سياسة
مخطط روسيا الفاشل في سوريا يكشف سوء التقدير المدمر للأسد
فشل الكرملين في بناء قوة عسكرية سورية محترفة قادرة على الاعتماد على نفسها، وفي نهاية المطاف افتقر إلى القوة أو الإرادة لمنع سقوط النظام.
سماح عبد الفتاح |
شكّل الانهيار السريع للنظام السوري بزعامة بشار الأسد يوم 8 كانون الأول/ديسمبر نهاية ما يزيد عن 50 عاما من الحكم الاستبدادي وأكد صحة التحذيرات الأميركية والدولية من مخاطر الاعتماد على الحماية الروسية.
ووصف الرئيس الأميركي جو بايدن الانهيار بأنه "عمل جوهري من أعمال العدالة".
وأكد بايدن. على التزام واشنطن بالانتقال الديمقراطي في سوريا من خلال التعاون الإقليمي وعمليات مكافحة الإرهاب والإصلاح الدستوري بقيادة الأمم المتحدة.
وقال الناشط محمد البيك لموقع الفاصل إن موسكو كانت تخدم مصالحها الخاصة في سوريا في المقام الأول، بدلا من المساعدة في بناء دولة مستقرة.
وأوردت مجلة فورين بوليسي أن هشاشة هذه الشراكة أصبحت واضحة في قاعدة كويرس الجوية بمحافظة حلب، حيث تخلت القوات السورية عن المعدات العسكرية الحيوية بما في ذلك الطائرات ومنظومات الدفاع الجوي بدون مقاومة.
وأضافت المجلة أن "الأمر الأكثر إثارة للقلق حتى كان سقوط مجمع السفيرة، وهو أحد أكبر المجمعات الصناعية العسكرية للنظام ومركز حيوي للتصنيع الدفاعي".
وبدوره، قال الخبير العسكري وائل عبد المطلب لموقع الفاصل إنه على الرغم من سنوات من التعاون العسكري، فشلت روسيا في بناء قوة عسكرية سورية محترفة قادرة على الاعتماد على نفسها.
وأضاف أنه في حين أن روسيا زودت النظام بأسلحة متطورة، إلا أن القطعات العسكرية السورية ظلت قديمة وافتقرت إلى الجهوزية.
وتابع "حتى أن منظومة الدفاع الجوي كانت تحت السيطرة الكاملة للجيش الروسي الذي يتحكم بها وحده ولا سيطرة لضباط الجيش السوري على الإطلاق".
تخلي روسيا
وأشار البيك إلى أن "معظم القاطنين لم يتوقعوا أن تتخلى روسيا عن النظام بهذه الطريقة السريعة"، لافتا إلى أن قدرات الردع الروسية بما في ذلك القوة الجوية والمنظومات الصاروخية كان بإمكانها صد الهجوم أو تأخيره.
ولكنه ذكر أنه بمجرد أن تغيرت الأحوال، "تخلت روسيا عن النظام فورا دون أي محاولة جادة للدخول في العمليات العسكرية ودعم الفصائل المسلحة الموالية للنظام".
وفيما وثق المجلس الأطلسي استمرار الغارات الجوية الروسية ضد معارضي الأسد من قاعدة روسيا الجوية في سوريا حتى أوائل كانون الأول/ديسمبر، إلا أن هذه الجهود أثبتت أنها غير كافية لمنع سقوط النظام.
وحسبما أظهرته بيانات الطيران وصور الأقمار الاصطناعية التي حللتها إذاعة أوروبا الحرة، فقد أجلت روسيا سفنا من قاعدتها البحرية في طرطوس ومعدات من قاعدتها الجوية في حميميم وتقوم بتحويل بعض الأصول إلى أفريقيا.
وفي هذا السياق، قال الخبير بشؤون الشرق الأوسط فيليب سميث للمحطة الإذاعية إن الخسارة تمثل "صفعة كبيرة على الوجه [للرئيس الروسي فلاديمير] بوتين" الذي كان تدخله يهدف لإظهار مكانة روسيا كقوة عظمى.
والآن مع منح روسيا حق اللجوء للأسد وعائلته في موسكو مع أن ذلك تم بفتور ملحوظ، فإن وجودها العسكري في سوريا أصبح على المحك.
وفي هذه الأثناء، يكشف سقوط النظام السوري الكلفة النهائية لثقته الموضوعة في غير محلها في الحماية الروسية.
وأكد عبد المطلب أن "التصرف الذي قام به الجيش الروسي تجاه الجيش الروسي الذي كان يعتمد على القدرات الروسية يعتبر خيانة من ناحية النظر العسكرية والتكتيكية".