أمن

هجمات الحوثيين في البحر الأحمر تضعف احتمالات السلام في اليمن

بعد تسع سنوات من الحرب، كانت احتمالات السلام تبدو قريبة المنال، لكن الهجمات الحوثية المتصاعدة ضد الملاحة الدولية تخل الآن بالتوازن الهش أصلا.

صيادو سمك يمنيون يفرغون صيدهم من قارب على ساحل البحر الأحمر في مديرية الخوخة بمحافظة الحديدة غربي البلد الذي مزقته الحرب، يوم 27 كانون الأول/ديسمبر. [خالد زياد/وكالة الصحافة الفرنسية]
صيادو سمك يمنيون يفرغون صيدهم من قارب على ساحل البحر الأحمر في مديرية الخوخة بمحافظة الحديدة غربي البلد الذي مزقته الحرب، يوم 27 كانون الأول/ديسمبر. [خالد زياد/وكالة الصحافة الفرنسية]

فريق عمل الفاصل |

عرضت الهجمات المتواصلة التي يشنها الحوثيون المدعومون من إيران على السفن في البحر الأحمر للخطر عملية السلام الهشة لإنهاء الحرب المستمرة من تسع سنوات في اليمن.

فطيلة أسابيع، صعد الحوثيون من هجماتهم على ناقلات النفط وسفن البضائع والسفن الأخرى بغض النظر عن جنسيتها في البحر الأحمر،ما يعرض للخطر ممر عبور يحمل ما يصل إلى 12 في المائة من التجارة العالمية.

وتقلل هذه الهجمات من احتمالات التوصل للسلام في اليمن، فيما يخشى كثيرون من أنها قد تجر البلاد إلى حرب جديدة.

وفي الوقت الراهن، تحاول الولايات المتحدة الفصل بين عملية السلام وهجمات البحر الأحمر، حسبما أوردت صحيفة وول ستريت جورنال يوم الأربعاء.

استولى الحوثيون يوم 19 تشرين الثاني/نوفمبر على سفينة بضائع على صلة بإسرائيل مع طاقمها الدولي الذي يتكون من 25 فردا في مكان غير محدد في البحر الأحمر. تهدد هجمات الحوثيين الملاحة في الممر المائي الاستراتيجي بإخراج عملية السلام في اليمن عن مسارها. [المركز الإعلامي لأنصار الله/وكالة الصحافة الفرنسية]
استولى الحوثيون يوم 19 تشرين الثاني/نوفمبر على سفينة بضائع على صلة بإسرائيل مع طاقمها الدولي الذي يتكون من 25 فردا في مكان غير محدد في البحر الأحمر. تهدد هجمات الحوثيين الملاحة في الممر المائي الاستراتيجي بإخراج عملية السلام في اليمن عن مسارها. [المركز الإعلامي لأنصار الله/وكالة الصحافة الفرنسية]

وقال مسؤول أميركي "لقد دعمنا منذ فترة طويلة الجهود الرامية لإنهاء الصراع في اليمن ونرحب بالتقدم المحرز نحو التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النيران تحت رعاية الأمم المتحدة".

وأضاف "في الوقت نفسه، نشعر بالقلق الشديد من الهجمات الطائشة والخطيرة التي يشنها الحوثيون على السفن المدنية في الممرات المائية الدولية الحيوية حول اليمن".

خريطة طريق جديدة للسلام

ويشهد اليمن حربا منذ عام 2014، عندما أدى انقلاب الحوثيين المدعومين من إيران إلى استيلائهم على صنعاء وأجزاء كبيرة من الأراضي اليمنية. وقد أدى ذلك في العام التالي إلى تدخل عسكري بقيادة السعودية لدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.

وعززت المباحثات المباشرة بين المملكة العربية السعودية والحوثيين والتي كانت قد بدأت في نيسان/أبريل 2023 الآمال بأن يتم التوصل لوقف دائم لإطلاق النيران لإنهاء الصراع الذي أدى إلى مقتل مئات الآلاف لأسباب مباشرة أو غير مباشرة مثل المجاعة.

وتمضي المباحثات التي تتم بوساطة عمانية بالتوازي مع جهود السلام التي تقوم بها الأمم المتحدة.

وأدى وقف لإطلاق النيران توسطت فيه الأمم المتحدة في نيسان/أبريل 2022 إلى خفض حاد للأعمال الحربية. وانتهى سريان الهدنة في تشرين الأول/أكتوبر العام الماضي، مع أن القتال قد ظل متوقفا إلى حد كبير.

