حقوق الإنسان

خوف وغضب يعتري العائلات النازحة من الحدود اللبنانية-الإسرائيلية

مع تصاعد حالة التوتر على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، أدت موجة النزوح الجماعية من البلدات والقرى الحدودية إلى غرق الكثيرين في حالة من الفقر واليأس.

أدت التوترات في الجنوب اللبناني إلى نزوح آلاف العائلات من القرى القريبة من الشريط الحدودي لمدينة صور والإقامة بالمدارس كما يظهر في هذه الصورة. [زياد حاتم/الفاصل]
أدت التوترات في الجنوب اللبناني إلى نزوح آلاف العائلات من القرى القريبة من الشريط الحدودي لمدينة صور والإقامة بالمدارس كما يظهر في هذه الصورة. [زياد حاتم/الفاصل]

نهاد طوباليان |

بيروت -- في ظل تصاعد حدة الحرب التي أشعلتها حركة حماس ودخول حزب الله على خط التوترات، أعربت عائلات لبنانية نزحت من قرى واقعة على طول الشريط الحدودي الجنوبي مع إسرائيل لموقع الفاصل عن غضبها إزاء وضعها وخوفها من العودة.

وقالت جنوب سويد، 33 عاما وهي أم لـ 3 أولاد وقد فرت معهم من الضهيرة بما كانوا يرتادونه من ثياب فقط، "ها نحن نعيش بوضع مزر".

وأوضحت للفاصل أنهم لجأوا إلى كلية العلوم في الجامعة اللبنانية بصور، حيث يتشاركون نصف غرفة مع 8 أشخاص آخرين.

وقالت في إشارة إلى حزب الله إن "ʼالمقاومةʻ فتحت حربا من بلدتنا لا نريدها. لا طبابة أو مياه أو كهرباء أو مال كي أبعد أولادي عن أصوات القصف".

نساء وأطفال نزحوا من الجنوب اللبناني يجلسون في باحة كلية العلوم بالجامعة اللبنانية في صور. [زياد حاتم/الفاصل]
نساء وأطفال نزحوا من الجنوب اللبناني يجلسون في باحة كلية العلوم بالجامعة اللبنانية في صور. [زياد حاتم/الفاصل]
غسيل منشور عند مدخل كلية العلوم بالجامعة اللبنانية في مدينة صور التي تحولت إلى ملجأ للعائلات النازحة من قراها الحدودية في جنوب لبنان. [جنوب سويد]
غسيل منشور عند مدخل كلية العلوم بالجامعة اللبنانية في مدينة صور التي تحولت إلى ملجأ للعائلات النازحة من قراها الحدودية في جنوب لبنان. [جنوب سويد]
العائلات النازحة من قرى جنوب لبنان الحدودية تتلقى وجبات الطعام من جمعيات خيرية في كلية العلوم بالجامعة اللبنانية في صور. [جنوب سويد]
العائلات النازحة من قرى جنوب لبنان الحدودية تتلقى وجبات الطعام من جمعيات خيرية في كلية العلوم بالجامعة اللبنانية في صور. [جنوب سويد]

وأدت الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس في غزة ودخول حزب الله ومجموعات فلسطينية مسلحة على خط التوترات على الشريط الحدودي بجنوب لبنان، إلى موجة نزوح من البلدات والقرى الحدودية.

ومن بين هذه البلدات الضهيرة البعيدة عن الخط الأزرق 300 مترا فقط، والتي تستخدمها الجماعات المسلحة لتوجيه الصواريخ إلى إسرائيل.

ووفق تقرير للمنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة صدر يوم الاثنين، 23 تشرين الأول/أكتوبر، نزح 19646 شخصا في جنوب لبنان ومناطق لبنانية أخرى جراء الحرب بين إسرائيل وحماس.

وقال المتحدث الإقليمي باسم المنظمة محمد علي أبو النجا لوكالة الصحافة الفرنسية إن المنظمة " تتوقع ارتفاعا بالأعداد بحال استمرار الوضع أو التصعيد أكثر بالمنطقة الحدودية".

وحذر من أن "النزوح قد يزيد من الضغط على موارد المجتمعات المضيفة" التي تعاني أصلا في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.

وأكد أبو النجا أن القطاع الصحي "يواجه نقصا قاسيا بالموارد كالأدوية والأطباء والممرضين الذين غادروا البلاد جراء الأزمة الاقتصادية".

وأضاف أن "الاستجابة للنزوح الواسع قد تربك نظاما صحيا هشا أساسا".

نزوح شمالا نحو صور

ونزح أكثر من 4000 مواطن إلى مدينة صور الساحلية، حيث استقروا في 3 مدارس باتت اليوم مكتظة.

