أمن

لجنة أميركية-عراقية مشتركة تعيد تقييم الشراكة مع إشارة الخبراء إلى نجاحاتها

تهدف المحادثات المشتركة بين الولايات المتحدة والعراق بشأن مستقبل التحالف الدولي إلى تطوير شكل جديد من ’علاقة أمنية ثنائية مستدامة‘.

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يشرف في 27 كانون الثاني/يناير على انطلاق أولى جولات المحادثات العسكرية مع الولايات المتحدة لبناء شراكة مستدامة. [مكتب رئيس الوزراء العراقي]
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يشرف في 27 كانون الثاني/يناير على انطلاق أولى جولات المحادثات العسكرية مع الولايات المتحدة لبناء شراكة مستدامة. [مكتب رئيس الوزراء العراقي]

أنس البار |

مع مراجعة لجنة مشتركة أميركية-عراقية مهمة التحالف الدولي لإلحاق الهزيمة بتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، أشار خبراء عراقيون إلى الإنجاز الذي حققته سنوات من التعاون وأعربوا عن أملهم بأن يتواصل ذلك.

وانطلقت المحادثات المفتوحة بين المسؤولين العسكريين الأميركيين والعراقيين في العراق بتاريخ 27 كانون الثاني/يناير، في ظل تواصل العراق أيضا مع أعضاء آخرين من التحالف.

وقال التحالف إن الاجتماع الأولي جاء في إطار عملية "تقييم التقدم في مهمة التحالف المتمثلة بإلحاق الهزيمة بداعش، إضافة إلى مناقشة التعديلات المستقبلية على مهمة التحالف وتواجده في العراق".

وأضاف أن اللجنة العسكرية المشتركة "ستعمل على وضع شروط تحويل المهمة في العراق".

قدمت الولايات المتحدة للعراق على مدى سنوات كميات كبيرة من المعدات والذخائر لدعم جهوده في بناء قدراته العسكرية. وتظهر في هذه الصورة التي التقطت بتاريخ 17 آذار/مارس حمولة إمدادات. [المتحدث باسم القوات المسلحة العراقية اللواء يحيى رسول]
قدمت الولايات المتحدة للعراق على مدى سنوات كميات كبيرة من المعدات والذخائر لدعم جهوده في بناء قدراته العسكرية. وتظهر في هذه الصورة التي التقطت بتاريخ 17 آذار/مارس حمولة إمدادات. [المتحدث باسم القوات المسلحة العراقية اللواء يحيى رسول]

وقال خبراء عراقيون تحدثوا إلى موقع الفاصل إن التواجد المتواصل للتحالف الدولي في العراق "ضروري" لمنع ظهور داعش مجددا.

وشددوا على أهمية الدور الاستشاري المستمر للتحالف ومساهماته في تدريب ودعم القوات العراقية ضمن إطار العلاقة الأمنية الاستراتيجية بين الطرفين.

وذكروا أن ذلك يهدف إلى الحفاظ غلى استقرار العراق والمنطقة.

وتم تشكيل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، والذي يعرف أيضا باسم عملية العزم الصلب، في أيلول/سبتمبر 2014 من أجل إلحاق الهزيمة بداعش بعد أن سيطر التنظيم المتطرف على مناطق واسعة من العراق وسوريا ويضم 86 دولة.

وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، تمكنت القوات العراقية بدعم من الغطاء الجوي التابع للتحالف من طرد داعش من كل المدن التي كان يسيطر عليها.

ومنذ العام 2018، تحول تركيز الشراكة بين العراق والتحالف الدولي من الأعمال القتالية إلى جهود أكثر شمولية لإخراج فلول التنظيم وإحلال الاستقرار وبناء تعاون استخباراتي ولوجستي.

لكن لا تزال الخلايا النائمة لداعش تشكل خطرا اليوم.

كذلك، يقدم عناصر عملية العزم الصلب المشورة والتدريب ويزودون عناصر الأمن العراقيين بالتقنيات اللازمة لتحسين مهاراتهم لملاحقة العناصر المتشددة وحماية حدود البلاد.

ووفروا حتى العام 2020 التدريب لأكثر من 240 ألف عنصر أمني عراقي وسلموا معدات عسكرية ودروع بملايين الدولارات للعراق من أجل الحفاظ على أمن الحدود.

وفي حزيران/يونيو الماضي، أطلقت الولايات المتحدة ووزراء الدول الأعضاء في التحالف الدولي حملة لجمع 600 مليون دولار لدعم الاستقرار في المناطق المحررة من داعش في العراق وسوريا.

وتعهدت 8 دول أعضاء بتأمين نصف هذا المبلغ.

محادثات عسكرية أميركية-عراقية

وتقود مهام التحالف في العراق قوات أميركية مؤلفة من 2400 جندي متمركزين في قاعدتين رئيسيتين هما عين الأسد بمحافظة الأنبار الغربية وحرير في أربيل.

ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس، تعرضت قواعد أميركية في العراق وسوريا لأكثر من 160 هجوما من قبل جماعات مدعومة من إيران أبرزها كتائب حزب الله.

