عدالة
جرف الصخر، ’قاعدة عسكرية مغلقة‘ خاضعة لسيطرة كتائب حزب الله
على مدى العقد الماضي، حولت كتائب حزب الله والميليشيات الأخرى المتحالفة مع إيران جرف الصخر إلى قاعدة عسكرية ومنعت سكانها النازحين من العودة إلى ديارهم.
أنس البار |
سلطت الضربات الأميركية الأخيرة على مواقع الميليشيات العراقية المدعومة من إيران في جرف الصخر الضوء مرة أخرى على سيطرة الميليشيات على البلدة، وتحويلها إلى "قاعدة عسكرية مغلقة".
وقال البنتاغون إن الولايات المتحدة نفذت في 23 كانون الثاني/يناير ضربات جوية دقيقة ضد ثلاث منشآت تستخدمها كتائب حزب الله وجماعات أخرى تابعة لإيران في العراق.
وأصابت الضربات الأميركية "مقرات ومواقع تخزين للصواريخ والقذائف وتدريب على تشغيل الطائرات المسيرة الهجومية أحادية الاتجاه" التابعة لكتائب حزب الله في منطقة جرف الصخر جنوب بغداد، وكذلك في القائم على الحدود مع سوريا.
وأوضح وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، إن تلك الهجمات جاءت "ردا مباشرا على سلسلة من الهجمات التصعيدية ضد أجنود الولايات المتحدة وقوات التحالف في العراق و سوريا نفذتها الميليشيات التي ترعاها إيران".
وأقامت كتائب حزب الله والميليشيات الأخرى المدعومة من إيران قواعد عسكرية في منطقة جرف الصخر، تعد منصة يشنون منها هجمات ضد قوات التحالف.
وقال خبراء إن الأسلحة والصواريخ والطائرات المسيرة يتم تصنيعها هناك تحت إشراف الحرس الثوري الإسلامي.
وفي 22 كانون الثاني/يناير، استهدفت عدة طائرات مسيرة قاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار، ما أدى إلى وقوع إصابات في صفوف القوات الأميركية وإلحاق أضرار بالبنية التحتية، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقبل يومين، استهدفت القاعدة نفسها بما لا يقل عن 12 صاروخا، ما تسبب في وقوع إصابات بين الجنود العراقيين والأميركيين المقيمين في القاعدة.
وقبل ذلك، وتحديدا منذ منتصف تشرين الأول/أكتوبر، كانت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة في العراق وسوريا هدفا لأكثر من 160 هجوما تبنت معظمها المقاومة الإسلامية في العراق، وهي تحالف فضفاض من الجماعات المرتبطة بإيران.
تحت سيطرة الميليشيات المشددة
بلدة جرف الصخر هي بلدة زراعية تقع على بعد 60 كيلومترا إلى الجنوب الغربي من بغداد. تقبع هذه البلدة تحت سيطرة كتائب حزب الله منذ نحو عقد من الزمن، وتحديدا منذ أن حررتها القوات العراقية من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في عام 2014.
ولاحقا، غيرت الميليشيا اسمها إلى جرف النصر ومنعت الوصول إليها بشكل كامل، محولة إياها إلى قاعدة عسكرية كبيرة ومستودع للذخيرة.
إلى هذا، حظرت حزب الله الغالبية العظمى من سكان البلدة النازحين البالغ عددهم 100 ألف من العودة إليها بحجة عدم تطهيرها من مخلفات الحرب، معتبرة أن الميليشيات موجودة هناك "لحفظ الأمن” و”منع عودة العناصر المتطرفين".
وكشف الذين تمكنوا منهم من العودة، إن البلدة أصبحت بمثابة برميل بارود بسبب الذخيرة والصواريخ والقذائف المخزنة داخلها بشكل عشوائي.
وفي حديثه للفاصل، قال مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل، إن جرف الصخر لم تعد مركزا مدنيا بل معسكر سري ومغلق يخضع بالكامل لسيطرة كتائب حزب الله.
وأضاف أن البلدة تضم أيضا "كلية عسكرية" لتدريب عناصر الميليشيات، فضلا عن مستودعات للأسلحة المتوسطة والكبيرة وورش لصناعة وصيانة الطائرات المسيرة والصواريخ التي يتم تهريب أجزائها من إيران.
وأشار إلى أن قادة الحرس الثوري الإيراني في جرف الصخر يشرفون على تصنيع الأسلحة وأنشطة التدريب العسكري.
وبحسب تقارير مختلفة، يوجد في البلدة ما لا يقل عن 20 قاعدة عسكرية لكتائب حزب الله والميليشيات الأخرى المدعومة من إيران. ومعظم هذه القواعد كانت مباني حكومية أو مصانع أو مدارس.
وذكرت هذه التقارير، حولت الميليشيات عددا من المباني إلى "مراكز اعتقال سرية" حيث تحتجز من تعتقل من المعارضين وتعذبهم.
الإضرار بمصالح العراق
بحسب عدة مصادر، تحتوي جرف الصخر على مقابر جماعية دفن فيها السكان المختفين قسرا خلال المعركة مع داعش.
إلى هذا، يستغل المسلحون التابعون لإيران بساتين البلدة ومزارع الأسماك وغيرها من الموارد لتجديد خزائنهم.
وشدد حسين على أن خطر "القاعدة العسكرية" التابعة لكتائب حزب الله في جرف الصخر "ظهر بوضوح بعد استخدامها كقاعدة انطلاق لهجمات متعددة على قواعد تستضيف مستشاري التحالف الدولي في العراق وسوريا".
وأكد حسين أن الميليشيات هي بأسلحتها وأنشطتها غير القانونية "كيان موازي" يضر بالدولة، مضيفا أنها لا تحترم السلطات العراقية أو المصلحة الوطنية أو الاتفاقيات الموقعة مع التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب.
وأردف "أن هذه التصرفات العدوانية تهدد حياة العراقيين وتدفع العراق إلى حافة الهاوية خدمة لعقيدة ولاية الفقيه الإيرانية".
وولاية الفقيه هي عقيدة تدعو إلى مبايعة المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي.
وقال الخبير العسكري الفريق الركن (المتقاعد) جليل خلف إن جنودا عراقيين كانوا من بين المصابين في الهجوم الذي وقع في 20 كانون الثاني/يناير على قاعدة عين الأسد الجوية.
وأضاف للفاصل أن الهجمات استهدفت أيضا قواعد عسكرية عراقية وبعثات دبلوماسية في بغداد، ما عرض حياة المدنيين وسلامتهم للخطر، مشددا على أن هذه الممارسات "غير مقبولة".
ودعا "الجماعات المسلحة [المتحالفة مع إيران] إلى مراعاة المصلحة الوطنية للعراق، وليس إيران، وأن تدرك أن المساس بأمن واستقرار البلاد وجرها إلى الهاوية لا يخدم الشعب العراقي".
إنهو تطبيق رائع