إقتصاد
تهديدات الحوثيين تزيد من معاناة الاقتصاد المصري
تأثرت حركة الملاحة في قناة السويس التي تمثل مصدرا رئيسا للإيرادات في مصر جراء تهديدات الحوثيين وهجماتهم في البحر الأحمر.
جنى المصري |
القاهرة -- قال عدد من الخبراء إن التهديدات التي تطلقها جماعة الحوثي اليمنية لحركة الملاحة في البحر الأحمر سيكون لها تأثيرات سلبية مباشرة على الاقتصاد المصري الذي ما يزال يحاول التعافي من أزمة وباء كوفيد وتبعات غزو روسيا لأوكرانيا.
فقد تأثرت حركة العبور في قناة السويس، التي تعتبر مصدرا رئيسا للعملة الصعبة للاقتصاد المصري، بتهديدات وهجمات الحوثيين المدعومين من إيران في البحر الأحمر، خصوصا بعد أن أجبرت هذا الأسبوع عددا من شركات الشحن الكبرى على تغيير مسار سفنها.
وفي حديثه للفاصل، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة عين شمس شاهر عبد الله، إن السفن التجارية أجبرت على اعتماد الطريق الأطول حول رأس الرجاء الصالح "خوفا من التهديدات الحوثية".
وأضاف أنه "رغم أن عدد الرحلات التي غيرت المسار ضئيل لغاية الآن، إلا أنه من المتوقع أن يرتفع الرقم إذا ما استمر التهديد الأمني مع تعرض المزيد من السفن للاعتداءات".
وذكر أن "التهديدات الأمنية التي تطلقها الجماعات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، وخصوصا جماعة الحوثي، سيكون لها تأثيرات سلبية اقتصادية على عدد من الدول، وخصوصا مصر".
هذا ويمر نحو 20 ألف سفينة من قناة السويس سنويا.
وأكد أن قناة السويس تعتبر "الممر الأساسي لتصدير النفط والغاز من منطقة الخليج، ونافذة الشرق على الغرب".
وأوردت وكالة رويترز أنه في السنة المالية الماضية، ساهمت القناة بإيرادات قياسية بلغت 9.4 مليار دولار أميركي لاقتصاد مصر، ما يجعلها مصدرا حيويا للدخل من العملات الأجنبية.
ووفق غرفة الشحن الدولية، وهي رابطة تجارية لشركات الشحن مقرها لندن، فإن 12 في المائة من التجارة العالمية تمر عبر البحر الأحمر الذي يربط المحيط الهندي بالبحر المتوسط.
وأوضح عبد الله أن الأضرار المالية من المضايقات الحوثية المتواصلة للسفن "لن تقتصر على مصر فقط بل ستطال العالم أجمع".
وذكر أن "الأضرار ستشمل أيضا تكلفة الشحن إذ سترتفع مع ارتفاع المخاطر والتهديدات الأمنية".
وأكد أن "هذا الأمر سيؤثر تاليا على الأسواق العالمية إذ سترتفع أسعار النفط والغاز ومعها أسعار السلع كافة".
انخفاض الإيرادات
هذا وتدرّ قناة السويس يوميا لمصر بين 20 و25 مليون دولار أميركي، ويشمل ذلك رسوم الشحن والخدمات الإضافية.
من جانبه، قال محمد مجدي الذي يعمل بإحدى شركات الملاحة المصرية على القناة، إن تهديدات الحوثي أشاعت حالة كبيرة من القلق بين العاملين في القناة.
وأضاف أن "تراجع حركة الملاحة في قناة السويس سيؤدي بالطبع إلى تراجع الإيرادات، وذلك ليس فقط بسبب تراجع رسوم العبور، بل بما يتعلق أيضا بالشق اللوجستي الملحق بالقناة".
وأوضح أن "هيئة القناة قامت منذ فترة بتوسيع المناطق اللوجستية التي تقدم مختلف الخدمات للسفن العابرة وناقلات الحاويات وناقلات النفط، بما في ذلك خدمات الصيانة وإصلاح الأعطال، بالإضافة إلى الاحتياجات الغذائية".
بدوره، قال الخبير المالي محمود سلطان إن "الاقتصاد المصري عانى خلال السنوات الماضية من ضربات متتالية"، من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) إلى أزمة وباء كورونا والأزمة الأوكرانية.
وأضاف أن الحرب المتواصلة بين إسرائيل وحماس في غزة هي آخر الأزمات التي تواجهها مصر، مشيرا إلى أن "الوضع المالي لا يحتمل أي هزات على الإطلاق".
يذكر أن الجنيه المصري قد خسر منذ آذار/مارس 2022 نحو نصف قيمته مقابل الدولار الأميركي.
قيمة الدولار الأميركي التي كانت تعادل 29 جنيها في السوق السوداء منذ عام، أصبحت الآن أكثر من 50 جنيها، مقارنة بالسعر الرسمي الذي يبلغ 30.85 جنيها، حسبما أوردت وكالة رويترز يوم الأربعاء، 20 كانون الأول/ديسمبر.
وتواجه مصر أيضا تضخما شبه قياسي وديونا ضخمة، سواء محلية وخارجية.
وأوضح سلطان أن الحكومة قامت بالعديد من الإجراءات للجم انخفاض قيمة الجنيه ووقف ارتفاع الأسعار، خاصة السلع الاستهلاكية الأساسية.
وأكد أن ذلك "كبد الحكومة المصرية المزيد من الخسائر في محاولة لدعم القدرة الشرائية للمواطن المصري".
وتابع أنه مع تأثر حركة الملاحة في قناة السويس بالصراع في الشرق الأوسط، فإن الإيرادات ستقل، ما سيؤدي في نهاية المطاف إلى المزيد من ارتفاع أسعار السلع بمختلف أنواعها.
واستدرك أن "إيرادات قناة السويس خلال العام الماضي بلغت 9.4 مليار دولار أميركي وكانت مرشحة للارتفاع هذا العام لولا التهديدات الحوثية".