إقتصاد
أزمة البحر الأحمر تنذر بشهر رمضان صعب مجددا في اليمن
ترتفع معدلات الفقر في اليمن مع اقتراب شهر رمضان المبارك وارتفعت كلفة المواد الغذائية الأساسية وسط هجمات الحوثيين المتواصلة على ممرات الشحن البحرية.
فيصل أبو بكر |
عدن - مع اقتراب شهر رمضان المبارك، يواجه اليمنيون ارتفاعا في أسعار الأغذية والسلع الأخرى نتيجة هجمات الحوثيين الذين تدعمهم إيران على السفن التجارية في البحر الأحمر والممرات المائية المجاورة.
وأدت أزمة البحر الأحمر إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي أصلا في اليمن، حيث يواجه 80 بالمائة من السكان الفقر بعد 9 سنوات من الحرب.
ومع اقتراب شهر رمضان، ينشغل الكثيرون وبينهم الموظف الحكومي أحمد غالب بتأمين لقمة العيش الضرورية.
وقال أحمد وهو أب لـ 4 أولاد لموقع الفاصل إنه اضطر إلى العمل بصورة متقطعة في القطاع الخاص ذلك أن مرتبات القطاع العام لم تدفع منذ أيلول/سبتمبر 2016.
وتابع أن استعداده للشهر المبارك يقتصر على "شراء التمر"، وهي الكمالية الوحيدة التي تستطيع الأسرة توفيرها بعد تغطية الاحتياجات الغذائية الأساسية من طحين وسكر وأرز وزيت للطبخ، فضلا عن إيجار المسكن.
أما عبد الغني مصلح وهو سمسار في صنعاء، فقال للفاصل إن ارتفاع الأسعار "أضاف عبءا جديدا على اليمنيين الذين فقدوا قدرتهم في مقاومة أعباء الحرب لـ 9 سنوات".
وأوضح أن هجمات البحر الأحمر زادت عبءا إضافيا، مشيرا إلى أن حجم عواقب هذه الهجمات على اليمن لم يعرف بعد.
وذكر مصلح أن وتيرة العمل "انخفضت بنسبة 80 بالمائة خلال السنوات الأخيرة، ما أجبرنا على بيع ذهب النساء لشراء الاحتياجات الغذائية الأساسية ودفع مصاريف تعليم الأولاد في المدارس".
وتابع أن أسرته لن تستمتع هذا العام "بالمظاهر الاحتفالية وشراء احتياجات شهر رمضان من الحلويات والمكسرات ومكونات بعض الأطباق الرمضانية الخاصة".
ومن جانبها، قالت جميلة محمد التي تعمل في التطريز وكانت قد نزحت من تعز قبل 3 أعوام بعد مقتل زوجها، إن عملية توزيع السلة الغذائية التي كانت تستلمها كل شهرين إلى 3 أشهر قد توقفت.
وأضافت أن ذلك أربك حساباتها في تدبير احتياجات الأسرة لشهر رمضان، ذاكرة أنها منشغلة بالكامل بتوفير "القوت الضروري".
غياب المساعدات الرمضانية
وبدورها، قالت إحدى أعضاء مؤسسة المواساة النسوية التنموية في صنعاء للفاصل إن المؤسسة لم تتلق هذا العام ما يكفي من مساهمات مالية خيرية أو دعم مجتمعي لتنفيذ برنامجها الرمضاني.
يُذكر أن المؤسسة توزع المساعدات الغذائية على الأكثر فقرا واحتياجا.
وأشارت إلى أن المؤسسة قامت خلال شهر رمضان في الأعوام الماضية بتزويد 500 أسرة بسلال غذائية شملت "5 كيلوغرامات من الأرز والسكر و5 لترات من زيت الطبخ وعلبة تمر وأحيانا تضاف إليها كرتونة معكرونة وصلصة".
وأكدت محمد أن المؤسسة تبحث عن دعم لشهر رمضان المقبل "لكنها إلى حد الآن لم تجد دعما لتنفيذ مشروعها".
ووفق تقرير صدر عن لجنة الإنقاذ الدولية في كانون الأول/ديسمبر، يعيش 80 في المائة من اليمنيين تحت خط الفقر و23 في المائة من الأسر ليس لها دخل بسبب انهيار الاقتصاد.
وتسجل مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية وسط تراجع الدعم من جانب الجهات المانحة.
وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي عبدالعزيز ثابت للفاصل إن "هجمات البحر الأحمر تسببت في رفع أسعار المواد الغذائية نتيجة انخفاض الورادات الغذائية الواصلة لليمن".
تأثير أزمة البحر الأحمر
وأضاف ثابت أن التهديد الذي تتعرض له حركة الشحن أدى إلى ارتفاع رسوم التأمين على السفن وارتفاع كلفة النقل، مشيرا إلى أن هذه الارتفاعات أثرت على أسعار المواد الغذائية الأساسية نظرا لانخفاض العرض وزيادة الطلب.
وأكد أن ذلك سيكون ملحوظا على نحو خاص خلال شهر رمضان الذي يسجل أعلى مستوى من الاستهلاك.
ولفت ثابت إلى أن التضخم السنوي تجاوز الـ 50 في المائة نتيجة 9 سنوات من الحرب، في حين أدت هجمات البحر الأحمر إلى ارتفاع الأسعار وازدياد التضخم بسبب الطلب المتزايد.
وقال المحلل الاقتصادي فارس النجار للفاصل إن البطالة ارتفعت إلى 50 بالمائة وإن الحوادث بالبحر الأحمر تتسبب بخلل في واردات وصادرات اليمن، ما يؤثر على عائدات الدولة من العملة الصعبة.
وأشار إلى أن الطلب على العملة الأجنبية يزداد خلال شهر رمضان، كما يزداد حجم الواردات لليمن لتغطية احتياجات هذا الشهر.
وأكد النجار أن "الأزمة التي افتعلها الحوثي بالبحر الأحمر ستؤثر على الواردات وعلى حجم المخزون السلعي وعلى المعروض من السلع".
واستدرك قائلا إن ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، "وهذا يفاقم معاناة اليمنيين في شهر رمضان المبارك".