إقتصاد
الاحتجاجات الشعبية تعم سوريا وسط معاناة الشعب من الظروف الاقتصادية الصعبة
وسط الظروف الاقتصادية الصعبة في سوريا، باتت الاحتجاجات الشعبية حدثا منتظما في جميع أنحاء البلاد مع شعور الناس وحتى من هم من مؤيدي النظام بتعرضهم للخيانة والغضب.
سماح عبد الفتاح |
انطلقت موجة جديدة من الاحتجاجات في محافظة السويداء السورية وأماكن أخرى من البلاد، وسط ارتفاع كبير في أسعار السلع الاستهلاكية وانهيار قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار.
وقال الناشط نزار بو علي وهو من السويداء إن هذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها المحافظة تجمعات احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في سوريا.
ولكنه أشار إلى أن ما يلفت النظر في التظاهرات الراهنة هو انتشارها في عشرات البلدات والقرى، مع طرح المتظاهرين مطالب محددة خلال تجمعاتهم هذه.
وأوضح أنهم يطالبون باتخاذ إجراءات عاجلة لتحسين الأوضاع الاقتصادية المزرية في البلاد. وأضاف أن الكثيرين يطالبون أيضا برحيل الرئيس السوري بشار الأسد من السلطة وإطلاق سراح جميع المعتقلين.
وذكر لموقع الفاصل أنه على الرغم من الخلافات السياسية والطائفية، إلا أن سكان السويداء ومحافظة درعا المجاورة يتشاركون للمرة الأولى المطالب والمخاوف نفسها وكشف أن أحد مخاوفهم الأساسية هو تجارة المخدرات في المحافظتين.
وأضاف أن المخدرات التي تضر سكان المحافظتين بشكل مباشر، توفر الأموال لنظام الأسد وميليشياته.
وأشار بو علي إلى أن النظام السوري قلل من أهمية الاحتجاجات وشدد على أن السويداء هي تحت سيطرته.
ولكنه تابع أن السويداء تعتبر معقلا للدروز ويعتبر دعم رجال الدين الدروز للحراك الشعبي "تطورا خطيرا جدا بالنسبة للنظام السوري".
’غضب غير مسبوق‘
وذكر بو علي "لأول مرة منذ سنوات، يتواصل الناشطون في السويداء ودرعا لتوحيد جهودهم، ما قد يؤدي إلى احتجاجات أوسع نطاقا وموجة جديدة من الانشقاقات في الجيش السوري".
وأضاف أن ذلك من شأنه أن يضعف الأسد، خاصة أنه يحاول الآن إعادة العلاقات مع الدول العربية وخصوصا مع الأردن.
وتوقع بو علي أن تشهد السويداء ودرعا تطورات دراماتيكية من شأنها تغيير المشهد السياسي في سوريا.
وقال إن "هذه التطورات ستدفع النظام السوري وداعميه سواء النظام الإيراني أو الروسي، إلى تقديم تنازلات كبيرة على أمل إسكات الغضب الشعبي غير المسبوق".
ومن جانبه، أكد الخبير الاقتصادي السوري الأستاذ المحاضر في جامعة دمشق محمود مصطفى، أن قرار النظام السوري الأخير برفع الدعم عن المحروقات والذي وصفه بأنه قرار "غبي" أدى إلى ارتفاع أسعار السلع بشكل كبير، وخاصة السلع الأساسية ما جعل أغلب الناس عاجزين عن اقتنائها.
وقال إن "قرار الحكومة بزيادة رواتب الموظفين الحكوميين بنسبة مائة في المائة قوبل بالسخرية والتهكم، فحتى الزيادة على الرواتب لا تكفي أي موظف لإطعام أسرته أكثر من بضعة أيام".
وأضاف للفاصل أن هذا هو الوضع بدون حتى اعتبار المصاريف الأخرى كالملابس والمواصلات التي أصبحت اليوم من الكماليات في سوريا.
وأردف مصطفى "لطالما كان النظام السوري يتباهى بحصوله على دعم العراق وروسيا وإيران".
ولكنه أوضح أن الوضع الحالي يظهر أن هذا الأمر غير صحيح وأن على الشعب السوري أن يتحمل وزر إذعان النظام للشروط الروسية والإيرانية حتى ولو كانت مطالبهم بسيطة.
استياء بين مؤيدي الأسد
ومن جهته، قال المحامي طاهر المصري الذي عاد مؤخرا إلى دمشق قادما من القاهرة إن "الناس كانوا وما زالوا يحتشدون للاحتجاج في العديد من مناطق دمشق، لكن سرعان ما تقوم قوات النظام الأمنية بتفريق تجمعاتهم".
وأضاف أن السخط الشعبي بدأ يخرج عن سيطرة النظام، وهذا أمر واضح حتى في المناطق التي كانت تعتبر موالية للأسد.
وتابع أن "الأسعار ترتفع بمعدلات غير معقولة ويتم تحديدها والسيطرة عليها من قبل عدد مختار من التجار الموالين للنظام".
وأوضح أن الصعوبات الاقتصادية وغلاء الأسعار أثارت غضب الكثير من السوريين الذين دعموا النظام على مر السنين، لكنهم باتوا اليوم يشعرون بأنه خانهم.
وتوقع المصري أن تثور القاعدة الشعبية التي يعتبرها النظام صمام أمان له، مع تجمع حشود غاضبة بشكل منتظم للاحتجاج في معظم الشوارع وفي محطات الوقود.
وذكر أن قوات الأمن التابعة للنظام والمنتشرة لقمع هذه الاحتجاجات، تهدد المتظاهرين بالقوة.
وختم المصري قائلا للفاصل "لكن ستؤدي الظروف السائدة في نهاية المطاف إلى انفجار اجتماعي لن يتمكن النظام من التعامل معه وسيؤثر على الجميع، حتى على المقربين منه”.