أمن

أفعال الحوثيين مرتبطة بتزايد القرصنة قبالة الساحل الصومالي

أدى إبطاء سفن البضائع التي تنتظر الحصول على تعليمات بشأن إمكانية مواصلة رحلتها إلى البحر الأحمر وسط هجمات الحوثيين إلى إنشاء ’ميدان صيد‘ للقراصنة.

مسلحون من الميليشيات وبعض القراصنة يقفون بين قوارب الصيد على الساحل في مدينة هوبيو في وسط الصومال يوم 20 آب/أغسطس 2010. [روبرتو شميت/وكالة الصحافة الفرنسية]
مسلحون من الميليشيات وبعض القراصنة يقفون بين قوارب الصيد على الساحل في مدينة هوبيو في وسط الصومال يوم 20 آب/أغسطس 2010. [روبرتو شميت/وكالة الصحافة الفرنسية]

فريق عمل الفاصل |

مع اقتراب سفن البضائع من مضيق باب المندب الذي يشكل البوابة الجنوبية إلى البحر الأحمر، تبطئ سرعتها لانتظار التعليمات حول كيفية مواصلة رحلتها وسط الهجمات التي ينفذها الحوثيون المدعومون من إيران، ما يشكل هدفا سهلا للقراصنة.

وقال محللون إن ذلك قد أسهم في الزيادة الأخيرة في أعمال القرصنة قبالة الساحل الصومالي.

ومنذ أن بدأ الحوثيون هجماتهم، أبطأ الكثير من سفن البضائع سرعتها على بعد مئات الأميال في البحر انتظارا للتعليمات بشأن إمكانية مواصلتها مسارها إلى البحر الأحمر، حسبما ذكر الباحث تيموثي ووكر من معهد الدراسات الأمنية لوكالة الصحافة الفرنسية.

وقال إن هذا "يخلق ميدان صيد".

أفراد من كوريا الجنوبية يتابعون عبر التلفزيون عملية عسكرية نفذتها بحرية كوريا الجنوبية ضد القراصنة الصوماليين في المحيط الهندي، وذلك في سول على يوم 21 كانون الثاني/يناير 2011. [بارك جي-هوان/وكالة الصحافة الفرنسية]
أفراد من كوريا الجنوبية يتابعون عبر التلفزيون عملية عسكرية نفذتها بحرية كوريا الجنوبية ضد القراصنة الصوماليين في المحيط الهندي، وذلك في سول على يوم 21 كانون الثاني/يناير 2011. [بارك جي-هوان/وكالة الصحافة الفرنسية]

وأوضح المحللون أن هذه السفن أصبحت عرضة للخطر بشكل خاص بعد نقل بعض البحريات الأجنبية مراكزها من المحيط الهندي إلى البحر الأحمر ردا على هجمات الحوثيين المدعومين من إيران.

وفي حين أن القراصنة الصوماليين لا يشكلون التهديد نفسه الذي كانوا يشكلونه في عام 2011، إلا أن التصاعد الأخير في أنشطة القرصنة أثار المزيد من المخاوف إزاء الأمن البحري والشحن في وقت أصبحت فيه ممرات التجارة الحيوية قبالة الساحل اليمني محاصرة.

وسجل مكتب عمليات التجارة البحرية في المملكة المتحدة والذي يراقب أعمال القرصنة، 6 حوادث قبالة الساحل الصومالي منذ منتصف كانون الأول/ديسمبر، وتتراوح هذه الحوادث من عمليات اقتراب تقوم بها أطقم مسلحة برشاشات آلية وقاذفات صواريخ إلى عمليات اختطاف ناجحة.

ويأتي التصاعد في حوادث القرصنة قبالة الساحل الصومالي حتى في وقت أصبحت فيه القرصنة على الصعيد العالمي عند مستوى منخفض تاريخيا في عام 2023، بحسب مركز التعاون والتوعية بالمعلومات البحرية.

تزايد أنشطة القراصنة

وأشار المركز الذي يراقب حركة المرور البحري على مستوى العالم ولديه شراكات مع 65 شركة شحن، إلى "العودة المحتملة" لأعمال القرصنة قبالة السواحل الصومالية في تقرير صدر عام 2023.

وسجل المركز 9 هجمات خلال ذلك العام، واصفا العدد بأنه "جديد".

ووقع الكثير من تلك الحوادث قبالة منطقة بونتلاند وهي المركز التاريخي للقرصنة الصومالية وتلتف حول القرن الأفريقي وتتميز بسواحل طويلة على خليج عدن والمحيط الهندي.

وفي هذا السياق، قال مدير المركز إريك جاسلين إن تزايد أعمال القرصنة حدثت "تقريبا في الوقت نفسه" الذي بدأ فيه الحوثيون المدعومون من إيران باستهداف السفن في البحر الأحمر ومناطق الاقتراب منه من ناحية الجنوب، وذلك انطلاقا من المناطق التي يسيطرون عليها في اليمن.

وأوضح أنه "في الوقت نفسه تقريبا، بدأنا نلاحظ ظاهرة قرصنة ضد السفن الشراعية قبالة ساحل بونتلاند".

وبدوره، قال ترولز بورشال هنينغسين وهو مدرس مساعد في كلية الدفاع الملكية الدنماركية لمحطة بي بي سي إن الهجمات على السفن قبالة الساحل الصومالي تبدو انتهازية، حيث من المرجح أن المختطفين يستغلون ثغرة أمنية.

وأشار إلى أن القوات الدولية بدأت بتنفيذ دوريات في تلك المناطق حين تزايدت أعمال القرصنة بين عامي 2005 و2012، إلا أن نقطة التركيز انتقلت مؤخرا شمالا في البحر الأحمر حيث يهاجم الحوثيون السفن، بحسب ما أفادته محطة بي بي سي في 2 شباط/فبراير.

