت له علما الشعب أثناء المواجهات بين حزب الله والجيش الإسرائيلي. [نائب رئيس بلدية علما الشعب]
تعرضت بلدة علما الشعب الواقعة على الشريط الحدودي لقصف متقطع خلال المواجهات بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، نتيجة استخدام حزب الله المناطق المحيطة بالبلدة لإطلاق الصواريخ. [نائب رئيس بلدية علما الشعب]
تعرضت بلدة علما الشعب الواقعة على الشريط الحدودي لقصف متقطع خلال المواجهات بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، نتيجة استخدام حزب الله المناطق المحيطة بالبلدة لإطلاق الصواريخ. [نائب رئيس بلدية علما الشعب]

وقال السكان إنه من خلال جر قراهم إلى الصراع، تسبب حزب الله بتفاقم مشاكلهم المالية ومعاناتهم.

ومن المقرر أن تنتهي الهدنة الحالية صباح يوم 30 تشرين الثاني/نوفمبر بعد توقف القتال مدة 6 أيام، ومن المتوقع أن يمددها الطرفان لمدة 4 أيام إضافية.

وفي الوقت الذي فرغت فيه القرى من أغلب سكانها بسبب أجواء الخوف وعدم اليقين السائدة، كشف توقف القتال عن حجم الأضرار التي لحقت بمنازلهم ومحصول الزيتون هذا العام.

المنازل وبساتين الزيتون مدمرة

وفي بلدة علما الشعب الحدودية، عاد السكان لبضع ساعات فقط لتقييم الأضرار التي لحقت بمحاصيلهم، قبل أن يغادروا بحزن عميق خشية تجدد الاشتباكات، بحسب ما قال نائب رئيس بلدية علما الشعب وليم حداد للفاصل.

وتعرضت علما الشعب كغيرها من البلدات الحدودية لقصف مكثف أدى إلى إلحاق أضرار بعدد من المنازل وإشعال حريق هائل في بساتين الزيتون الواقعة على الحدود.

وقال حداد "استهدفت 7 منازل مباشرة فدمرت وأصيبت منازل أخرى بأضرار غير مباشرة. وتعرض بئر مياه البلدة لقصف مباشر من داخل الأراضي اللبنانية".

ووصف الوضع بأنه "مأساوي جدا" إذ لم يبق في البلدة سوى نحو مائة شخص، "حتى أنا اضطررت لاستئجار منزل بالروضة لزوجتي وأولادي الثلاث لإبعادهم عن الخوف اليومي".

أما الكارثة الأكبر بحسب حداد، "فحلت بموسم الزيتون والحمضيات والأفوكاتو لاحتراق مساحات شاسعة من حقول الزيتون المعمرة وتحتاج لسنوات لتثمر، وتقدر بآلاف الدنم ولا نستطيع معاينة الأضرار لوقوعها على طول الشريط الحدودي للبلدة".

ويعود أحد البساتين المحروقة للمواطن الياس حداد، 34 عاما، الذي بقي في البلدة مع والدته.

وقال للفاصل "لم أغادر البلدة برغم كل القصف الذي تعرضنا له وحرقت نيرانه مجمل محصول ما أملك من شجر الزيتون".

وتابع "كان سيؤمن لي هذا الموسم بحدود الـ 40 صفيحة زيت وكمية كبيرة من زيتون الطاولة، لكن اليوم لا شيء. احترق الموسم ولا أستطيع حتى فلاحة أرضي وزراعتها بالخضار الشتوية التي [أعتمد عليها] كمصدر رزق إضافيا لي".

وذكر نائب رئيس البلدية "أذتنا هذه الحرب كثيرا وأعادتنا لنقطة الصفر اقتصاديا. جميعنا يتكل على المواسم الزراعية من زيتون وليمون وأفوكادو لنتكفل بمصاريف الشتاء".

وأردف "نعيش وضعا صعبا جدا، ولا نعرف ما ينتظرنا بقادم الأيام سوى ظروف أصعب".

وأشار إلى أن من بقي بالبلدة صامدا "تحاول البلدية توفير الخبز والمياه والكهرباء له، إلا أن ذلك لا يعتبر كافيا... لأن المحال الصغيرة أقفلت أبوابها كما مدارسها الثلاث".

خسائر لا تعوض

وفي بلدة الضهيرة الواقعة بالقرب من السياج الحدودي على الخط الأزرق، عاد السكان إلى الأنقاض.

فتعرضت البلدة لوابل من القصف المدمر بعد أن شن مقاتلو سرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية هجوما عبر الحدود من البلدة.

ونتيجة لذلك، هُجّر جميع سكان البلدة البالغ عددهم نحو 3000 نسمة نحو صور وبيروت.

وعادت جنوب سويد وزوجها وأطفالها الثلاثة إلى منزلهم مباشرة بعد إعلان الهدنة، وذلك بعد فرارهم في 10 تشرين الأول/أكتوبر.

وقالت للفاصل "عدت أسوة بكل أبناء البلدة لتفقد منازلنا وأراضينا. نسير بالطرقات والأزقة على الردم الذي خلفه القصف المركز على البلدة".

وأضافت "بلدتنا منكوبة، فما من منزل سلم من القصف والأهالي العائدون يلملمون ما تبقى من منازلهم".

وتابعت "طال القصف منزلنا الجديد الذي لم نسكنه بعد بعدة قذائف فيما منزلنا القديم لم يبق فيه لوح زجاج، لكننا سنصمد فيه حتى آخر نفس من حياتنا".

وأكدت أن "خسائرنا لا تعوض. خسرت 50 شجرة زيتون لأنها احترقت كما أشجار الصنوبر وحقول التبغ".

خوف من تواصل العنف

وإثر إعلان الهدنة، عاد سكان بلدة رميش الحدودية الذين غادر معظمهم إلى بيروت بعد 5 أيام من اندلاع الحرب، لكنهم ما لبثوا أن غادروا بعد ساعات خوفا من تواصل العنف.

وتفقدوا منازلهم وبساتين الزيتون لكنهم لفتوا إلى أن الزيتون سيبقى هذا العام على الشجر ولن يقطف.

"ضاع موسم الزيتون".

بهذه الكلمات عبّر فيكتور العلم البالغ من العمر 81 عاما عن خسارته محصول 130 شجرة زيتون، كانت توفر له ما بين 27 ومائة تنكة زيت حسب الموسم.

وقال للفاصل "أملك وأشقائي الأربعة نفس عدد الأشجار وهذا الموسم لا نستطيع الوصول إليها لأنها تقع على الشريط الحدودي. لن نخاطر بحياتنا إذ يكفينا ما نواجهه من خوف يتربص فينا كل لحظة من تجدد الاشتباكات".

وأضاف "يتكل معظم أهالي رميش على موسم الزيتون ومواسم زراعية أخرى، ولا أحد اليوم استطاع الوصول لحقله".

وتابع أن غالبية السكان الذين نزحوا إلى بيروت وضواحيها "حضروا لساعات ولم يستطع أحد تفقد موسم الزيتون".

وقال "لو تم قطافها لكان استخرج منها حوالي 3000 صفيحة زيت".

وأكد العلم أن المنطقة الحدودية انجرت إلى حرب "فاقمت من معاناتنا الاقتصادية والاجتماعية".

هل أعجبك هذا المقال؟


يرجى إدخال الأرقام *

معلومات خاطئة، ولا كلمة صحيحة في المقال