إقتصاد

نساء اليمن يصنعن ويبعن الحرف اليدوية وسط الحرب الدائرة

أمام نقص الغذاء وانهيار العملة والبطالة، لجأت بعض النساء إلى الحرف اليدوية لكسب لقمة العيش.

سيدتان تقومان بتفصيل الملابس ودرزها في معمل للخياطة يموله البرنامج السعودي لإعادة إعمار اليمن. [البرنامج السعودي لإعادة إعمار اليمن]
سيدتان تقومان بتفصيل الملابس ودرزها في معمل للخياطة يموله البرنامج السعودي لإعادة إعمار اليمن. [البرنامج السعودي لإعادة إعمار اليمن]

فيصل أبو بكر |

عدن - أمام الجوع والظروف الصعبة التي خلفتها الحرب في اليمن والتي تفاقمت عندما فقد زوجها وظيفته، حولت أمينة عبدالواسع هوايتها في صناعة البخور إلى تجارة تكسب المال منها.

وأوضحت لموقع الفاصل "مع فقدان زوجي وظيفته في إحدى شركات القطاع الخاص بسبب الحرب، اضطررت لتوسيع إنتاجي من البخور بعد نصيحة تلقيتها من جيراني من أجل مواجهة مصاريف الحياة وخصوصا الطعام وإيجار المسكن".

وقالت عبدالواسع وأصلها من محافظة تعز وتقيم في صنعاء منذ عقد من الزمن، إن البخور أصبح وسيلة تواجه عائلتها من خلالها الظروف القاسية.

وأضافت أن زوجها يساعدها في عملية التسويق والتوزيع في نقاط البيع المختلفة، علما أن "قطعة البخور بحجم كف اليد تترواح قيمتها ما بين 10 و20 ألف ريال يمني (أي بين 18 و36 دولارا أميركيا) بناء على جودتها".

فتحت أم فرحان متجرا في شارع الخمسين بصنعاء، حيث تبيع سلالا تصنعها سيدة أخرى. [يزن عبد العزيز/الفاصل]
فتحت أم فرحان متجرا في شارع الخمسين بصنعاء، حيث تبيع سلالا تصنعها سيدة أخرى. [يزن عبد العزيز/الفاصل]

ومن جهة أخرى، تعمل المقيمة في صنعاء رضيه محمد المقيمة في صنعاء وزوجها موظف حكومي لا يتقاضى أي راتب كنظرائه، في حياكة الأحزمة التقليدية المستخدمة في صناعة الجنابي التي يلبسها معظم اليمنيون.

وعندما انقطعت رواتب موظفي القطاع العام، اضطرت محمد إلى العمل بشكل يومي لتصنيع المزيد من الأحزمة وجني الدخل.

وأضافت أن صنع كل حزام يستغرق 3 أيام، مشيرة إلى أنه يباع بسعر مائة دولار أو أكثر ويتم شراؤه عادة كهدية في الأعياد الدينية.

وفي هذا السياق، افتتحت أم فرحان التي طلبت عدم استخدام اسمها الحقيقي، متجرا في شارع الخمسين بصنعاء حيث تبيع السلال المنسوجة يدويا والتي تصنعها سيدة أخرى.

وقالت للفاصل "توفي زوجي ولدي 4 أولاد وإن بيع هذه المشغولات أنقذ أولادي من الفقر".

وذكرت أنها تحصل على نسبة مئوية من الإيرادات عن كل قطعة مباعة وتكون قيمتها عادة 500 ريال يمني (أي دولارا واحدا)، وتبيع ما معدله 3 إلى 5 قطع يوميا.

الحرف اليدوية تسند العائلات

وكشفت نحو 50 منظمة غير حكومية يوم الاثنين، 2 تشرين الأول/أكتوبر، أن نقص الغذاء وانقطاع التيار الكهربائي وانهيار العملة كلها مشاكل تقلب حياة المواطنين في اليمن رأسا على عقب، وذلك في ظل محادثات سلام لم تحرز أي تقدم في التوصل مجددا إلى وقف لإطلاق النار.

وجاء في بيان وقعته 35 مجموعة يمنية و13 منظمة إغاثة دولية أنه "في حين أن التحديات الاقتصادية تطال جميع أنحاء البلاد، فإن ارتفاع التضخم وتدهور الخدمات العامة يجعل الحياة لا تطاق".

وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية أن ذلك ينطبق بشكل خاص على "مئات آلاف العائلات" في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة والتي تتخذ من عدن مقرا لها.

وجاء في البيان أن انقطاع التيار الكهربائي في عدن يمكن أن يستمر طيلة 17 ساعة يوميا، وإن أكثر من 50 في المائة من الأسر في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة لا تستطيع تلبية احتياجاتها الغذائية الأساسية بسبب الارتفاع الكبير في الأسعار.

وأصبحت الحرف اليدوية مصدرا رئيسيا للدخل للنساء والأسر وسط الحرب التي طال أمدها والتي اندلعت عندما نفذ الحوثيون المدعومين من إيران انقلابا في صنعاء بشهر أيلول/سبتمبر من العام 2014، حسبما قال خبراء اقتصاد وباحثون اجتماعيون لموقع الفاصل.

وقال الخبير الاقتصادي عبدالعزيز ثابت إن "الحرب أثرت سلبا على القطاع الاقتصادي وتضررت البنى التحتية والخدمات، وهذا أدى إلى توقف المشاريع والأنشطة الإنتاجية وانتشار الفقر مما اضطر النساء للبحث

وأضاف "أدى ذلك إلى توقف المشاريع والأنشطة الإنتاجية وانتشار الفقر مما اضطر النساء للبحث عن عمل ضمن الحرف اليدوية المتاحة والتحاق البعض في الدورات التدريبية لبعض هذه الحرف والمشغولات اليدوية".

الحفاظ على التراث الثقافي

ويعد البرنامج السعودي لإعادة إعمار اليمن وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي من بين المنظمات التي قدمت دورات تدريبية على الحرف اليدوية للنساء في صنعاء وأماكن أخرى في البلاد.

ومن خلال تعلم طريقة صنع البخور وتطريز الملابس وإنشاء الملابس والعطور، تستطيع النساء العثور على مصادر دخل لأنفسهن ولأسرهن.

وأشار ثابت إلى أن جهات محلية مثل الاتحاد التعاوني للمنسوجات، قامت برعاية معارض للحرف اليدوية، "ومكن ذلك العديد من النساء من عرض منتجاتهن والحصول على سوق مباشر مع الزبائن".

وقالت الباحثة في مركز الدراسات السكانية لجامعة صنعاء نوال عبد الرحمن للفاصل إن الحرب أدت إلى انخفاض مستوى المعيشة للكثيرين في اليمن.

وتابعت أن هذا الوضع دفع بالعديد من النساء إلى تعلم كيفية صناعة وبيع المشغولات اليدوية، وفي بعض الأحيان من خلال التعلم من أصحاب الخبرة السابقة والعمل في محلاتهن.

وأضافت أن بعض الحرف اليدوية تحافظ على التراث الثقافي للبلاد، في حين أن البعض الآخر أكثر ابتكارا بطبيعته ويسهم كلاهما في "التمكين الاقتصادي للأسر ذات الدخل المحدود".

وأكدت عبد الرحمن أن "الحرف اليدوية عملت على صقل المهارات والقدرات الإبداعية للمرأة اليمنية"، كما عملت على تطوير مختلف المنتجات التي تجد رواجا في الأسواق المحلية والخارجية.

هل أعجبك هذا المقال؟


يرجى إدخال الأرقام *