إقتصاد
ازدياد التكاليف وتفاقم الوضع الإنساني باليمن في ظل استمرار الهجمات بالبحر الأحمر
تتأخر شحنات الغذاء والوقود نتيجة تصعيد الحوثيين في البحر الأحمر، والوضع مرشح للمزيد من التدهور.
فيصل أبو بكر |
عدن - عبّر سكان صنعاء الذين يعتمدون على المساعدات الغذائية عن قلقهم حين علموا مؤخرا أن السلال الغذائية لم تعد متوفرة لهم، واتهموا الحوثيين المدعومين من إيران بمفاقمة الوضع السيء أصلا.
وفي كانون الأول/ديسمبر، أعلن برنامج الغذاء العالمي تعليق عمليات توزيع الأغذية العامة في مناطق سيطرة الحوثيين باليمن.
وجاء هذا القرار نتيجة التمويل المحدود وغياب الاتفاق مع السلطات الفعلية على برنامج أصغر يتوافق مع الموارد المتاحة للأسر الأكثر احتياجا، حسبما قال البرنامج في 5 كانون الأول/ديسمبر.
وقالت مصادر في اليمن لموقع الفاصل إن هجمات الحوثيين المتواصلة في البحر الأحمر تزيد من انعدام الأمن الغذائي.
وفي هذا السياق، قالت إيمان العبسي وهي أم لـ 5 أولاد إنها توجهت إلى مكتب النازحين في صنعاء لمعرفة توقيت توزيع السلة الغذائية، لكنها علمت أن "الصرف قد توقف حتى إشعار آخر".
وأضافت أن "السلة الغذائية كانت تصرف كل شهرين إلى 3 أشهر، حيث استلمت آخر سلة غذائية في شهر تشرين الأول/أكتوبر".
وبدوره، ذكر الموظف في القطاع العام علي زيد لموقع الفاصل إنه يعاني بسبب عدم صرف المرتبات الحكومية في مناطق سيطرة الحوثيين، ما تركه بدون دخل لدعم أسرته المؤلفة من 6 أفراد.
وأضاف أن السلة الغذائية التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي كانت تساعده في تلبية الاحتياجات الأساسية لأسرته، وبات الآن يتوقع الأسوأ.
وربط زيد هذا التوقف للسلال الغذائية بهجمات البحر الأحمر، ذاكرا أنه "لن يتضرر منها إلا الفقراء والمستفيدين من المساعدات الإنسانية".
وتابع "لا ندري متى ستعود السلال".
تدهور الأوضاع
وقال برنامج الغذاء العالمي في تقرير صدر في 8 شباط/فبراير إنه "مع استمرار تدهور الوضع الأمني في البحر الأحمر، يواجه برنامج الأغذية العالمي زيادة في تكاليف الشحن بالإضافة إلى تأخيرات محتملة في التسليم".
وأضاف أنه "من المتوقع أن يتدهور وضع الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة"، محذرا من تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن.
هذا وتسببت هجمات الحوثيين المدعومين من إيران على السفن التجارية في البحر الأحمر بزيادة في تكاليف التأمين على شركات الشحن، ما أجبر الكثير منها على تجنب هذا الطريق الحيوي.
ومن جهتها، قالت لجنة الإنقاذ الدولية وهي منظمة إغاثة تعمل في اليمن إنها "تشهد بالفعل تأخيرات في شحنات السلع المنقذة للحياة بما في ذلك الأدوية بسبب التصعيد العسكري".
وأشارت أنيا كاولي منسقة السياسات والمناصرة والاتصالات باللجنة في اليمن في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية، إلى أن المنظمة تواصل تقديم خدماتها بكامل طاقتها باستخدام مخزونها من المساعدات.
وأضافت أن الوضع بدأ يشهد "زيادة في أسعار السلع الأساسية في الأسواق المحلية مثل الغذاء والوقود".
