أمن

إيران تحاول تعزيز سيطرتها على الجزر الخليجية الاستراتيجية المتنازع عليها

عمدت إيران إلى تقديم قطع أراض مجانية وحوافز للإيرانيين المهتمين بالعيش في الجزر الخليجية التي تطالب الإمارات العربية المتحدة أيضا بالسيادة عليها.

سفن إيرانية تشارك في مناورة عسكرية في آب/أغسطس، لإنزال قوات في جزيرة أبو موسى المتنازع عليها. [إيرنا]
سفن إيرانية تشارك في مناورة عسكرية في آب/أغسطس، لإنزال قوات في جزيرة أبو موسى المتنازع عليها. [إيرنا]

فريق عمل الفاصل |

وفي محاولة لتعزيز سيطرتها على الجزر الخليجية الثلاث التي تطالب الإمارات العربية المتحدة أيضا بالسيادة عليها باعتبارها جزءا من أراضيها، بدأت إيران بتقديم حوافز لتشجيع الإيرانيين على الانتقال إلى هناك وترجيح كفة الميزان الديموغرافي لصالحها.

ويأتي مخطط النظام الإيراني وسط توترات متصاعدة في الخليج، حيث نشرت الولايات المتحدة جنودا وأصولا عسكرية إضافية لمنع اتساع نطاق الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس.

وفي الوقت الذي تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها الحفاظ على السلام، تعمل إيران على تأجيج النار من خلال أعمالها الاستفزازية للتمسك بسيطرتها على جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، والتي استخدمتها أيضا للتدريبات العسكرية.

ففي آب/أغسطس، أنزل الحرس الثوري الإيراني قوات في أبو موسى وطنب الكبرى خلال مناورات عسكرية شاركت فيها سفن وطائرات مسيرة ووحدات صواريخ، حسبما ذكرت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تديرها الدولة.

خريطة غير رسمية للجزر الخليجية الثلاث المتنازع عليها، أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، والتي تطالب بها كل من إيران والإمارات العربية المتحدة. [سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في واشنطن العاصمة]
خريطة غير رسمية للجزر الخليجية الثلاث المتنازع عليها، أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، والتي تطالب بها كل من إيران والإمارات العربية المتحدة. [سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في واشنطن العاصمة]
حاملة الطائرات يو إس إس دوايت أيزنهاور وطراد الصواريخ الموجهة يو إس إس فلبين سي ومدمرتا الصواريخ الموجهة يو إس إس غرافلي ويو إس إس ستثيم ومدمرة البحرية الفرنسية إف إس لانغدوك تعبر مضيق هرمز بدعم جوي من مقاتلة البحرية الفرنسية ئي-2سي هوك وطائرة رافال الهجومية التابعة للقوات الجوية الفرنسية، في 26 تشرين الثاني/نوفمبر. [البحرية الأميركية]
حاملة الطائرات يو إس إس دوايت أيزنهاور وطراد الصواريخ الموجهة يو إس إس فلبين سي ومدمرتا الصواريخ الموجهة يو إس إس غرافلي ويو إس إس ستثيم ومدمرة البحرية الفرنسية إف إس لانغدوك تعبر مضيق هرمز بدعم جوي من مقاتلة البحرية الفرنسية ئي-2سي هوك وطائرة رافال الهجومية التابعة للقوات الجوية الفرنسية، في 26 تشرين الثاني/نوفمبر. [البحرية الأميركية]

وأعلن قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال حسين سلامي في خطاب متلفز خلال المناورات التي أثارت الغضب في الإمارات العربية المتحدة وبين المراقبين "نحن نحاول دوما تحقيق الأمن والهدوء؛ هذه هي طريقتنا".

وقالت مؤسسة Responsible Statecraft في تحليل لها بتاريخ 9 آب/أغسطس 2023، إن الجزر ذات قيمة استراتيجية نظرا لموقعها القريب من مضيق هرمز، مشيرة إلى أن إيران شنت هجمات انطلاقا من الجزر خلال الصراعات السابقة.

وأضافت أنه "يمكن لأية دولة تسيطر على طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى السيطرة على الممرات البحرية القادمة والخارجة من الخليج عبر مضيق هرمز".

وقال مراقبون إنه إذا سيطرت إيران على الجزر، فسيكون بمقدورها استخدامها لمضايقة السفن التي تعبر مضيق هرمز، على الرغم من أن الوجود المتزايد للجيش الأميركي وحلفائه في المنطقة يقلل من حدة هذا القلق.

وواصلت الإمارات تأكيد سيادتها على الجزر، بحسب بيان نشر على الموقع الإلكتروني لسفارة الإمارات في واشنطن.

وقال البيان إن "دولة الإمارات العربية المتحدة دأبت على التنديد وبقوة باحتلال إيران غير القانوني لأبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى منذ لحظة احتلال القوات العسكرية الإيرانية للجزر الثلاث في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 1971".

