إقتصاد
المزارعون في اليمن يكافحون لكسب لقمة العيش وسط الحرب الدائرة
تعد الحرب التي أشعلها الحوثيون من التحديات التي يواجهها القطاع الزراعي في البلاد والتي ساهمت في انعدام الأمن الغذائي.
فيصل أبو بكر |
تسعى الحكومة اليمنية إلى التوسع في زراعة الحبوب ومحاصيل أخرى ذات قيمة تجارية تساهم في تحسين الأمن الغذائي، وذلك بهدف معالجة التدهور الحاد الذي يعاني منه القطاع الزراعي في البلاد.
وقال المزارع عادل فارع من مديرية بني مطر بصنعاء إن "ارتفاع أسعار المدخلات في الزراعة أدى إلى ارتفاع كلفة الإنتاج".
وكشف في حديث للفاصل أن هذه الزيادة في التكلفة إلى جانب صعوبات أخرى ناجمة عن الحرب التي بدأها الحوثيون المدعومون من إيران، جعلت المزارعين "غير قادرين على الاستمرار في زراعة المحاصيل التي تدر علينا دخلا جيدا".
وقال فارع إن مزرعته كانت تنتج الفراولة وهو محصول كان عليه طلب كبير.
وأضاف "لكن ظروف إنتاج الفراولة بهذه الظروف يحتاج إلى جهد مضاعف ويد عاملة أكثر، إضافة إلى السماد الذي ارتفعت قيمته 5 مرات مقارنة بما قبل الحرب".
وتابع "لذلك لقد استبدلت الفراولة بزراعة البطاطا".
وذكر أن "زراعة البطاطا أسهل وأوفر كلفة إلا أنها أقل قيمة اقتصادية وسوقية ولكن هذا الممكن في الوقت الحالي من أجل الاستمرار بتوفير الغذاء لأطفالي الخمسة".
وبدوره، قال المزارع عبد الله علي للفاصل إن مزرعته تنتج القمح فقط وتعتمد على مياه الأمطار في الري.
وأضاف أن "ذلك يجعل الإنتاج يتفاوت من حيث الكمية والجودة من موسم لآخر طبقا لكمية الأمطار وانتظام نزولها في مواسمها [الممطرة] المعتادة".
واستذكر علي الوقت الذي كانت فيه مزرعته تنتج ما يقارب الـ "150 كيلوغراما في الموسم الواحد".
وأشار إلى أن الإنتاج انخفض منذ ذلك الحين إلى ثلث تلك الكمية، نتيجة "ارتفاع كلفة الإنتاج ومدخلاته بسبب الحرب التي رفعت أسعار كل المواد".
تفاقم انعدام الأمن الغذائي
ومن جانبه، أكد القائم بأعمال المندوب الدائم لليمن لدى الأمم المتحدة مروان نعمان خلال جلسة رفيعة المستوى لمجلس الأمن عقدت في 3 آب/أغسطس بشأن أزمة المجاعة وانعدام الأمن الغذائي الناجمة عن الحرب، أن انعدام الأمن الغذائي آخذ في التزايد.
وأشار إلى أن الاقتصاد اليمني انكمش بمقدار النصف نتيجة الحرب واستمرار تهديد الحوثيين وهجماتهم على المنشآت الاقتصادية الحيوية والموانئ النفطية.
وأضاف أنه نتيجة لانقلاب الحوثيين وتسارع التغير المناخي، تراجع اليمن في العديد من القطاعات لا سيما الاستثمار في تحسين البنية التحتية الزراعية والتنمية الريفية.
ومن شأن الاستثمار في هذه المجالات أن يعالج الأسباب الجذرية لانعدام الأمن الغذائي.
ودعا نعمان المنظمات والوكالات الدولية المتخصصة إلى تقديم الدعم الفعال لصغار المزارعين في اليمن الذين يشكلون 70 في المائة من السكان.