وفي أواخر كانون الثاني/يناير، أصدرت 26 منظمة إغاثة تعمل في اليمن بيانا مشتركا حذرت فيه من أن المنظمات الإنسانية بدأت تشعر بالفعل بتأثير التصعيد في البحر الأحمر.
وجاء في البيان الصادر عن منظمة كير والمجلس النرويجي للاجئين ومنظمة أنقذوا الأطفال أن "اضطراب التجارة يؤدي إلى ارتفاع الأسعار ويتسبب في تأخير شحنات السلع المنقذة للحياة".
انعدام الأمن الغذائي والمائي
ومن جانبه، قال وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي إنه يتوجب على الحكومة اليمنية وشركائها الدوليين والإقليميين تعزيز التعاون في مجال التنمية المستدامة لتحقيق الأمن المائي والغذائي.
وأضاف أن 17.6 مليون يمني يواجهون خطر انعدام الأمن المائي والغذائي نتيجة الصراع المطول والتغيرات المناخية واستنزاف الموارد ومحدودية الوصول إلى التكنولوجيا.
وذكر خلال مشاركته في ورشة عمل حول تحديات ندرة المياه نظمها البنك الدولي في 11 شباط/فبراير بدبي، أن الحكومة اليمنية عملت على تطوير عدد من الاستراتيجيات المتعلقة بالأمن المائي والغذائي.
ولكن تحتاج هذه الاستراتيجيات إلى التمويل لتحقيق أهدافها والوصول إلى أكثر من 18 مليون مواطن هم بحاجة إلى المساعدة الإنسانية والحماية في عام 2024.
وفي بداية شهر شباط/فبراير، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها نداء إنسانيا لجمع 2.7 مليار دولار من أجل اليمن.
وقال موظف من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (اوتشا) طلب عدم ذكر اسمه إن هذا النداء "جاء ضمن دور الأمم المتحدة في مساعدة الشعب اليمني".
وأضاف في حديث للفاصل أن الشعب اليمني يعاني من ويلات الحرب منذ 9 سنوات، ذاكرا أن هجمات البحر الأحمر ستضيف "عوائق جديدة أمام توصيل المساعدات للمستحقين لها".
مضاعفة معاناة اليمن
ومن جهته، قال الكاتب والصحافي محمد أنعم في حديث للفاصل إن " الحوثيين تعمدوا تجويع اليمنيين وإفقارهم".
وأضاف أن الجماعة التي تدعمها إيران "نهبت أموالهم وسرقت مرتباتهم ونهبت موارد الدولة وحولتها إلى الأرصدة الخاصة بقياداتها ومولت الحرب ضد اليمنيين ودول الجوار".
وتابع أن الجماعة قامت من خلال أفعالها، "بمضاعفة معاناة الشعب بهجماتها على السفن في البحر الأحمر".
وفي هذا الإطار، قال رئيس مركز أبعاد للدراسات الاستراتيجية عبد السلام محمد للفاصل إن هذه الهجمات "هي تصعيد ضد المجتمع الدولي وليس اليمن فقط".
وأضاف أن "هذا التصعيد في وجه المجتمع الدولي سينعكس سلبا على مسار السلام في اليمن وعلى وصول المساعدات الإغاثية والإنسانية التي يقدمها المجتمع الدولي لليمنيين".
وأكد أن "اليمن هو أكبر المتضررين من هجمات الحوثي بسبب زيادة كلفة الشحن للوردات وكلفة التأمين وأسعار السلع".
وأكد المحلل السياسي محمود الطاهر أن الآثار السلبية للهجمات على سفن الشحن في البحر الأحمر "كبيرة على الاقتصاد اليمني الهش".
وذكر أن اليمن يعاني من آثار الحرب التي بدأها الحوثيون ودعمتها إيران منذ 9 سنوات.
وتوقع ارتفاع الأسعار نتيجة قلة المعروض والواردات إلى اليمن، إضافة إلى تأخر وصول الوقود إلى البلاد.
وتابع أن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع أسعار كل السلع المحلية "كون الوقود محرك لإنتاج هذه السلع سواء كانت زراعية أو صناعية".