عدالة

إيران تهدف إلى زعزعة استقرار جيرانها، وتمول الميليشيات من خلال تجارة المخدرات غير الشرعية

إن الأرباح الناتجة عن تهريب وبيع المخدرات تغمر جيوب الميليشيات المدعومة من إيران وحاشية النظام، ما يترك الاقتصادات والمجتمعات المحلية في حالة دمار.

وزير الداخلية اللبناني بسام المولوي (إلى اليسار) يتفقد إحدى البرتقالات المزيفة المليئة بحبوب الكبتاغون والمخبأة في صناديق تحتوي على فاكهة حقيقية، بعد اعتراض الشحنة من قبل الجمارك وفرقة مكافحة المخدرات في مرفأ بيروت يوم 29 كانون الأول/ديسمبر 2021. [أنور عمرو/وكالة الصحافة الفرنسية]
وزير الداخلية اللبناني بسام المولوي (إلى اليسار) يتفقد إحدى البرتقالات المزيفة المليئة بحبوب الكبتاغون والمخبأة في صناديق تحتوي على فاكهة حقيقية، بعد اعتراض الشحنة من قبل الجمارك وفرقة مكافحة المخدرات في مرفأ بيروت يوم 29 كانون الأول/ديسمبر 2021. [أنور عمرو/وكالة الصحافة الفرنسية]

أنس البار |

قال مسؤولون إن تهريب المخدرات من إيران إلى أسواق الشرق الأوسط يتمدد، ما يجبر حكومات المنطقة على تعزيز التنسيق للحد من بيع وتعاطي المخدرات غير الشرعية.

على مدى سنوات عدّة، انخرطت الجماعات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني في تصنيع المخدرات وتهريبها والاتجار بها على المستوى الإقليمي، بما في ذلك الكريستال ميث والمواد الأفيونية والكبتاغون والحشيش، باستخدام الإيرادات المتأتية منها كمصدر رئيس للتمويل.

أصبح الكبتاغون، وهو أمفيتامين يتم تسويقه في السوق السوداء (فينيثيلين) ويعتبر سيئا لارتباطه بمقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، أحد أكثر المواد المخدرة المتوفرة شيوعا.

وأصبحت سوريا، بفضل دعم من نظام بشار الأسد والميليشيات الإيرانية، أكبر منتج للكابتاغون، بحسب مسؤولين ومحللين إقليميين في مجال مكافحة المخدرات.

أكياس حبوب الكبتاغون المصادرة في صورة التقطت يوم 27 تموز/يوليو 2022، في مقر الشرطة القضائية بمنطقة كفرشيما جنوب بيروت. [جوزيف عيد/وكالة الصحافة الفرنسية]
أكياس حبوب الكبتاغون المصادرة في صورة التقطت يوم 27 تموز/يوليو 2022، في مقر الشرطة القضائية بمنطقة كفرشيما جنوب بيروت. [جوزيف عيد/وكالة الصحافة الفرنسية]
أحد ضباط مديرية مكافحة المخدرات في وزارة الداخلية السعودية يقوم بفرز أقراص الكبتاغون التي تم ضبطها خلال عملية خاصة، في 1 آذار/مارس 2022. [فايز نور الدين/وكالة الصحافة الفرنسية]
أحد ضباط مديرية مكافحة المخدرات في وزارة الداخلية السعودية يقوم بفرز أقراص الكبتاغون التي تم ضبطها خلال عملية خاصة، في 1 آذار/مارس 2022. [فايز نور الدين/وكالة الصحافة الفرنسية]
في 5 كانون الأول/ديسمبر، ضبطت السلطات الأردنية كميات كبيرة من الكبتاغون والحشيش، ما أحبط محاولة تهريب المخدرات غير الشرعية من سوريا. [إدارة مكافحة المخدرات الأردنية]
في 5 كانون الأول/ديسمبر، ضبطت السلطات الأردنية كميات كبيرة من الكبتاغون والحشيش، ما أحبط محاولة تهريب المخدرات غير الشرعية من سوريا. [إدارة مكافحة المخدرات الأردنية]

وقال مضر الأسعد، المنسق العام للمجلس الأعلى للعشائر السورية، إن "ما يميز هذا الدواء هو سهولة تصنيعه"، مشيرا إلى أنه "يمكن تعديل آلة صنع الشوكولاتة أو الحلوى لتنتج 700 حبة كبتاغون في الدقيقة وملايين الحبوب يوميا".

