أمن

لبنان يخشى حدوث أزمة قمح بسبب حرب حماس

إذا جرت أذرع إيران لبنان إلى أتون الحرب بين إسرائيل وحماس، فإن نقص القمح الحالي يمكن أن يتحول بسرعة إلى أزمة خبز.

عامل في أحد مخازن الطحين في بيروت يزود فرنا بأكياس الطحين قبل شح المخزون. [زياد حاتم/الفاصل]
عامل في أحد مخازن الطحين في بيروت يزود فرنا بأكياس الطحين قبل شح المخزون. [زياد حاتم/الفاصل]

نهاد طوباليان |

بيروت -- يخشى كثيرون في لبنان من أن احتمال أن يتسبب امتداد الحرب بين إسرائيل وحماس في نقص كبير بالمواد الغذائية الأولية وبمقدمها القمح، ما قد يؤدي إلى أزمة خبز في البلد الذي يعاني أصلا.

يواجه لبنان أزمة شح بالقمح نتيجة حرب روسيا على أوكرانيا ، إلى جانب بلاد أخرى في المنطقة مثل مصر.

فقد ارتفعت الأسعار بصورة كبيرة بسبب الحرب الروسية جراء تعطل طرق الإمداد وارتفاع أسعار القمح عالميا، مع إثارة الحرب بين إسرائيل وحماس لمخاوف جديدة خلقت موجة شراء مدفوعة بالهلع.

وقد دفعت المخاوف من امتداد الحرب غالبية المواطنين اللبنانيين لتخزين الحبوب في منازلهم خشية انقطاعها، مثل الطحين والبقوليات كالعدس والفول والحمص.

مواطنون ينتظرون في طابور أمام فرن الشرق الأوسط في منطقة الجديدة في جبل لبنان لشراء الخبز. [زياد حاتم/المشارق]
مواطنون ينتظرون في طابور أمام فرن الشرق الأوسط في منطقة الجديدة في جبل لبنان لشراء الخبز. [زياد حاتم/المشارق]
رجل يحمل ربطة خبز اشتراها من أحد أفران منطقة الجديدة في جبل لبنان. [زياد حاتم/المشارق]
رجل يحمل ربطة خبز اشتراها من أحد أفران منطقة الجديدة في جبل لبنان. [زياد حاتم/المشارق]

وقال المواطن عبدو شدياق، الذي يقيم في منطقة أليسار بجبل لبنان ويشتري الخبز من فرن وودن بايكري القريب من منزله، "إذا تعرضنا لحرب، أول ما نخشاه انقطاع الخبز".

وأضاف في حديث للفاصل "كل ما أتمناه ابتعاد هذه الحرب عنا، لأننا لم نعد نحتمل".

وتتفق معه السيدة جولي سماحة التي كانت بدورها تشتري ربطتي خبز وأكياس كعك من الفرن نفسه، قائلة "إلا الخبز، انه القوت الوحيد الذي لا نستغني عنه".

وأكد المسؤول عن فرن وودن بايكري في أليسار شادي كرم أن سلسلة الأفران التي يتبع لها فرنه "أمنت مخزونا احتياطيا من القمح تكفي لأسابيع لمرحلة ما بعد توقف الاستيراد قسرا".

البلاد تعاني أصلا من الشح

وكان انفجار مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس 2020 قد دمر صوامع القمح في الميناء، ما جعل لبنان عاجزا عن تكوين مخزون استراتيجي من القمح.

تهدمت الإهراءات، وفي خضم الأزمة السياسية والاختلالات المتواصلة في البلاد، التي يلقي كثيرون باللائمة فيها على حزب الله، لم يتم بعد بناء بديل.

إلا أن ثمة حاجة لهذه صوامع لتكوين مخزون استراتيجي في أوقات الأزمات، فالمخزون الحالي من القمح الذي تستورده وتخزنه شركات خاصة يكفي لشهرين فقط من تاريخ حدوث أزمة.

هذا ويستورد لبنان سنويا 600 ألف طن من القمح، أي بمعدل 50 ألف طن شهريا. وقبل الحرب الأوكرانية، كانت نسبة 60 في المائة من تلك الكمية تأتي من أوكرانيا ونحو 20 في المائة من روسيا ورومانيا.

