أمن
إيران تنشر عدم الاستقرار عبر الشرق الأوسط بدعم روسي وصيني
في ظل تنفيذ وكلاء إيران هجمات في مختلف أنحاء المنطقة ومحاولتهم إشعال الوضع فيها، تستمر روسيا والصين بدعم طهران.
[فريق عمل الفاصل]
وليد فاتح |
قال محللون إن روسيا والصين تساهمان من خلال دعمهما لإيران في عدم الاستقرار السائد في الشرق الأوسط، مع تنفيذ وكلاء إيران في مختلف أنحاء المنطقة هجمات وأفعال إرهابية منتظمة.
وفي هذا السياق، قال الباحث السياسي الدكتور عبد النبي بكار لموقع الفاصل، إن إيران تعرّض المنطقة للخطر و"تبقي على الأوضاع محفوفة بالتوتر" من خلال وكلائها المتعددين.
وأوضح أن أتباع الحرس الثوري الإيراني والجماعات المسلحة المتحالفة معه في لبنان وسوريا والعراق وغزة واليمن ينفذون الهجمات في مختلف أنحاء المنطقة وسط الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس.
وتم إطلاق مسيرات وصواريخ عديدة من اليمن من قبل الحوثيين ومن لبنان من قبل حزب الله وحماس، في حين تعرضت القوات الأميركية في العراق وسوريا لهجمات من قبل الميليشيات المدعومة من إيران والمنتشرة في هذه البلدان.
وقال إن الدول حيث يتواجد وكلاء إيران تواجه حالة عدم استقرار وتوتر سياسي منذ عقود ما جعلها غير مستقرة، "مع تمدد حالة عدم الاستقرار النسبية إلى كل الدول في المنطقة".
هذا وسلط اندلاع الحرب في تشرين الأول/أكتوبر بين إسرائيل وحماس الضوء بشكل إضافي على الدور المدمر لإيران التي قامت بتمويل وتجهيز وتسليح الحركة الإرهابية وزودت مقاتليها بالتدريب القتالي.
وهددت الحرب الأخيرة في غزة بعرقلة عملية السلام في اليمن وأشعلت الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، حيث أطلقت حماس وحزب الله أسرابا من المسيرات والصواريخ نحو الداخل الإسرائيلي ما قوبل بنيران انتقامية.
هذا وأدت الحرب بين إسرائيل وحماس إلى تقويض جهود التطبيع بين دول الخليج وإسرائيل والتي هدفت إلى تعزيز الأمن والازدهار الإقليميين.
دعم روسي وصيني لإيران
وقال محللون لموقع الفاصل إنه في ظل نشر إيران ووكلائها الفوضى في الشرق الأوسط، واصل الحلفاء الرئيسيون للجمهورية الإسلامية، أي روسيا والصين، تقديم الدعم لها.
وأضافوا أنه عوضا عن التراجع، يبدو أنهما تميلان إلى هذا التحالف حتى في المجال العسكري.
وبدوره، قال قائد القوات الجوية الأميركية التاسعة الجنرال أليكسوس غرينكويتش في أيلول/سبتمبر إن علاقات عسكرية "متطورة" تربط بين روسيا وإيران، لافتا إلى أن تكنولوجيا المسيرات المشتركة تشكل مصدر قلق أساسيا.
وتشهد أدلة كثيرة على قيام إيران بتزويد روسيا بالمسيرات، علما أن هذه الأخيرة استخدمتها في هجماتها على المدنيين والبنى التحتية المدنية في أوكرانيا.
وقالت الولايات المتحدة إنه بالإضافة إلى تزويد روسيا بالمسيرات، تساعد إيران موسكو في بناء مصنع لتصنيعها.
وذكرت وكالة تسنيم الإخبارية التابعة لإيران في 28 تشرين الثاني/نوفمبر أن إيران أنجزت ترتيبات تسليم مقاتلات سوخوي (سي)-35 ومروحيات ميل مي-28 الهجومية روسية الصنع.
وفي هذه الأثناء، فرضت الولايات المتحدة في آذار/مارس عقوبات على 5 شركات صينية وشخص واحد على خلفية تزويدهم المكونات لمصنعي المسيرات الإيرانية.
وفي حزيران/يونيو، فرضت عقوبات على شبكة تعمل في إيران والصين وهونغ كونغ قالت إنها تقوم بتأمين المواد لبرنامج الصواريخ البالستية في إيران.