و يوم الاثنين، رحبت دول الخليج، بما فيها المملكة العربية السعودية، بالالتزامات الجديدة التي قطعتها الأطراف المتحاربة في اليمن لاتخاذ خطوات نحو التوصل لوقف لإطلاق النيران والانخراط في عملية السلام بقيادة الأمم المتحدة، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

وكانت هذه الالتزامات، التي أعلنها المبعوث الأممي الخاص لليمن هانز غروندبيرغ، آخر الجهود المبذولة لإنهاء الحرب.

وأوردت صحيفة وول ستريت جورنال نقلا عن مسؤولين أطلعوا على خريطة الطريق أنه تم الإعلان عن تفاصيل قليلة، لكن فور التوقيع، سيدعو الاتفاق القوات السعودية لمغادرة اليمن في غضون ستة أشهر.

وقالت السعودية في بيان إنها ترحب بإعلان الأمم المتحدة عن "خريطة طريق لدعم مسار السلام".

وشجعت وزارة الخارجية السعودية الأطراف المتحاربة في اليمن على "الجلوس على مائدة الحوار للتوصل لحل سياسي شامل ودائم تحت رعاية" الأمم المتحدة.

من جانبها، رحبت سلطنة عمان بهذا التطور آملة بأن يتم "التوقيع على اتفاق في أسرع وقت ممكن".

وأشادت الإمارات العربية المتحدة أيضا بالجهود للتوصل إلى اتفاق حول خريطة طريقة، وهي عضو في التحالف الذي يقاتل ضد الحوثيين بقيادة السعودية، فيما حثت قطر الأطراف المتحاربة على الإسراع بالاتفاق.

'إعاقة التقدم'

إلا أن الأطراف المتحاربة تظل على خلاف بشأن مجموعة من المسائل، بما فيها السلسلة الأخيرة من الهجمات الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر.

وقال محمد الباشا، وهو محلل أول معني بشؤون الشرق الأوسط في مجموعة نافانتي التي يقع مقرها في الولايات المتحدة، إن "الأعمال العسكرية الحوثية تعوق التقدم نحو التوصل إلى حل سلمي".

وأضاف أن "الحوثيين قد تحولوا ... ليصبحوا معتدين يستهدفون الأصول المدنية".

وفي بيان يوم الاثنين، حذرت الحكومة اليمنية من المخاطر والتداعيات الداخلية للهجمات التي يشنها الحوثيون بالمسيرات والصواريخ.

وقال وزير الإعلام معمر الإرياني على موقع إكس، إنها "ستؤدي إلى زيادة في أسعار الغذاء في بلد يعاني من أزمة إنسانية".

وأشار إلى زيادة أقساط التأمين على السفن التي تمر عبر الممر المائي الحيوي.

وكانت رينا غيلاني، وهي مسؤولة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوشا)، قد قالت في اجتماع عقد يوم 22 تشرين الثاني/نوفمبر حول المعونات اليمنية، إن "أي تصعيد في القتال سيكون له عواقب كارثية على الشعب اليمني وسيعيدنا إلى المربع الأول".

وأضافت أن "الناس في اليمن يحتاجون العودة إلى الحياة الطبيعية حتى يتسنى لهم إعادة بناء حياتهم المحطمة. ووقت تحقيق ذلك هو الآن".

وفي حديثها لقناة الجزيرة، قالت ليلى سالم، وهي طالبة جامعية في صنعاء تبلغ 28 عاما، إن اليمنيين قلقون من أنهم سيشعرون بعواقب الهجمات الحوثية.

وقال تحليل نشره يوم الأربعاء مركز أبعاد للدراسات الاستراتيجية من مقره في اليمن، "بصورة عامة، فإن هجمات الحوثيين على سفن الشحن وتهديداتهم للملاحة الدولية لها عواقب سلبية عليهم".

وأشار التحليل إلى أن "التزامهم بالسلام يصبح مشكوكا به وتتزعزع الثقة فيهم كشريك جيد في السلام، سيما أن تلك الهجمات تظهرهم كطرف متشدد لا يؤمن بالتعايش، ويشكل تاليا عاملا مزعزعا للاستقرار في المنطقة".

هل أعجبك هذا المقال؟


يرجى إدخال الأرقام *