لكن منذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، يستورد لبنان نسبة ضئيلة من أوكرانيا، فيما تأتي الكمية الأكبر الآن من أوروبا.

ومنذ حزيران/يونيو 2022، وبعد انهياره المالي، يستورد لبنان القمح بقرض من البنك الدولي وقيمته 150 مليون دولار.

وأموال البنك الدولي مخصصة لتنفيذ خطة الاستجابة الطارئة لتأمين إمدادات القمح، بعد توقف المصرف المركزي عن دعم استيراد القمح والمحروقات والأدوية.

الإسراع بمعاملات المواد الغذائية

وأوضح وزير الاقتصاد والتجارة في بحكومة تصريف الأعمال أمين سلام يوم 8 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، أن الحكومة "اتخذت إجراءات استباقية باستيراد نحو 60 ألف طن قمح كمخزون يكفي لأربعة أشهر".

وأضاف بعد اجتماع اللجنة الوزارية للأمن الغذائي طلبت الحكومة "من الوزارات المعنية كافة إنهاء معاملات استيراد القمح وأيضا سائر المواد الغذائية".

وقال سلام إنه تم التشديد على الإسراع بمعاملات المواد الغذائية وعدم تأخير دخول أي بضائع من أي مرفق سواء بري أو بحري، وذلك عبر الإسراع بعمليات التفتيش والإفراج التي تقوم بها الجمارك.

من جانبه، أكد نقيب أصحاب الأفران أنطوان سيف للفاصل، أن مخزون القمح الحالي "يكفي لشهرين فقط".

وأضاف "بذلك، إذا فرض حدث أمني أو أي حرب محتملة على لبنان حصارا بحريا، نقع عندها بالمحظور، لأن لبنان لم تعد لديه صوامع لتخزين مخزون استراتيجي من القمح لحالات الطوارئ".

وأشار إلى أن النقابة "وضعت خطة طوارئ استباقية، أمنت عبرها لكل فرن مخزونه من الطحين والمواد الأولية التي تدخل في صناعة الخبز، وفق ما تستوعبه مخازنها ومستودعاتها من كميات".

بدورها، أوضحت المتخصصة بالشؤون الاقتصادية عزة الحاج حسن في حديث للفاصل، أن مخزون المواد الغذائية الأولية والقمح والمحروقات "متوفر اليوم في لبنان لفترة تتراوح بين الشهرين والأربعة أشهر".

وشددت على وجوب الأخذ بالاعتبار"حالة الهلع التي تصيب المواطنين راهنا، وإقبالهم على تخزين المواد الغذائية والقمح والطحين".

وقالت إنه فيما يقوم الناس بتخزين المواد وهم في حالة هلع، بدأت المخازن تفرغ من مخزوناتها.

ازدحام على المخازن

هذا، وتشهد مخازن الحبوب التي تبيع بالجملة والمفرق بمختلف المناطق اللبنانية ازدحاما من جانب الزبائن لشراء هذه المواد، ومن بينهم السيدة نهى فرحات التي وضعت شراء الطحين والحبوب بسياق الخوف "من اندلاع حرب قد تقطع أواصر لبنان مع العالم".

وأضافت فرحات، التي تسكن في منطقة بيت الشعار بالمتن الشمالي، للفاصل، أن لديها أربعة أطفال لا يتجاوز كبيرهم العاشرة.

وذكرت "علي الاحتياط وتخزين الحبوب على أنواعها، وبمقدمها الطحين، حتى إذا ما تعرضنا لحرب أو أي اهتزاز أمني، يكون لدي ما أطعمهم".

وتابعت "أعرف إعداد الخبز في البيت، لذا، اشتريت كمية طحين تكفي لإعداد كمية كبيرة منه".

وأوضح صاحب مخزن الحصادون إيلي دميان للفاصل، أن إمكانية اندلاع حرب في لبنان "أصابت الناس بالهلع".

وقال إنهم "أقبلوا على تخزين المواد بكميات كبيرة، وكل وفق طاقته المادية، وغالبهم ركز على الطحين والحبوب".

وأضاف أن "خوف الناس كبير، خصوصا من لديه أطفال، لذا، يتهافتون لشراء الطحين والحبوب".

هل أعجبك هذا المقال؟


يرجى إدخال الأرقام *