سياسة
الناشطون العلويون في سوريا يناهضون الأسد علنا
بدأت معارضة نظام بشار الأسد بين قاعدته التقليدية خافتة، لكنها صوتها بدأ يعلو مع تدهور الأوضاع في سوريا.
نهاد طوباليان |
بيروت -- مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في سوريا، يشهد ساحل البلاد على البحر الأبيض المتوسط الذي يعتبر معقل النظام وموطن أجداد عائلة الأسد،تصاعدا في المشاعر المناهضة للنظام.
فمنذ فترة، بدأ أبناء الطائفة العلوية، وهي أقلية ينتمي إليها الرئيس السوري بشار الأسد، بتنظيم احتجاجات خجولة مناهضة للنظام في المدن والمناطق النائية في اللاذقية وطرطوس وبانياس.
وظهرت على بعض الجدران في هذه المناطق كتابات مناهضة للأسد، وتم تداول مقاطع فيديو على الإنترنت لنشطاء علويين يطالبون برحيله عن السلطة.
وسرعان ما تم قمع هذه المظاهر المعارضة، إذ بدأ النظام بتنفيذ حملة اعتقالات ضد نشطاء المعارضة واعتقل أيمن فارس من بانياس وماجد دواي من صلنفة في ريف اللاذقية، وغيرهما.
وفي مقطع فيديو انتشر على الإنترنت، قال دواي للأسد "انقلع من سوريا، وتنحى قبل أن نجبرك على الرحيل وبالجزمة العسكرية".
وقال معارضون علويون يشنون حملات ضد نظام الأسد من الخارج، إن المعارضة العلوية في الداخل السوري ظهرت بعد أن اكتشف أبناء الطائفة أكاذيب النظام وتصويره للثورة على أنها صراع علوي-سني.
وكإخوانهم من سائر أطياف الشعب السوري، يعاني العلويون من الحرمان الشديد ويشكو بعضهم من استغلال النظام لجوعهمواستقدام الحرس الثوري الإيراني وحزب الله لتطويعهم.
وقال المحامي السوري العلوي المعارض عيسى إبراهيم للفاصل، إن المعارضة العلوية السورية لنظام الأسد "قامت خلال الأشهر الأولى من اندلاع ثورة 2011 ومطالبها المحقة".
وأشار إلى أن العديد من العلويين يعارضون تصرفات النظام و"يعتبرون نظام الأسد مافيا تحتل السلطة والدولة".
ولكن تم ثنيهم عن الانفصال عن النظام بسبب الخطاب الطائفي الذي اعتمده كلا الجانبين.
إلا أنه أكد أن انهيار الدولة وخدماتها وإدراك العلويين التدريجي لطبيعة الصراع بين الأطراف كافة "ساهم في عودة الصوت العلوي المعارض".
وأضاف أن الصوت العلوي المعارض للنظام "لم يتلقفه الإعلام ولن يحصل إلا بعد تبلور خطاب سوري عام معارض وحراك شعبي فاعل سياسيا على مساحة كل سوريا".
نفوذ الأسد يتلاشى
وكشف إبراهيم أن نظام الأسد حرم الساحل لسنوات طويلة من الخدمات كافة، وترك المناطق العلوية دون منشآت صناعية وتجارية.
وأضاف أن "تدهور القاعدة الشعبية للأسد بين العلويين بشكل دراماتيكي، حتى ضمن الفئات المستفيدة منه، دفعه للاستعانة بإيران وحرسها الثوري وحزب الله لحمايته من الانتفاضة الشعبية".
وتابع أن "النظام أنشأ منذ فترة نقاط مراقبة، وأقام حواجز أمنية استخباراتية بالمناطق العلوية".
واتهم إبراهيم الحرس الثوري الإيراني والنظام السوري والميليشيات المتحالفة معهما بقصف بعض القرى العلوية المعارضة بطائرات مسيرة محملة بالذخائر، والتي يحاولون الادعاء بأنها تابعة للجماعات الإرهابية في إدلب.
وأردف أن المعارضة العلوية "تعول على تظهير طبقة من النخب السورية العلوية السياسية، لتتحرك بالمحافل الدولية الإعلامية والسياسية".
وقال "عندها سيكون تعبيرها مفاجئا للجميع لجهة مناهضتها للأسد والويلات التي جرها ليس فقط للعلويين بل لكل السوريين".
إن معارضة نظام الأسد "تتنامى بالساحل السوري" ضمن مجموعات فردية استوعبت أن الثورة منذ البداية هي ضد طغيان نظام الأسد، حسبما قال الكاتب والصحافي المعارض السوري بسام يوسف.
لكن يوسف، الذي ينحدر من الساحل السوري، قال إن هؤلاء المنشقين لن يكونوا معارضين فعالين للنظام ما لم يكونوا جزءا من كيان معارضة صريح له مرجعيته.
تنامي المعارضة العلوية
وأوضح يوسف للفاصل أن المعارضة العلوية، التي تتعرض للقمع من قبل الأسد والميليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، ستشتد.
ولفت إلى أن "هذه المعارضة قائمة منذ ثمانينات القرن الماضي لهيمنة عائلة الأسد على الطائفة وسجنها الآلاف من أبنائها".
وأكد أن نظام الأسد والحرس الثوري الإيراني وحزب الله "يلاحقون المعترضين والمنتقدين".
وذكر أن "شبيحة من عائلة الأسد خصصوا جائزة 10 مليون ليرة سورية [770 دولارا] لمن يرشدهم على كاتبي الشعارات المناهضة لمحاسبتهم".
في حين أن الأسد نفسه "استقدم 2000 عنصر من الفرقة الرابعة لضبط الحراك المستمر بالساحل وسط تعتيم إعلامي".
وقال يوسف إن خلاف المعارضة العلوية مع الحرس الثوري الإيراني وحزب الله "سياسي ووجودي، لأنهم أعداء الشعوب بسوريا ولبنان والعراق واليمن".
وتحاول الجماعات المتحالفة مع إيران تجذير عقيدة ولاية الفقيه التي تمدد الهيمنة الإيرانية من خلال المطالبة بالولاء للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي.
أما الباحث السوري والمعارض للنظام تركي مصطفى، فأعرب للفاصل عن ترحيبه بأصوات أبناء الطائفة العلوية المعارضة.
وأشار إلى أن "أصواتا خافتة [بين الطائفة العلوية] بدأت تظهر بسبب الجوع والأزمة الاقتصادية".
وأعرب مصطفى عن أمله في أن تتجاوز الطائفة العلوية "مسألة الطائفية مع التطورات الجارية بعموم سوريا المنذرة بواقع جديد".