حقوق الإنسان
طرد الحوثيين للعاملين في المجال الإنساني يقوض الجهود المبذولة لمساعدة الشعب اليمني
قرار الجماعة المدعومة من إيران طرد بعض موظفي الأمم المتحدة يشل ويعطل أعمال الإغاثة الإنسانية في وقت يعيش اليمن أكبر معاناة في تاريخه.
فيصل أبو بكر |
عدن – قال محللون إن قرار الحوثيين طرد موظفي الأمم المتحدة الذين يحملون الجنسيتين الأميركية والبريطانية من المناطق اليمنية التي يسيطرون عليها، سيعطل العمل الإنساني ويتعارض مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.
في كانون الثاني/يناير، تلقت الأمم المتحدة رسالة من الحوثيين الذين يعتبرون سلطة الأمر الواقع في صنعاء، طلبت فيها من موظفي الأمم المتحدة الذين يحملون الجنسيتين الأميركية والبريطانية مغادرة المناطق اليمنية الخاضعة لسيطرة الجماعة في غضون شهر واحد.
وأكد المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك استلام الرسالة، وقال "إن أي طلب أو شرط مغادرة موظفي الأمم المتحدة على أساس جنسيتهم فقط لا يتوافق مع الإطار القانوني الذي تعتمده الأمم المتحدة".
وأشار إلى أنه "يعيق أيضا قدرتنا على تنفيذ مهمتنا في دعم اليمنين جميعا، وندعو جميع السلطات في اليمن إلى ضمان قدرة موظفينا على الاستمرار في أداء واجباتهم نيابة عن الأمم المتحدة".
وأضاف أن موظفي الأمم المتحدة في اليمن يقومون بعملهم بحيادية مطلقة.
وكان ما يسمى بوزارة الخارجية التابعة للحوثيين وغير المعترف بها دوليا، قد سلّمت يوم 20 كانون الثاني/يناير رسالة مكتوبة إلى مكتب المنسق المقيم للأمم المتحدة في صنعاء، لتُسلم بعد ذلك من خلاله إلى المنظمات الإنسانية كافة.
وطالبت الرسالة المنظمات الإنسانية بإبلاغ جميع الموظفين الذين يحملون الجنسيتين الأميركية والبريطانية بالاستعداد لمغادرة البلاد خلال 30 يوما على الأكثر، كما طالبت بعدم توظيف أي مواطن أميركي أو بريطاني في خلال هذه الفترة.
وقال الخبير الاقتصادي عبد العزيز ثابت للفاصل، إن قرار الحوثيين الأخير "هو استمرار لسياسة التضييق على العمل الإنساني وإعاقته".
وأضاف أنه "يخنق العمل الإنساني ويعطل أعمال الإغاثة، أقله على المدى القريب"، إلى أن يتم استبدال العاملين الإنسانيين المستهدفين بآخرين.
وأشار ثابت إلى مبدأ الأمم المتحدة المتمثل في المساواة في السيادة بين جميع أعضائها، ما يعني أنه لا يجوز طرد موظفي الدول الأعضاء دون موافقة الأمين العام للأمم المتحدة.
تداعيات هذه الخطوة على الشعب اليمني
أكد الخبير الاقتصادي فارس النجار للفاصل، أن قرار الحوثيين الأخير سيكون له تأثير على مستوى وجودة العمل الإنساني في اليمن الذييعاني أصلا من تداعيات تصرفات الجماعة.
وقال إن الأمم المتحدة سبق أن أعلنت تعليق عملياتها في مناطق سيطرة الحوثيين بسبب القيود التي فرضتها الجماعة على العمل الإنساني.
وأوضح النجار أن هذه القيود أدت إلى تعليق المنظمات لعدد من أنشطتها ومشاريعها في مناطق سيطرة الحوثيين.
وتابع أن استمرار الحوثيين بمهاجمة سفن الشحن "تفاقم المشكلة وتحد من إمدادات الغذاء والدواء والمساعدات الإنسانية القادمة إلى اليمن".
ولفت إلى أن جميع تصرفات الحوثيين "تفاقم معاناة الناس وانعدام الأمن الغذائي في اليمن وانتشار الفقر، إضافة إلى زيادة معدلات البطالة والتضخم".
من جهته، قال المدير العام لمكتب حقوق الإنسان في صنعاء فهمي الزبيري، إن قرار الحوثيين بأمر موظفي الأمم المتحدة الذين يحملون الجنسيتين الأميركية والبريطانية بمغادرة اليمن، "يتعارض مع الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها اليمن".
وأضاف في تصريح للفاصل أن هذا الإجراء "يشكل تهديدا لوضع حقوق الإنسان في البلاد، وهو استمرار للانتهاكات التي ترتكبها الجماعة في المناطق الخاضعة لسيطرتها بحق العاملين في المنظمات الدولية".
انتهاكات الحوثيين السابقة
ذكرت صحيفة الشرق الأوسط أن الحوثيين طردوا في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي من المناطق اليمنية الخاضعة لسيطرتهم، نائب رئيس المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، سفر الدين سيد.
وقبل ثلاث سنوات، منع الحوثيون دخول ممثل المفوضية السامية لحقوق الإنسان رينو ديتال، كما فعلوا مع الممثل السابق العبيد أحمد.
وفي تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أكدت منظمة إنقاذ الطفولة وفاة أحد موظفيها أثناء احتجازه في صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، ودعت إلى إجراء تحقيق فوري ومستقل.
وأوضحت المنظمة إن مدير السلامة والأمن هشام الحكيمي، وهو أب لأربعة أطفال يبلغ من العمر 44 عاما، اعتقل في 9 أيلول/سبتمبر خارج أوقات عمله.
وأضافت أنه "على الرغم من المحاولات المتكررة من قبل عائلته وممثله القانوني وفرق منظمة إنقاذ الطفولة، لم يتمكن أحد من رؤيته أو التحدث معه طوال فترة اعتقاله".
وتابعت "لم توجه السلطات أي اتهامات أو تقوم بإجراءات قانونية أو تقدم سببا لاحتجازه في صنعاء. وفي ظل هذه الظروف، ستعلق منظمة إنقاذ الطفولة عملياتها في شمال اليمن بأثر فوري".
وأشار الزبيري إلى أن الانتهاكات السابقة ضد عمال الإغاثة شملت عمليات خطف واعتداءات ونهب للمساعدات المخصصة للشعب اليمني.
وأضاف أن هذه التصرفات "تضيف أعباء وعقبات جديدة أمام إيصال المساعدات، الأمر الذي يلحق الضرر بأكثر من 24 مليون يمني يستفيد منها".
ويأتي قرار الحوثيين الأخير وسط تصاعد التوترات في البحر الأحمر، حيث تهاجم الجماعة السفن التجارية. وكانت القوات الأميركية والبريطانية قد شنت سلسلة من الضربات استهدفت أسلحة الجماعة.
موظفين في مجال الإغاثة أم جواسيس