هذا ويصعب الحصول على المواد الكيميائية الخام المستخدمة في صناعة الكبتاغون وأهمها الأمفيتامين، لذلك قررت الميليشيات المدعومة من إيران تصنيعه محليا وإضافة الكافيين والمُحليات إليه.

تغذية ’دولة المخدرات‘ السورية

يتم تهريب الكبتاغون وغيره من المخدرات من إيران وسوريا إلى الدول المجاورة، بما في ذلك الأردن والعراق ولبنان، بهدف الوصول إلى الشباب المحليين والأسواق الأكبر في دول الخليج.

ولفت الأسعد إلى أن هناك شبكات "معقدة ولامركزية" لا تدير الإنتاج فحسب، بل مسؤولة أيضا عن التهريب والبيع عبر الحدود.

تشمل هذه الشبكات حزب الله اللبناني وميليشيات المقاتلين الأجانب المدعومة من إيران، مثل فاطميون وزينبيون، إلى جانب كبار شخصيات نظام الأسد وقواته العسكرية كالفرقة الرابعة ووحدة الاستخبارات 215 وشركات الأمن الخاصة مثل مجموعة فاغنر الروسية، حسبما أضاف.

وتعتبر تجارة المخدرات غير الشرعية مربحة للغاية لسوريا، وفقا لتشارلز ليستر، مدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب والتطرف في معهد الشرق الأوسط في واشنطن العاصمة.

وأضاف أنه في عام 2021، تم ضبط ما قيمته نحو 5.7 مليار دولار من أقراص الكبتاغون السورية في الخارج، وهو ما يقارب ضعف القيمة المضبوطة عام 2020 البالغة 3.5 مليار دولار، وهي تعتبر أعلى بكثير من الصادرات القانونية السنوية لسوريا البالغة نحو 800 مليون دولار.

وأوضح ليستر أيضا نقلا عن مسؤولين إقليميين مطلعين، أن مضبوطات المخدرات التي زادت مرة أخرى على مدار عام 2022، لا تمثل سوى 5 إلى 10 في المائة من إجمالي تجارة الكبتاغون في سوريا.

واعتبر ليستر خلال ندوة عبر الإنترنت عقدها مركز هارمون للدراسات المعاصرة، أنه باختصار، أصبحت سوريا "دولة مخدرات" وإن إنتاجها الضخم من الكبتاغون يفوق إنتاج العصابات المكسيكية.

من جهته، قال جهاد يازجي، مؤسس ورئيس تحرير مجلة سيريا ريبورت، لفايس وارلد نيوز، "إن الأموال الناتجة عن تجارة الكبتاغون ضرورية للنظام لتغذية آلة القمع الخاصة به"، لافتا إلى أنه "تمثل صادرات الكبتاغون المساهمة الوحيدة الأكثر أهمية في عائدات العملة الأجنبية للاقتصاد السوري".

لكنه رأى أن الأرباح لا تغذّي الاقتصاد السوري.

وأردف يازجي "إن الغالبية العظمى من عائدات التجارة تذهب إلى جيوب المقربين من النظام الأقوياء والبلطجية والميليشيات التابعة لإيران، والأشخاص الذين يسببون ضررا كبيرا للشعب السوري، والأشخاص الملطخة أيديهم بالدماء".

تمويل أجندة طهران

أكد الأسعد أن عائدات الكبتاغون والمخدرات الأخرى كالحشيش والأفيون والهيروين "تمول أجندة طهران وذلك للعبث بأمن شعوب الشرق الأوسط ومستقبلها وتدمير قدراتها".

ويشكل تهريب المخدرات تحديات جسيمة أمام حكومات المنطقة التي تعمل بشكل مشترك لتقويض هذا التهديد الخطير.

أعلنت وزارة الداخلية اللبنانية في بيان نقلته الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية الأحد، 10 ديسمبر/كانون الأول، أن السلطات اللبنانية ضبطت نحو 800 كيلوغرام من المخدرات كانت في طريقها إلى الكويت عبر هولندا.