وفي اجتماع عقد في 7 تموز/يوليو في روما، ناقش وزير الزراعة والري والثروة السمكية سالم السقطري خطة الحكومة لتطوير القطاع الزراعي مع مدير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) شو دونيو.
وقال إن الخطة تعطي الأولوية لزراعة الحبوب لخفض فاتورة استيراد القمح.
الحرب تدمر المناطق الزراعية
وفي هذا السياق، قال الأستاذ في كلية الزراعة بجامعة صنعاء عبد الله ناشر إن الحرب دمرت العديد من المناطق الزراعية في اليمن، خاصة على طول خط التماس بين الأطراف المتحاربة.
وتسببت الألغام الأرضية أيضا بدمار في المزارع ولدى المزارعين، ما خلف آثارا مدمرة على حياتهم ومعيشتهم، حسبما أضاف للفاصل.
ولفت ناشر إلى أن "تأثيرات الحرب على القطاع الزراعي تمثلت في انحسار استيراد مدخلات الإنتاج ومنها السماد وارتفاع أسعارها بشكل كبير".
وأشار في الوقت نفسه إلى أن التغير المناخي أثر على المزارعين "في تغير مواسم الزراعة وتغير أوقات نزول الأمطار".
وأضاف أن الأمطار الغزيرة التي تهطل في المواسم غير الزراعية تجعلها غير صالحة للري، كما أن الفيضانات الناتجة عنها تجتاح المزارع التي كانت مصدر رزق للعديد من المزارعين.
وقال الخبير الاقتصادي عبد العزيز ثابت للفاصل إن اليمنيين تعرضوا لضربات متتالية أدت إلى تفاقم سوء أمنهم الغذائي.
وذكر أنه أساسا، "الحوثيون هم من أشعلوا الحرب منذ العام 2015 وحتى الآن".
وأضاف أن تغير المناخ "تسبب في فيضانات وأعاصير على المحافظات الجنوبية والشرقية وأثر على البنى التحتية للقطاع الزراعي".
أما الحرب الروسية-الأوكرانية، فأدت إلى توقف صادرات القمح من هذين البلدين اللذين كان اليمن يستورد منهما نحو 46 في المائة من إجمالي احتياجاته من القمح.
وأردف أن هذه العوامل مجتمعة أدت إلى تآكل قطاعات الإنتاج "وفي مقدمتها القطاع الزراعي وأصبح المزارعون غير قادرين على توفير قوت أسرهم".
مشاريع استصلاح الأراضي
وقال الخبير الاقتصادي فارس النجار للفاصل، إن "المساحة المزروعة في اليمن تراجعت إلى 1.154 مليون هكتار في 2020 بعد أن كانت 1.6 مليون هكتار في 2010 بسبب تأثيرات الحرب".
وأشار إلى أن هذا الأمر أدى إلى انخفاض مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي لليمن.
وذكر أن من تبعات الحرب ارتفاع أسعار المواد الأولية الإنتاجية المستوردة من الخارج، بالإضافة إلى الارتفاع الحاد في أسعار الوقود.
وتابع أن "هذا يزيد من تكلفة الإنتاج ويحمّل المزارعين أعباء كبيرة أجبرت الكثير منهم على ترك الزراعة لعدم قدرة المزارع على توفير أموال الوقود اللازم لري مزرعته".
وأشار النجار إلى أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي نفذ مؤخرا مشروع بناء خزانات المياه وتحسين قنوات الري.
وأوضح أن مشاريع مماثلة ينفذها البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن والهلال الأحمر الإماراتي وبرنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند) ومؤسسة صلة للتنمية.
وتشمل هذه المشاريع عمليات كحفر الآبار باستخدام الطاقة الشمسية وتوزيع الآلات الزراعية.
وختم النجار قائلا إن وزارة الزراعة تسعى إلى توجيه الدعم نحو المشاريع التي تدعم القطاع الزراعي والمحميات الطبيعية.