وتعمل السلطات المحلية على مساعدتهم وفتح مراكز إيواء جديدة.

وهرب آخرون إلى بيروت والبترون وجبيل وبعلشميه وبحمدون في جبل لبنان وإلى بلدات في الشوف حيث استأجروا منازل.

كذلك، نزح حوالي 20 ألف غيرهم إلى منطقة البقاع وحلوا ببيوت قدمت لهم، وفق مصدر محلي فضل عدم ذكر اسمه.

وقالت سويد إنها وجدت وظيفة في مطعم بصور من 3 بعد الظهر وحتى منتصف الليل، وقد ساعدها عملها هذا في تأمين لقمة العيش لأولادها ودعم المساعدات التي تحصل عليها عائلتها من جمعيات مختلفة.

وتابعت أن أولادها أجبروا على التوقف عن الدراسة "وهم يعانون أزمة نفسية فتغيرت سلوكياتهم".

وتساءلت "لماذا فتحوا حربا من بلدتنا ولا دخل لنا بها؟".

وأوضحت "قصفوا إسرائيل من بين بيوتنا وفتحوا جبهة فوق رؤوسنا. تنتابني نقمة عارمة لأن بلدتنا سنية مسالمة واختارتها المقاومة للقصف على إسرائيل".

وقالت "لم يعد اللبنانيون قادرين على تحمل المزيد من الحروب العبثية. لم يعد يحتمل لبنان ما أصابه من انهيار اقتصادي وتفجير مرفأه وتداعياته الكارثية علينا".

تفاقم الأزمات في لبنان

وبدورها، ذكرت عليا سويد لموقع الفاصل "لم يبق في الضهيرة سوى والدي ابن الـ 90 عاما مع بقرته".

ففي 11 تشرين الأول/أكتوبر، نزحت سويد مع أبنائها الثلاثة وعائلاتهم إلى بيروت. وبقوا مع أصدقاء طوال أسبوع قبل إيجاد ملجأ في مدرسة بصور.

وقالت إنها تتشارك مع أبنائها وعائلاتهم غرفة من المدرسة، في حين نزحت بناتها الخمسة وعائلاتهن إلى كلية العلوم المجاورة.

وأوضحت "تركنا بيوتنا وأرزاقنا على مد العين ومونة تطعم جيشا، لنختبر نزوحا أشد وطأة من نزوح حرب تموز/يوليو 2006".

وتابعت "لم نستطع البقاء كعبء على أصدقائنا بظل الأزمة الاقتصادية التي كسرتنا جميعا. نعيش بغرفة باردة وبالبؤس والوجع ومواجهة ظروف لا تشبه الإنسانية بشيء".

وأضافت "ننتظر وجبات الطعام الثلاث اليومية من جمعيات مشكورة، لكنها لا تسد جوع أحفادي ولا مال معنا لشراء المواد الغذائية ".

واستطردت "لا كهرباء والمياه التي تقدمها الجمعيات لا تكفي لغسل وجوهنا. لذا لا نريد سوى العودة للضهيرة ولو سنموت فيها".

وفي السياق نفسه، فرت بادرة سويد، 27 عاما وهي أيضا من الضهيرة، مع ولديها بداية إلى بيت قدمه لها أصدقاء ببلدة السعديات الساحلية بالشوف.

ويتشاركون اليوم قاعة في كلية العلوم بصور مع عائلة ثانية، ذلك أن أيا من أقاربها وأصدقائها قادر على استضافتها لفترة طويلة بسبب الأزمة الاقتصادية في البلاد.

وأوضحت "آخر ما كنت أتوقعه مغادرة بيتي والبقاء يومين بشاحنة ماعز وتعريض طفليي ابن السنتين وابنتي البالغة من العمر 4 سنوات لهذا الذل والخوف".

وتابعت "ننام على الأرض بغرفة مع عائلة ثانية، لا مياه متوفرة للنظافة الشخصية ولا كهرباء وننتظر من يقدم لنا وجبات الطعام".

ومن جانبه، نزح رضا السيد، 58 عاما، من بيت ليف المتاخمة للحدود إلى مدرسة بصور مع أولاده الأربعة.

وقال "خفت على أولادي من القصف المتكرر فهربت بهم لمدرسة بصور ونعيش بغرفة كبيرة مع أقارب".

وتابع "ننتظر ما يقدم لنا من طعام ومياه لنسد جوعنا وعطشنا ونقصد بيوت أقاربي للاستحمام".

وأضاف السيد "ظروفنا مأساوية جدا لأن نزوحنا الراهن يختلف عن نزوحنا بحرب تموز حيث كان لدينا مال. أما اليوم فإن الانهيار المالي أفلسنا والغلاء فاحش".

هل أعجبك هذا المقال؟


يرجى إدخال الأرقام *