العوامل الدافعة للقرصنة

وقالت مؤسسة أوبزرفر للأبحاث في تقرير صدر في 23 كانون الثاني/يناير إنه وفقا لإحدى النظريات، من المحتمل أن يكون هناك تنسيق بين القراصنة والحوثيين.

وأوضح التقرير أن "مؤيدي هذه النظرية يشيرون إلى المعلومات الاستخبارية التي تدل على أن حركة الشباب في الصومال قد تعاونت مع الحوثيين في البحر الأحمر".

وذكر أنه "مع أن هذه النظرية تبدو مقنعة ظاهريا، إلا أن هناك القليل من الأدلة التي تدعمها".

ومن جانبه، قال دان مولر كبير المحللين المتخصصين في منطقة الشرق الأوسط بشركة الأمن البحري أمبري إن السفن التجارية شكلت هدفا لنحو 20 بالمائة من الحوادث المرتبطة بالقرصنة الصومالية منذ تشرين الثاني/نوفمبر.

وأوردت محطة سي إن بي سي يوم 6 شباط/فبراير أن القراصنة يهاجمون أيضا سفن الصيد وهي إيرانية بغالبيتها، إضافة إلى الكثير من القوارب الصغيرة الأخرى مثل الزوارق.

وفي تقرير صدر في حزيران/يونيو 2020، كشفت منظمة غلوبال فيشينج ووتش ومنظمة تريج مات تراكينج أن إيران تقوم بعملية ضخمة للصيد غير القانوني في المحيط الهندي حيث تتحرك السفن الإيرانية في المياه اليمنية والصومالية.

وبالعمل مع شركاء إقليميين من بينها الحكومة الصومالية، رصدت المنظمتان نحو 200 سفينة إيرانية في المياه اليمنية والصومالية، ما يشير إلى أن إيران كانت تسرق الثروة السمكية للبلدين.

وذكر ووكر الباحث في معهد الدراسات الأمنية لوكالة الصحافة الفرنسية أن بعض القراصنة زعموا في الماضي أنهم كانوا يمنعون عمليات الصيد غير القانوني.

وبين 29 كانون الثاني/يناير و2 شباط/فبراير، حررت قوات البحرية التابعة للهند وجزر سيشيل 4 سفن صيد بعد تعرضها للاختطاف، وكان بعضها على بعد أكثر من 800 ميل بحري (1500 كيلومتر) من الساحل.

وفي هذا الإطار، قال هانز تينو هانسن الرئيس التنفيذي لشركة الاستخبارات البحرية والأمنية الدنماركية ريسك إنتليجنس إنه "كلما تم الابتعاد عن الصومال، قل احتمال الربط بسيناريو صيد".

يُذكر أن هجمات القراصنة بلغت ذروتها في عام 2011 حين سمحت الفوضى الداخلية في الصومال وغياب قوات خفر السواحل للقراصنة باختطاف السفن التجارية واحتجاز أطقمها مقابل فدية. ومنذ ذلك الحين، انخفضت بصورة حادة بفضل الدوريات البحرية التي تقوم بها القوات متعددة الجنسيات.

ولدى قوات البحرية منظومات أكثر تقدما لرصد أنشطة القراصنة وباتت السفن التجارية نفسها أكثر وعيا بالمخاطر وأكثر معرفة بالإجراءات الأمنية.

ومن جهته، قال عمر محمود الباحث في مجموعة الأزمات الدولية لوكالة الصحافة الفرنسية إن التصاعد الأخير في أنشطة القرصنة "يرجح أن يكون مجرد تصعيد مؤقت وليست عودة كاملة".

وعبّر سكان بلدة إيل الواقعة على الساحل الصومالي عن وجهة النظر نفسها.

وقال أحمد سيد وهو صياد سمك من البلدة "توجد سفن حربية تقوم بدوريات في البحر. لا أعتقد أن أي قرصان بكامل قواه العقلية سيقوم بهذه المجازفة".

’قلق حقيقي‘

ووفق المراجعة السنوية لمركز التعاون والتوعية بالمعلومات البحرية، تم تسجيل ما إجماله 295 عملية قرصنة وقطع طريق في العام الماضي مقارنة بـ 300 عملية في العام 2022، وهو أقل معدل يتم تسجيله منذ بدء الإحصائيات في العام 2008.

وقال جاسلين إنه "على المستوى العالمي، نشهد توجهات مستقرة" على الرغم من "مناطق انعدام الأمن الكثيرة في المحيط الهندي".

ولكن شهدت نهاية العام 2023 موجة من الهجمات التي شنها الحوثيون ضد السفن التجارية حول مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي. ويمر عبره نحو 12 بالمائة من حجم التجارة العالمية.

وشدد جاسلين على أن "التهديد يتسم بالعنف، إذ يتم تحميل الصواريخ والمسيرات بالمتفجرات. ويوجد قلق حقيقي بشأن ذلك المضيق".

وفي العام الماضي، تم تسجيل 47 هجوما من هذا النوع ولا سيما حول مضيق باب المندب ولكن أيضا بالقرب من مضيق هرمز وقبالة الساحل الهندي.

وتم تسجيل حالات قرصنة قبالة الساحل الصومالي للمرة الأولى منذ العام 2017.

وتساءل جاسلين "هل هذه قرصنة انتهاز الفرصة لأن كل الموارد (العسكرية) تركز على البحر الأحمر؟ أم هذه ظاهرة تبدأ مرة أخرى؟ من السابق لأوانه تحديد ذلك".

هل أعجبك هذا المقال؟


يرجى إدخال الأرقام *