أمن

العراق يحصن حدوده مع سوريا لوضع حد لتهريب الأسلحة والمخدرات

عمل العراق جاهدا لتأمين حدوده مع سوريا، إلا أن الميليشيات التابعة لإيران لا تزال تجد سبلا لتهريب الأسلحة والمخدرات عبر المعابر الحدودية غير الشرعية.

جندي عراقي يؤمن الحراسة في 28 كانون الثاني/يناير في نقطة حدودية افتتحت مؤخرا على طول جدار إسمنتي عازل مع سوريا يهدف للحد من عمليات التهريب. [قيادة قوات الحدود العراقية]
جندي عراقي يؤمن الحراسة في 28 كانون الثاني/يناير في نقطة حدودية افتتحت مؤخرا على طول جدار إسمنتي عازل مع سوريا يهدف للحد من عمليات التهريب. [قيادة قوات الحدود العراقية]

أنس البار |

فيما يعمل العراق على ضبط أمن حدوده مع سوريا وتعزيزه، تواصل إيران ووكلاؤها تقويض هذه الجهود عبر الاستمرار في استخدام المعابر غير الشرعية لتهريب السلاح والمخدرات.

وعلى مدى سنوات، بذل العراق جهدا منسقا لتحصين حدوده مع سوريا التي تمتد على نحو 600 كيلومتر، فأقام سلسلة حواجز لوضع حد للتهريب ومحاولات التسلل.

وفي 28 كانون الثاني/يناير، تم إنجاز أعمال بناء جدار إسمنتي عازل بالقرب من قرية الباغوز السورية التي شكلت آخر معقل لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

وتقع الباغوز في منطقة ألبوكمال بدير الزور.

صورة التقطت في 29 آذار/مارس 2022 من ريف قريب من بلدة الهول السورية في شمال شرقي محافظة الحسكة، تظهر الجدار الإسمنتي الحدودي الذي يتم بناؤه على الجانب العراقي من الحدود. [دليل سليمان/وكالة الصحافة الفرنسية]
صورة التقطت في 29 آذار/مارس 2022 من ريف قريب من بلدة الهول السورية في شمال شرقي محافظة الحسكة، تظهر الجدار الإسمنتي الحدودي الذي يتم بناؤه على الجانب العراقي من الحدود. [دليل سليمان/وكالة الصحافة الفرنسية]

ويعزز الحاجز الإسمنتي الذي يبلغ طوله 12 كيلومترا، الأمن في منطقة غالبا ما تنخرط فيها الميليشيات التابعة لإيران بأنشطة تهريب غير قانونية.

وقال الفريق محمد سكر السعيدي قائد قوات الحدود العراقية للتلفزيون الرسمي إنه بوجود ذلك الجدار، بات الشريط الحدودي بين مدينتي القائم العراقية وألبوكمال السورية محصنا.

وتابع "هذا المانع مثالي"، لافتا إلى أنه تم تركيب كاميرات حرارية على طول الحدود من أجل تعزيز الأمن إلى جانب نقاط الحراسة والنقاط الأمنية.

وأوضح أن ذلك وضع حدا فعليا للتهريب والتسلل المنتشرين بين قرى هذه المنطقة واللذين يهددان أمن البلاد.

ولكن مراقبين ذكروا لموقع الفاصل أنه يصعب وضع حد تام لهذا النوع من الأنشطة غير القانونية، نظرا لهيمنة الميليشيات التابعة لإيران على المعابر غير الشرعية التي تشكل نقاط عبور للمخدرات والسلاح.

وقالوا إن شبكة الوكلاء الإيرانيين تستخدم نفوذها القوي في المنطقة للإفلات من المساءلة على نشاطاتها، ما يقوض جهود السلطات العراقية الرامية لتأمين الحدود.

قطع طرق التهريب

وفي هذا السياق، قال الخبير العسكري جليل خلف إن وضع الحدود "أفضل من السابق، لكن لا تزال الحاجة قوية لفرض إجراءات أكثر صرامة بهدف تعطيل التهريب".

وأضاف للفاصل "يجب إغلاق المنافذ غير الممسوكة من الدولة وقطع طرق وخطوط التهريب السرية".

وشدد "ينبغي الضغط على كل الجماعات التي تحاول العبث بأمن الحدود وتستغلها لإغراق البلد بالمخدرات والإضرار باستقراره وسيادته".

