أمن
إيران تعيد رجل أعمال مدانا إلى واجهة تجارة النفط
تسلط الخطوة الضوء على يأس النظام إزاء العقوبات وازدواجية معاييره تجاه شعبه.
![صورة التقطت في 3 تموز/يوليو 2013 تظهر بابك زنجاني أمام طائرة تعود إلى شركة طيران قشم التي كان يملكها قبل سجنه. [وكالة أنباء فارس]](/gc1/images/2025/09/11/51846-babak_zanjani-600_384.webp)
نور الدين عمر |
لجأت إيران مرة أخرى إلى بابك زنجاني، وهو رجل أعمال سيء السمعة مدان بالاختلاس والسرقة، وذلك في مسعى لتعزيز صادرات النفط وسط العقوبات الدولية التي تلوح في الأفق.
وقال محللون إن هذا القرار يسلط الضوء على يأس الحرس الثوري الإيراني للحفاظ على عائداته بأية وسيلة كانت، حتى إن كان ذلك يعني إعادة تأهيل شخص حُكم عليه سابقا بالإعدام على خلفية جرائم مالية.
وتحدثت تقارير عن قيام السلطات بتخصيص شحنات نفط لزنجاني عبر شركة نفتيران إنترترايد (Naftiran Intertrade)، وهي شركة فرعية تابعة لوزارة النفط، باستخدام عملة مشفرة بقيمة 300 مليون دولار كضمانة.
وتثير هذه الخطوة الجدل إذ أن بنك إيران المركزي كان في الماضي قد أعلن أن مثل هذه العملات لا تتمتع بأية ضمانة قانونية أو مالية.
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي عبد النبي بكار إن قرار النظام يعكس الأحوال السيئة التي تواجهها الخزانة الإيرانية، ما يجبر القادة على اتخاذ خيارات كانت في السابق غير واردة.
وأوضح لموقع الفاصل أن "المفروض أن زنجاني يقضي عقوبة السجن لمدة 20 عاما بعد الحكم عليه من قبل القضاء الإيراني بجرم الاختلاس وسرقة الأموال. وبالحرية التي يتمتع بها تظهر وبشكل واضح الازدواجية التي يتعامل بها النظام مع الإيرانيين حيث يطلق سراح المجرمين خدمة لمصالحه بينما يقبع في السجون آلاف الإيرانيين والإيرانيات لمجرد التعبير عن آرائهم".
نفاق النظام
وذكر المحللون أن قضية زنجاني تكشف نمطا أوسع من النفاق.
حيث أن تداول العملات المشفرة العامة مقيد في إيران.
ولكن الحرس الثوري يتحرك بحرية في أسواق العملات الرقمية لتأمين السيولة والتحايل على العقوبات والسعي وراء طموحاته النووية.
وبدوره، قال الخبير الاقتصادي محمود مصطفى إن "الحرس الثوري ومرة أخرى يؤكد أن مصالحه فوق مصلحة الشعب الإيراني".
ولفت إلى أن صفقة زنجاني المدعومة بالعملة المشفرة تظهر كيف أن تلك العملات أصبحت أداة للالتفاف على العقوبات.
ويأتي ذلك رغم أن اختراقات سابقة لمنصات التجارة الإيرانية أدت إلى محو نحو مائة مليار دولار ودفعت البنك المركزي إلى تعليق مثل هذه الأنشطة.
وذكر مصطفى أنه تم ببساطة تجاهل هذا التعليق عندما رأى الحرس الثوري فرصة لكسب الأرباح.
تفعيل العقوبات
ويعد هذا التوقيت حرجا في ظل تراجع صادرات النفط الإيراني إلى 1.2 مليون برميل في اليوم.
حيث تواجه البلاد إعادة فرض عقوبات أممية بعد تفعيل بريطانيا وفرنسا وألمانيا آلية "الزناد" في 28 آب/أغسطس.
واستشهدت هذه الدول بتخلف إيران عن تلبية التزاماتها بموجب الاتفاق النووي لعام 2015.
وسيعاد فرض جميع العقوبات السابقة تلقائيا ما لم يتم التوصل إلى اتفاق دبلوماسي في غضون 30 يوما.
وقال الصحافي عطا حسينيان لوكالة إيران إنترناشيونال إن النظام الإيراني أعاد "الشخص الذي يتمتع بالذات بالخبرة والشبكة المعقدة في هذا المجال".
واعتبرإن عودة زنجاني لم تتم على الأرجح إلا بأمر من "القيادة العليا" وتعكس تصميم القيادة على التحايل على العقوبات والحفاظ على شرايين المال الحيوية.
وقال المحللون إن هذه الخطوة تسلط الضوء على تجاهل طهران المتواصل للقانون الدولي والمساءلة المحلية.
وأضافوا أنه عبر تمكين مختلس أموال مدان وفي نفس الوقت حرمان المواطنين من أبسط الحريات، يخاطر النظام ليس فقط بالتعرض لعقوبات أقسى بل أيضا لمعارضة أكبر في الداخل.