يُذكر أن المسيرات المصنعة في إيران تستخدم بصورة دورية في سوريا، حيث هناك تواجد كثيف لكل من إيران وروسيا دعما لنظام بشار الأسد.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر، أشارت مصادر استخبارية أميركية إلى احتمال قيام مجموعة المرتزقة الروسية فاغنر بتوفير نظام دفاع صاروخي روسي الصنع لحزب الله اللبناني.
وتبقى الصين حليفا قويا لإيران، رغم أن أفعال الجمهورية الإسلامية جعلت منها دولة منبوذة على الساحة العالمية.
وفي آذار/مارس 2021، وقع مسؤولون إيرانيون وصينيون "معاهدة تعاون استراتيجي" مدتها 25 سنة، وهو اتفاق بقيمة 400 مليار دولار لتمويل مشاريع البنية التحتية وزيادة النفوذ العالمي للصين.
وتسعى الصين أيضا إلى توسيع تأثيرها العسكري والاقتصادي في المنطقة، ليس فقط من خلال مبادرة الحزام والطريق، بل أيضا عبر إنشاء تواجد عسكري سري لها في موانئ أساسية.
ففي مطلع العام الجاري، كشفت وثائق استخبارية مسربة أن الصين استأنفت أعمال البناء في ميناء خليفة بالإمارات، حيث تقوم بحسب معلومات ببناء منشأة عسكرية سرية.
وقالت مصادر عسكرية إماراتية إن محطة الحاويات الصينية ذات الصلة تشكل أيضا تهديدا طويل الأمد لأنها توفر منصة محتملة لأنشطة التجسس.
وذكر عبدالله الدخيل الأستاذ المحاضر في قسم العلوم السياسية في جامعة الملك سعود أن "تاريخ منطقة الشرق الأوسط حافل بالتدخلات الروسية والصينية".
وأوضح لموقع الفاصل أن هذه التدخلات التي نفذت أساسا بحجة دعم الجماعات المسلحة اليسارية والشيوعية ساهمت في "موجة من الاضطرابات والحروب في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، علما أن تداعياتها لا تزال ملموسة حتى اليوم".
التزام أميركي بالأمن الإقليمي
وفي هذه الأثناء، تظهر الولايات المتحدة التزامها بالاستقرار الإقليمي على الساحة العسكرية والدبلوماسية.
فقامت بتعزيز تموضع قواتها في المنطقة من أجل منع أية جهات رسمية أو غير رسمية من تصعيد الأزمة خارج حدود غزة، حيث قامت بإرسال مجموعتي حاملات طائرات ووحدة استكشافية بحرية وأصول عسكرية أخرى.
وفي إطار هذه الجهود، أسقطت مدمرة الصواريخ الموجهة التابعة للبحرية الأميركية يو إس إس كارني في 3 كانون الأول/ديسمبر 3 مسيرات إيرانية الصنع فوق البحر الأحمر كان قد أطلقها الحوثيون.
وعلى مدى أكثر من 50 عاما، سعت الولايات المتحدة إلى نزع فتيل الصراعات ودعم الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط عبر إنشاء علاقات استراتيجية مع الشركاء الإقليميين وإعطاء الأولوية للمساعي الدبلوماسية.
وقال بكار، الباحث السياسي المصري، إن "الولايات المتحدة وحلفاءها أقاموا علاقات استراتيجية ووطيدة مع غالبية الدول في المنطقة بهدف ضمان الأمن والسلام على المدى الطويل".
وشكلت الجهود الأميركية الأخيرة الرامية إلى منع تمدد الصراع بين إسرائيل وحماس، مثالا على هذه المساعي الدبلوماسية، علما أن هذه الجهود ركزت على المفاوضات الهادفة إلى إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حماس.
ومع أن الصين قدمت نفسها كجهة صانعة للسلام في الشرق الأوسط، إلا أن محللين قالوا إنها تفتقر إلى الخبرة كوسيط في الصراعات وإنها لا تستطيع التحرك بشكل حيادي في المنطقة نظرا للعلاقة التي تربطها بحليفة حماس، أي إيران.
وفي الإطار نفسه، واصلت روسيا الترحيب بحماس حتى بعد الهجوم الإرهابي للحركة في 7 تشرين الأول/أكتوبر علما أن حماس أولت بالمقابل "اهتماما خاصا" بإطلاق سراح الرهائن الروس، وفق ما جاء في تقرير صدر في 2 كانون الأول/ديسمبر عن صحيفة واشنطن بوست.