دبلوماسية
زيارة بلينكن للسعودية تعكس عقودا من العلاقات الدبلوماسية المتينة
على مدى أكثر من 80 عاما، كانت الولايات المتحدة والسعودية شريكتين في التعامل مع عدد من أصعب القضايا في المنطقة وتحديات اليوم لا تختلف عن ذلك.
فريق عمل الفاصل |
تسلط زيارة وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن السعودية خلال الشهر الجاري، الضوء على عقود من العلاقات الوطيدة بين الدولتين وذلك حتى في أصعب الظروف.
ووصل بلينكن إلى السعودية يوم 5 شباط/فبراير، في أول محطة له في إطار جولة إقليمية تهدف لخفض التوترات الإقليمية وزيادة المساعدات الإنسانية العاجلة للفلسطينيين في غزة وغيرها من الأولويات.
والتقى مع ولي العهد ورئيس الوزراء السعودي محمد بن سلمان في الرياض.
وبحث بلينكن وولي العهد في "التنسيق الإقليمي لوضع حد للأزمة في غزة بشكل دائم، ما يوفر السلام والأمن الدائمين للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء"، بحسب الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر.
وذكر ميلر أنهما تحدثا عن "الحاجة الملحة لخفض التوترات الإقليمية، بما في ذلك وقف هجمات الحوثيين التي تقوض كلا من حرية الملاحة في البحر الأحمر والتقدم في عملية السلام باليمن".
وناقشا أيضا "أهمية بناء منطقة أكثر تكاملا ورخاء وأكدا مجددا الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والسعودية".
يُذكر أن بلينكن ومسؤولين أميركيين آخرين زاروا السعودية مرات عدة في الأشهر الأخيرة في محاولة لتحقيق انفراجات دبلوماسية في أصعب القضايا القائمة اليوم.
شراكة تدوم منذ أكثر من 80 عاما
وعلى مدى أكثر من 80 عاما، اتسمت العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية بالقوة وهي تستند إلى الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
وخلال السنوات الأربعة الماضية، أنشأت الولايات المتحدة منشآت دبلوماسية جديدة في الرياض وجدة والظهران، وانطلق الوجود الدبلوماسي الأميركي في السعودية اعتبارا من 12 كانون الأول/ديسمبر من سفارة جديدة في الرياض.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن "هذه المشاريع تمثل الأساس الفعلي للعلاقات القوية والدائمة بين الولايات المتحدة والسعودية واستثمارنا في تلك العلاقة على مدى العقود القادمة".
وأنشأت هذه العلاقة على أساس المصالح المشتركة المتمثلة في حفظ استقرار المنطقة وأمنها ورخائها.
وأضافت وزارة الخارجية أن "السعودية تلعب دورا هاما في العمل نحو مستقبل سلمي ومزدهر للمنطقة، وهي شريك قوي في جهود الأمن ومكافحة الإرهاب وفي التعاون العسكري والدبلوماسي والمالي".
هذا ويتعاون الجيشان السعودي والأميركي ووكالات إنفاذ القانون في البلدين على نحو وثيق لضمان مصالح الأمن القومي لكلا البلدين.
وتربط بين الدولتين علاقات اقتصادية وثقافية وتربوية قوية منذ فترة طويلة من الزمن.
وتتعاون الولايات المتحدة بشكل وثيق مع السعودية لدعم أجندتها الطموحة بتنويع اقتصادها بعيدا عن النفط وخلق فرص عمل للشباب السعودي.
وتخرّج أيضا ما يقدر بـ 700 ألف طالب سعودي من جامعات أميركية خلال العقود الخمسة الماضية.
وأوضحت وزارة الخارجية الأميركية أن "التبادلات التربوية والمهنية والثقافية والرياضية بين الشعبين... تسهم أيضا في تعزيز تلك العلاقات الوثيقة".
البحث عن فرص للسلام
وفي هذا السياق، قال عبد الله الدخيل الأستاذ المحاضر في كلية العلوم السياسية بجامعة الملك سعود إن زيارات بلينكن الأخيرة إلى السعودية هي مهمة للغاية في ظل التحديات العديدة التي تواجهها المنطقة.
وأضاف أن أولويات الحكومة الأميركية تتوافق مع أهداف الدول العربية مثل السعودية ومصر وقطر "والمتمثلة بإيجاد فرصة السلام [الإقليمي] بأي طريقة ممكنة والابتعاد عن منطق الحرب".
وتابع الدخيل أن هذه الوحدة بين الولايات المتحدة وحلفائها العرب تساعد في كبح جماح إيران على الرغم من الهجمات المتكررة التي تشنها الفصائل المسلحة التابعة للحرس الثوري الإيراني في لبنان وسوريا وغزة واليمن والعراق.
وذكر أن بدء بلينكن زيارته الأخيرة للمنطقة بالسعودية "يترجم العلاقة الأميركية-السعودية ومدى متانتها. فكانت الولايات المتحدة ولا تزال تعتبر السعودية الحليف الاستراتيجي الأقوى في المنطقة ومفتاح الأبواب السياسية والدبلوماسية المغلقة".
وأوضح أن الجانبين "لا يسعيان فقط إلى إنهاء الأزمة الحالية في غزة بل يسعيان إلى سلام دائم بمشاركة جميع الأطراف دون استثناء".
وأكد الدخيل أن هذا الأمر ممكن رغم صعوبة القضية.
واستدرك أن "الطرفين يعتبران أن السلام الشامل هو الكلمة السحرية في المنطقة والشراكة الاستراتيجية بين البلدين هي المفتاح الأساسي [لتحقيق ذلك]" .