ووسط التصعيد الإقليمي المتواصل، انطلقت جولة أولى من محادثات عسكرية أميركية-عراقية في 27 كانون الثاني/يناير بشأن الوجود الأميركي بالعراق، علما أن الأحزاب والميليشيات المرتبطة بإيران تضغط من أجل إنهاء ذلك الوجود.

ولكن يعارض كثيرون في العراق تلك الفكرة.

وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي طارق الشمري إن "العراق بحاجة لبقاء الأميركيين والتحالف الدولي بشكل عام".

وأوضح أن ذلك ضروري "لمضاعفة الجهود ليس على صعيد مواجهة التحدي الأمني فقط وإنما لاستكمال خطط التدريب وزيادة الكفاءة القتالية والمهارية للجنود العراقيين".

وتابع "لقد تحققت على مدى سنوات إنجازات مهمة بفضل التعاون الوثيق بين الطرفين"، مشيرا بشكل خاص إلى الهزيمة العسكرية لداعش وتحجيم خطره المتواصل.

وذكر "مثلما ساعدتنا الولايات المتحدة والتحالف في تحقيق النصر، استمرا بدعمنا أيضا للمحافظة على المكاسب من خلال مجهوداتها الاستشارية واللوجستية والمشاركة في إعمار المناطق المتضررة من الحرب".

وشدد الشمري على "ضرورة أن يأخذ المفاوض العراقي في المحادثات الجارية حول مستقبل الوجود الأميركي والدولي، بالاعتبار أن ذلك الوجود ضروري بالمرحلة الراهنة".

وقال إن هذا الوجود هو "صمام أمان للبلاد من مخاطر نمو تنظيم داعش مجددا واستعادته زمام المبادرة بالهجوم على الرغم مما تملكه القوات العراقية اليوم من خبرة وقدرات ذاتية".

ولفت إلى أن إيران توجه وكلاءها باستهداف القواعد التي تستضيف العسكريين الأميركيين وبزيادة التوترات للدفع باتجاه خروج التحالف الدولي حتى تتمكن من إضعاف العراق وفرض الهيمنة عليه واستغلال ثرواته.

وأضاف "من الواجب عدم الرضوخ للإرادة والمشاريع الإيرانية والتخلي عن شريك كبير كالولايات المتحدة لصالح دولة منبوذة مثل إيران ليس في أجندتها سوى إثارة المشاكل وتدمير البلدان".

تفاهمات ومخاطر جديدة

ونجح التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في كبج جماح تنظيم داعش.

ففي نيسان/أبريل الماضي، قال قائد التحالف الدولي الجنرال ماثيو ماكفارلين إن داعش "لم ينجح في تنظيم أو تنسيق شيء على مستوى أوسع" وإن هجماته تراجعت بنسبة 80 في المائة مقارنة بالعام 2022.

ولكنه أشار إلى أنه رغم هذه الجهود يبقى فلول التنظيم نشطين في مناطق ريفية ونائية في العراق وسوريا.

وبدوره، قال الخبير العسكري أعياد الطوفان للفاصل إن المحادثات بين الجانبين العراقي والأميركي تهدف إلى وضع شكل جديد لـ "علاقة أمنية ثنائية مستدامة".

وأضاف أنه من المرجح ألا ينسحب الجيش الأميركي، على أن تنشأ تفاهمات جديدة لشراكة دائمة.

وفي 25 كانون الثاني/يناير أي قبيل انطلاق الجولة الأخيرة من المحادثات، أكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أن الطرفين سيبحثان في كيفية تحول مهمة التحالف لإلحاق الهزيمة بداعش.

وذكر أوستن أن ذلك سيجري بحسب جدول زمني يأخذ 3 عوامل في الاعتبار، وهي "التهديد الذي يشكله التنظيم ومتطلبات العمليات والبيئة ومستويات قدرة قوات الأمن العراقية".

ولفت الطوفان إلى الخطر الجديد الذي تشكله الميليشيات المدعومة من إيران التي تريد تحويل العراق وسوريا إلى "ساحة معركة واحدة".

هذا وقالت الولايات المتحدة إن ما تسمى المقاومة الإسلامية في العراق، وهي ائتلاف يضم ميليشيات عراقية مدعومة من إيران، كانت وراء الهجوم الذي نفذ في 27 كانون الثاني/يناير بمسيرة وأسفر عن مقتل 3 جنود أميركيين وإصابة 34 آخرين في قاعدة بالأردن.

ووصف الطوفان الهجوم بأنه "تصعيد خطير"، ذاكرا أنه يؤكد أن الجماعات الثلاثة تواصل تنفيذ أوامر طهران بتوسيع الحرب.

وردت الولايات المتحدة في 3 شباط/فبراير على الهجوم الذي نفذ في الأردن، فشنت ضربات ضد عشرات الأهداف في 7 منشآت مرتبطة بإيران في العراق وسوريا.

واغتنمت الميليشيات الموالية لإيران في العراق الفرصة لإعادة توجيه مطالبتها للقوات الأميركية بالانسحاب من البلاد، علما أن عدة ميليشيات من بينها حركة النجباء تعهدت بمواصلة هجماتها على القوات الأميركية.

هل أعجبك هذا المقال؟


يرجى إدخال الأرقام *

مميز
مهم