أمن
المهربون عبر الحدود يواصلون الانتشار في ’الوديان السود‘ بديالى
تشكل وديان المحافظة الواقعة شرقي العراق ممر تهريب رئيسيا للمخدرات والأسلحة لن تتخلى عنه الميليشيات المتحالفة مع إيران بسهولة.
أنس البار |
قالت مصادر في محافظة ديالى إن الميليشيات العراقية الممولة من إيران لا تزال منخرطة في عمليات تهريب الأسلحة وأنواع مختلفة من المخدرات بين إيران والعراق عبر حدوده الشرقية في المحافظة.
ولكن أضافت المصادر أن وتيرة نشاط التهريب تراجعت بعض الشيء خاصة خلال العام الجاري، نتيجة تكثيف العمليات والحملات الأمنية الهادفة لسد الثغرات الحدودية وفرض السيطرة على المعابر.
وعلى مدى سنوات ولا سيما بعد الهزيمة الإقليمية لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في العراق عام 2017، مارست الميليشيات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني مثل عصائب أهل الحق نفوذا كبيرا في ديالى.
وقال مسؤولون محليون إن هذا النفوذ غالبا ما يؤدي إلى تعقيد الوضع الأمني في المحافظة وتعطيل الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار.
وفي مقابلة أجراها مع قناة العراقية التلفزيونية في منتصف أيلول/سبتمبر، قال محافظ ديالى مثنى التميمي إنه في السنوات التي أعقبت عملية طرد داعش، عانت المحافظة من هيمنة "الجماعات النافذة".
وأضاف أن هذه الجماعات المسلحة وبعض "أمراء الحرب" التابعين لها، كان لهم تأثير على مجلس المحافظة ما منحهم "غطاء سياسيا" لأعمالهم التي شملت عمليات تهريب وخطف وابتزاز.
وكانت المحافظة قد شهدت في آذار/مارس الماضي موجة من الاضطرابات أعقبت عمليات اغتيال قال زعماء قبليون ومسؤولون أمنيون إنها مرتبطة بشكل مباشر بعمليات التهريب والصراع على المال والنفوذ.
’الوديان السود‘
وتشكل ديالى ممر تهريب رئيسيا لن تتخلى عنه الميليشيات بسهولة، إذ تعتبرها وسيلة أساسية للإثراء عبر تهريب المخدرات و"حلقة وصل" في عمليات نقل الأسلحة الإيرانية، حسبما قال مسؤولون من المحافظة للفاصل.
وتتشارك المحافظة الحدود مع إيران وتجاور مباشرة عددا من المحافظات في وسط البلاد، ما يوفر سهولة الوصول إلى بغداد.
وفي مقابلة مع قناة العربية أجريت يوم 21 تموز/يوليو، أشار وزير الداخلية الفريق أول ركن عبد الأمير الشمري إلى أن المخدرات "تتدفق من إيران وسوريا عبر شبكات مرتبطة ببعضها البعض".
ويقوم وكلاء إيران بتهريب المخدرات عبر الطرق الحدودية والأودية والمعابر السرية التي تقع بمعظمها ضمن مدن مندلي وبلد روز وقزانية وخانقين شمالي وشرقي ديالى.
ويتم تهريب ما لا يقل عن 5 أنواع من المخدرات عبر الحدود، وفي مقدمتها الأفيون والحشيش والكريستال ميث ويتم نقلها من ديالى إلى بقية أنحاء البلاد لبيعها.
ويتم استخدام بعضها داخل المحافظة للحصول على ناقلين وموزعين محليين يعملون كوسطاء مع شبكات العملاء والمهربين.
وفي النصف الأول من العام الجاري، ألقت السلطات القبض على العشرات من صغار التجار والمروجين في ديالى وضبطت آلاف الكيلوغرامات من المخدرات.
وأغلقت السلطات أيضا 3 وديان يستخدمها المهربون في الشريط الحدودي مع إيران وهي معروفة باسم الوديان السود.
’العدو والتحدي الأكبر‘
وفي حديثه للفاصل، قال النائب العراقي عن ديالى رعد الدهلكي إن المخدرات هي "العدو والتحدي الأكبر" للبلاد راهنا.
وذكر "من المهم بذل كل الجهود للسيطرة على تدفقها واستهداف الشبكات والجماعات المسؤولة عن تهريبها".
وأشار إلى أن الجماعات المسلحة لم تتوقف عند تهريب المخدرات، بل قامت أيضا بزراعة المخدرات وحولت المحافظة إلى منطقة إنتاج.
وشدد على ضرورة مكافحة كل أعمال التهريب "التي تضر بأمن ديالى والبلاد بشكل عام وتهدد سلامة المواطنين".
وبالإضافة إلى المخدرات، تنشط الجماعات الإيرانية في تهريب الأدوية والمواد الغذائية منتهية الصلاحية والإتجار بالآثار والمنتجات النفطية، ما يدر أرباحا هائلة.
وتهرب هذه الجماعات أيضا كميات كبيرة من الدولارات في محاولة منها لدعم الاقتصاد الإيراني المتعثر بأموال عراقية.
السيطرة على الحدود
ومع ذلك، تعمل السلطات الأمنية جاهدة لمكافحة أنشطة التهريب، وقامت في الأسابيع الماضية بتفكيك عدة شبكات لتهريب العملة الصعبة إلى إيران عبر معابر ديالى الحدودية.
وعلى مر السنين، شكلت ديالى أيضا نقطة عبور رئيسية للصواريخ والأسلحة الإيرانية التي تنقلها الميليشيات سرا إلى الحدود الغربية للبلاد ومنها إلى وكلاء إيران في سوريا ولبنان.
ومنذ عام 2019، تم استخدام الصواريخ والأسلحة لتأجيج العنف في ديالى وأجزاء أخرى من العراق وتهديد المصالح الأجنبية والبعثات الدبلوماسية.
ولمواجهة التهديد الناجم عن الأسلحة والمخدرات، قام الجيش العراقي بتعزيز الأمن عند المراكز الحدودية وتكثيف الدوريات للسيطرة على الحدود ومراقبتها بالكاميرات وغيرها من وسائل المراقبة.
كذلك، تنفذ القوات العراقية حملات دورية لضبط الأسلحة غير المرخصة واستهداف أماكن تخزينها.