وذكر البيان أن المخدرات كانت مخبأة "بطريقة احترافية" في أشكال خشبية داخل صندوق مضاد للرصاص، من دون أن يحدد نوع المخدرات المضبوطة.

إلى ذلك، نشرت إدارة مكافحة المخدرات على فيسبوك، يوم الخميس، أن السلطات الأردنية قامت في الأيام الأخيرة باعتقال عدد من الأشخاص وضبط كمية من المخدرات، بما في ذلك الكريستال ميث والحشيش والكوكايين وحبوب مخدرة أخرى.

وأشارت إلى أن الأجهزة الأمنية الأردنية أحبطت مؤخرا محاولة تهريب 260 ألف حبة مخدرة من منزل في محافظة جرش.

وأحبط الجيش الأردني كذلك عملية تسلل لعدد من المهربين من سوريا بحوزتهم 119 ألف حبة كبتاغون و15 ألف حبة ترامادول و1748 شتلة من الحشيش (وحدة قياس بحجم كف اليد)، بحسب ما أفاد مصدر عسكري في القوات المسلحة الأردنية، يوم الأربعاء.

وفي كانون الأول/ديسمبر الماضي، ضبطت السلطات الأردنية ستة ملايين حبة كبتاغون على حدودها مع العراق، وكانت الحبوب مخبأة في معجون التمر داخل شاحنتي تبريد.

وقالت دائرة الجمارك الأردنية إن وزن هذه الشحنة يبلغ طنا واحدا، وهي واحدة من أكبر الشحنات التي تم اعتراضها على الإطلاق.

وخلال العام الماضي، أسقطت السلطات الأردنية تسع طائرات بدون طيار قادمة من سوريا تحمل مادة الكريستال ميث.

جهود مشتركة لمكافحة تهريب المخدرات

غالبا ما يكون الأردن، الذي يشارك حدوده مع سوريا والعراق والمملكة العربية السعودية، مجرد نقطة عبور لتهريب المخدرات بشكل غير قانوني.

وفي هذا العام ضبطت السعودية شحنات مهرّبة مكونة من ملايين أقراص الأمفيتامين المستخدمة في صناعة الكريستال ميث، منها 12 مليون قرص وصلت إلى ميناء جدّة وكانت مخبأة في شحنة من الرمان.

ومنعت الرياض قبل عامين استيراد الخضار والفواكه من لبنان بعد كشف عمليات تهريب وصفتها بـ "الممنهجة" لحزب الله لإغراق البلاد بالمخدرات والإضرار بالعلاقات التجارية بين البلدين واستنزاف الثروات الوطنية.

أما العراق فيقوم بالتنسيق مع دول الجوار للحد من تهريب المخدرات الإيرانية عبر أراضيه.

وفي حديثه لوكالة الأنباء الرسمية يوم الثلاثاء، قال اللواء خالد المهنا، مدير العلاقات العامة في وزارة الداخلية العراقية، إن "هناك مذكرات تفاهم واتصالات شبه يومية مع مسؤولين في دول الجوار.. وتنسيق عالي المستوى لتتبع تجارة المخدرات الدولية".

وصرّح مسؤولون للشرق الأوسط في أيلول/سبتمبر عام 2022، بأن نحو 90 في المائة من المخدرات تدخل العراق عبر حدوده الشرقية مع إيران.

وحذر آنذاك فاضل الغراوي، العضو السابق في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، من انتشار المخدرات في البلاد، خصوصا بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و35 عاما.

وأضاف أن "ارتفاع معدلات تعاطي المخدرات في السنوات الأخيرة أصبح يشكل خطرا على حياة الشباب"، داعيا الحكومة إلى فتح مصحات لإعادة تأهيل مدمني المخدرات "بدلا من سجنهم مع تجار المخدرات".

هل أعجبك هذا المقال؟


يرجى إدخال الأرقام *

صدقني إذا بقلك ما شفت أدّك حمار وغبي وكذّاب ولك العمى بقلبك شو بهيمة !!!! ولك كذوب كذبة ممكن حدا يصدقها ، طعمرك شو جحش