وتدير كتائب حزب الله المدعومة من إيران والمنتشرة إلى حد كبير على جانبي الشريط الحدودي معظم عمليات التهريب وتسيطر على معابر غير رسمية أبرزها معبر السكك في بلدة الهري الحدودية بدير الزور، حسبما ذكر خلف.

ويعتبر هذا المعبر شريانا عسكريا واقتصاديا حيويا للميليشيا، إذ تتدفق عبره معظم الأسلحة الإيرانية وتعزيزات المقاتلين إلى سوريا.

وأشار خلف إلى عبور الممنوعات والبضائع المهربة والوقود المهرب أيضا فيه.

وتابع أن المعبر يخضع لحراسة مشددة من الحرس الثوري الإيراني وعناصر من ميليشيات أخرى تابعة لإيران لديها مقرات فيه لإدارة أنشطتها.

وقال إن كتائب حزب الله تسيطر أيضا على عدة معابر أخرى غير شرعية تحول حركة المرور والتجارة بعيدا عن منفذ القائم-ألبوكمال الحدودي الرسمي.

وأشارت بعض التقارير إلى أن هذه المعابر لا تزال تستخدم كممرات لتهريب الأسلحة من إيران إلى سوريا ولبنان عبر العراق بالتنسيق مع الوحدة 190 و400 التابعتين لفيلق القدس بالحرس الثوري.

وبحسب مصادر استخبارية، قامت الوحدة 190 في السنوات الأخيرة بنقل آلاف الأطنان من الأسلحة إلى نظام بشار الأسد في سوريا وحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن.

أما الوحدة 400، فتعمل على شحن الأسلحة، وهي متهمة باغتيال صحافيين وناشطين عراقيين يعارضون أجندة إيران.

الميليشيات تستنزف الاقتصاد

وفي إطار الجهود الهادفة إلى وضع حد للأنشطة غير القانونية لكتائب حزب الله، فرضت الولايات المتحدة عقوبات في 17 تشرين الثاني/نوفمبر على 5 زعماء عراقيين بارزين في الجماعة تورطوا في تهريب الأسلحة عبر الحدود مع سوريا.

واتُهم الرجال الخمسة أيضا بتدريب مقاتلين وتوجيه شبكات الميليشيا وتمويلها ودعمها.

هذا وتتعاون كتائب حزب الله وبقية الميليشيات الإيرانية أو التابعة لإيران مع النظام السوري في تهريب المخدرات وأبرزها الكبتاغون من سوريا إلى العراق ودول المنطقة.

وتتخطى قيمة هذه التجارة غير المشروعة الـ 10 مليارات دولار سنويا، وهو ما يشكل عائدا هائلا ومصدر قلق للحكومات التي تكافح لمنع تدفق المخدرات.

وذكرت وسائل إعلامية أن السلطات العراقية منعت في آذار/مارس 2023 عبور 3 ملايين حبة كبتاغون في منفذ القائم مع سوريا.

ويضر تهريب البضائع إلى سوريا، كالأدوية المدعومة والبنزين والملابس والأجهزة الكهربائية، بالاقتصاد العراقي ويكلف خزينة الدولة ملايين الدولارات سنويا.

وبشكل عام، يدر التهريب بين العراق وسوريا على الميليشيات ما لا يقل عن 50 مليون دولار شهريا، يستحصل بعضها من الرسوم والإتاوات المفروضة على شاحنات نقل البضائع المهربة.

وقد تتراوح هذه الأخيرة بين 200 و1500 دولار لكل شاحنة.

وذكر المتحدث باسم مجلس القبائل والعشائر السورية مضر الأسعد للفاصل أن "الأهالي ضاقوا ذرعا من استنزاف الميليشيات لاقتصادهم".

وأضاف أن "الأزمات المعيشية تتفاقم بسبب استيلاء وكلاء إيران على قوت السكان".

وتابع أن الميليشيات تهدد أيضا أمن المدن الحدودية.

وأوضح أن تهريبها المتواصل للأسلحة حوّل هذه المدن إلى مناطق حرب، في حين حوّل تخزينها الأسلحة في الأحياء السكنية المدنيين إلى دروع بشرية.

هل أعجبك هذا المقال؟