فريق عمل الفاصل ووكالة الصحافة الفرنسية | 2023-11-17

في أعقاب الهجوم الإرهابي الذي شنته حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول في إسرائيل، زادت الحكومة الأميركية من إجراءاتها لقطع مصادر إيرادات الحركة من خلال العقوبات والتدقيق الإضافي بمواقع التواصل الاجتماعي ومنصات تبادل العملات المشفرة.

وتأتي الخطوات المتخذة ضد حماس في الوقت الذي تحاول فيه الحركة الإرهابية تعزيز مواردها المالية وحشد الدعم عبر حملة دعائية منسقة.

وأعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا يوم الثلاثاء، 14 تشرين الثاني/نوفمبر، عن دفعة أخرى من العقوبات على حركة حماس على خلفية الهجوم الإرهابي الذي نفذ الشهر الماضي، مستهدفتان مرة أخرى داعمي الحركة الإيرانيين.

وأوضحت وزارة الخزانة الأميركية أن العقوبات تستهدف "مسؤولين رئيسيين في حماس والآليات التي تقدم بها إيران الدعم لحماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني".

وقال وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن في بيان إن "دعم إيران الذي يأتي في المقام الأول من خلال الحرس الثوري الإسلامي، يمكّن حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين من القيام بأنشطة إرهابية".

وأضاف أن هذا الدعم يؤمن في الأساس "من خلال تحويل الأموال وتوفير الأسلحة والتدريب العملياتي".

وفرضت عقوبات على ممثل الجهاد الإسلامي في إيران ناصر أبو شريف وشركة نبيل شومان وشركائه للصرافة في لبنان والتي يزعم أنها مسؤولة عن التحويلات بين حماس وطهران.

واستهدفت العقوبات البريطانية المنسقة مع واشنطن، 4 من كبار قادة حماس و2 من مموليها.

وفي الشهر الماضي، أعلنت الولايات المتحدة أنها تهدف إلى بناء تحالف دولي لاستهداف مصادر تمويل حماس.

وفي 18 تشرين الأول/أكتوبر، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على 10 أعضاء وعناصر وميسرين ماليين أساسيين في حركة حماس الإرهابية.

وتستهدف هذه العقوبات مديري الأصول في محفظة استثمارية سرية لحماس وميسر مالي مقيم في قطر وله علاقات وثيقة مع النظام الإيراني وقائد بارز في حماس وبورصة عملات افتراضية مقرها غزة ومشغلها.

وقالت وزارة الخزانة إنه "بالإضافة إلى الأموال التي تتلقاها حماس من إيران، فإن محفظة استثماراتها العالمية تدر عبر أصولها مبالغ ضخمة من الإيرادات تقدر قيمتها بمئات الملايين من الدولارات".

وتابعت "يدير شبكة الاستثمار هذه قادة رفيعو المستوى في حماس وقد سمحت لكبار مسؤوليها بالعيش برفاهية في وقت يعاني فيه المواطنون الفلسطينيون العاديون في غزة من ظروف معيشية واقتصادية قاسية".

قال جورج جياكامان، وهو أستاذ بجامعة بيرزيت في الضفة الغربية، إن حماس كجهة مسؤولة عن القطاع الساحلي منذ الاستيلاء عليه بالقوة عام 2007، قد تعرضت للضغط من الشعب الفلسطيني بسبب الأحوال الإنسانية السيئة في غزة.

وأضاف في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية أن "غضب الناس نحو إسرائيل قد أصبح غضبا نحو الحكومة ومن ثم نحو حماس".

وأوضح أن عجز حماس في مواجهة الأحوال المعيشية المتدهورة في غزة كان من الأسباب التي دفعتها لشن هجومها الإرهابي يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر.

واستدرك جياكامان أن "الحياة في غزة كانت قد أصبحت لا تطاق. فهناك نقص في الماء والكهرباء، والبطالة مرتفعة جدا".

يذكر أن نحو 10 آلاف فلسطيني قد لقوا حتفهم منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر في الهجمات الانتقامية التي شنتها إسرائيل، في حين فر مئات الآلاف من الفلسطينيين من ديارهم.

وتحوّل طهران نحو مائة مليون دولار سنويا إلى حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وغيرها من الجماعات الإرهابية الخاضعة لعقوبات أميركية، وفقا لتقرير صدر عن وزارة الخارجية الأميركية عام 2020.

وفي عام 2014، صنفت مجلة فوربس حماس على أنها "واحدة من أغنى الجماعات الإرهابية في العالم" بميزانية سنوية تبلغ نحو مليار دولار.

حملة على العملة المشفرة

وفي أوائل تشرين الأول/أكتوبر، كشفت الشرطة الإسرائيلية أنها عثرت على حسابات مرتبطة بحركة حماس وجمدتها، بعد أن حاولت الحركة "جمع التبرعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي" من خلال باينانس التي تشكل أكبر بورصة للعملات المشفرة في العالم.

وتلقت عناوين العملات المشفرة المرتبطة بحماس نحو 41 مليون دولار بين آب/أغسطس 2020 وتموز/يوليو 2023، وفقا لشركة التحليلات والبرمجيات الإسرائيلية بيت أوك.

وذكرت الشركة أن عناوين العملات المشفرة الأخرى المرتبطة بالجهاد الإسلامي تلقت ما يزيد عن 154 مليون دولار بين تشرين الأول/أكتوبر 2022 وأيلول/سبتمبر الفائت.

وفي حزيران/يونيو 2021، ضبط المكتب الوطني الإسرائيلي لمكافحة تمويل الإرهاب عددا من حافظات العملات الافتراضية على خلفية حملة أطلقتها حماس لجمع التبرعات، وبعضها على علاقة بكتائب عز الدين القسام.

وقالت وزارة الخزانة الأميركية إن إحدى الحافظات مملوكة لشركة باي كاش للصرافة والحوالات المالية وهي شركة مقرها غزة تقدم خدمات تحويل الأموال وتبادل العملات الافتراضية، بما في ذلك عملة البيتكوين.

وذكرت الوزارة أنه بالإضافة إلى جمع التبرعات لصالح حماس، تم استخدام شركة باي كاش لتحويل الأموال من قبل الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

وفي نيسان/أبريل الماضي، قررت حماس التوقف عن قبول المبالغ النقدية عبر البيتكوين بسبب تزايد المراقبة العالمية لأكبر وحدة رقمية في العالم.

ويتم الآن جمع التبرعات بالعملات المشفرة عبر شبكة من مجموعات الدعم المرتبطة بحركة حماس والتي تراقبها شركة تي آر إم لابز المتخصصة في تتبع العملات المشفرة من كثب منذ بداية الحرب.

ووفقا شركة تي آر إم لابز، يتم نقل مبالغ نقدية أقل بكثير من المعتاد.

الدعاية عبر مواقع التواصل الاجتماعي

وقال مراقبون إنه بالتزامن مع جهودها لجمع الأموال، اجتاحت حماس مواقع التواصل الاجتماعي بالدعاية والادعاءات الكاذبة، وقامت بتحريف لقطات الفيديو كوسيلة لحشد الدعم الشعبي وجمع الأموال.

وبثت الحركة الإرهابية بالمباشر وفاة جدة وأظهرت مقاطع فيديو مهينة للرهائن، وأعلنت للإسرائيليين أن أقاربهم قتلوا، ما يظهر تصميمها على استخدام الدعاية عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى جانب العنف.

وتشمل الصور التي انتشرت بسرعة كبيرة لقطات لجثة امرأة عارية جزئيا داخل شاحنة صغيرة كانت يهتف رجال مسلحون حولها.

وفي هذا السياق، قال المحلل الأمني في شركة لو بيك إنترناشيونال الاستشارية مايكل هورويتز إن "هذا الأمر مقصود، إذ أن الهدف منه هو إثارة الشعور بالعجز والشلل والإذلال".

واعتبر الخبير في الأبحاث الأمنية في مختبر أبحاث الطب الشرعي الرقمي التابع للمجلس الأطلسي رسلان طراد أنه على الرغم من أن هذه الدعاية ليست جديدة على نمط عمل حماس، "إلا أننا نرى اليوم أنها تستخدم أساليب أكثر تطورا للتلاعب والدعاية".

وقال ديفيد كولون الأستاذ في معهد الدراسات السياسية بباريس إن روايات حماس عبر الإنترنت تميزت بالتضخيم، إذ "يتم نشرها بشكل منهجي من قبل المتصيدين الإيرانيين والروس ويجري تعزيزها من قبل وسائل الإعلام الحكومية".

وأضاف أن الصين حتى لديها "موقف غامض"، مشيرا إلى أن منصة المقاطع المصورة تيك توك المملوكة لشركة صينية، "تسمح بكميات هائلة من المحتوى الصادم بالتسلل إلى الجمهور".

’كارثة في العلاقات العامة‘

وأفادت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في 22 تشرين الأول/أكتوبر أن "التضليل والدعاية يندرجان إلى حد كبير في استراتيجية حماس الخاصة بهجومها الذي نفذ في 7 تشرين الأول/أكتوبر".

وأضافت أن "الحركة الإرهابية استخدمت صورا عن نجاحاتها لترويع الإسرائيليين وإظهار أنها أحدثت ثغرة في الدروع الإسرائيلية".

وتابع "لكن النجاح التكتيكي الذي حققته حماس في هجومها على إسرائيل شكّل كارثة عليها لجهة العلاقات العامة وصورة الجماعة الإرهابية".

وأوضحت المؤسسة أن "مقاطع الفيديو وصور المجزرة لطخت صورة حماس التي كانت مفضلة في وقت من الأوقات كقوة معتدلة تناضل من أجل العدالة".

ولكن من خلال نشر مقاطع الفيديو هذه، تقدم حماس أيضا أوضح دليل على مسؤوليتها.

إلى هذا، في أعقاب الهجوم الإرهابي الذي وقع في 7 تشرين الأول/أكتوبر، كشف باحثون من شركة أليثيا التي تحلل مواقع التواصل الاجتماعي، عن شبكة منسقة مكونة من 67 حسابا على موقع إكس (تويتر سابقا) تنشر معلومات مضللة ومحتوى تحريضيا لصالح حماس.

ونشرت معظم هذه الحسابات أيضا مقاطع فيديو مضللة استخدمت لقطات للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف ومسؤولين آخرين يتحدثون باللغة الروسية وقد طبعت عليها ترجمات غير دقيقة باللغة الإنجليزية.

وتشير الترجمة الإنجليزية إلى أن المسؤولين الروس كانوا يهددون الولايات المتحدة بتقديم دعم عسكري علني للأراضي الفلسطينية.