وأضاف أنه "بعد مرور خمسين عاما على الغزو الأول، ما تزال الإمارات متمسكة بعرضها لإيران لحل هذا النزاع. لكن إيران تصر للأسف على رفض مثل هذه الاقتراحات كما مناقشة السيادة على أي من الجزر".

وفي الوقت عينه، تحاول إيران تقويض الوضع الراهن من خلال "التشدد" في مطالبتها بالسيادة على الجزر، حسبما ذكرت صحيفة التلغراف في مقال افتتاحي بتاريخ 29 تشرين الثاني/نوفمبر.

تغيير ديموغرافي

ذكرت مصادر إعلامية مختلفة أن المسؤولين الإيرانيين يناقشون منذ بضعة أشهر خططا لزيادة عدد السكان الإيرانيين على الجزر، علما أن واحدة منها فقط مأهولة بالسكان حاليا.

وبحسب ما ورد، تعرض إيران قطع أراض وحوافز مثل قروض البناء والإعفاءات من الخدمة العسكرية إذا التزم المواطنون الإيرانيون بالعيش في إحدى الجزر مدة 12 عاما، وفقا لتقارير وسائل الإعلام المحلية.

وتشمل الحوافز الأخرى التخلي عن شرط ألا يكون المتقدمون قد استخدموا أية تقديمات سكنية حكومية منذ الثورة الإسلامية عام 1979 أو قد امتلكوا منزلا آخر.

وإذا مضت إيران قدما في خطتها، فإن جزيرة أبو موسى، وهي أكبر الجزر الثلاث المتنازع عليها، والتي يقدر عدد سكانها بنحو 4000 نسمة فقط، ستشهد زيادة سكانية هائلة تحدث خللا في التوازن الديموغرافي لصالح إيران.

وقالت الصحيفة "سيشكل ذلك حجة قوية للتأكيد بان الجزر يجب أن تكون أراض إيرانية".

وعلى الرغم من عرض الحكومة الإيرانية، أفاد موقع فارارو الإخباري الإيراني في آب/أغسطس، أن الحكومة ربما تجد صعوبة في جلب سكان إلى أبو موسى.

وقال الموقع إن تقديراته أظهرت أنه اعتبارا من آب/أغسطس، من المحتمل أن يكون 1400 شخص فقط قد استوفوا متطلبات الحصول على قطع مجانية من الأرض في الجزيرة.

ومع ذلك، وفي وقت لاحق من شهر آب/أغسطس، نقلت وكالة أنباء إيلنا عن إرسلان مالكي، مسؤول وزارة الداخلية في إدارة الإسكان، قوله إن شروط الحصول على أرض مجانية في أبو موسى قابلة للتغيير.

وأضاف حينه أن عددا أكبر من المواطنين قد يتأهلون للحصول على أراض مجانية إذا دخلت هذه التعديلات حيز التنفيذ.

ولم توضح الحكومة الإيرانية بعد ما إذا كانت الشروط قد تغيرت.

وكانت طهران قد شددت مؤخرا موقفها بشأن الجزر الثلاث، دون إطلاق المزيد من التصريحات.

في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، نشر الموقع الإخباري الإيراني "انتخاب" مقالا مطولا ينتقد المسؤولين الحكوميين لعدم إيلاءهم الاهتمام الكافي لمطلب الإمارات العربية المتحدة بالسيادة على الجزر.

وواصفا هذا المطلب بأنه "لعبة خطيرة" لدولة الإمارات العربية المتحدة، أضاف الموقع أن السلطات الإيرانية فشلت في الرد بشكل مناسب عليه، موضحا في المقابل مطلب إيران بالسيادة عليها.

تزايد الوجود الأميركي

بين أيار/مايو وتموز/يوليو، ضايقت القوات الإيرانية واحتجزت ما لا يقل عن ست سفن تجارية في المياه الدولية قبالة سواحل عمان.

وفي أعقاب تصاعد العدوان الإيراني هذا، زاد الجيش الأميركي في أيار/مايو من عملية تدوير السفن والطائرات التي تقوم بدوريات في مضيق هرمز.

في 6 آب/أغسطس، وصل أكثر من 3000 من البحارة ومشاة البحرية الأميركية إلى الشرق الأوسط كجزء من الانتشار الذي أعلنت عنه مسبقا وزارة الدفاع.

وتنتشر حاليا في المنطقة مجموعات حاملة الطائرات يو إس إس دوايت أيزنهاور ("آيك") ويو إس إس جيرالد فورد، كجزء من الجهود الأميركية لردع إيران ووكلائها.

وأكملت المجموعة الهجومية لحاملة الطائرات "آيك" في 26 تشرين الثاني/نوفمبر عبور مضيق هرمز لدخول مياه الخليج، فيما تواصل المجموعة الهجومية دعم مهام القيادة المركزية الأميركية في المنطقة.

تضم المجموعة الهجومية لحاملة الطائرات آيك المدمرتين يو إس إس ميسون و يو إس إس غرافلي والطراد فلبين سي والجناح الجوي الناقل 3.

وقالت البحرية الأميركية إن وجود آيك في الخليج "يظهر التزام الولايات المتحدة وشركائها بضمان حرية تدفق التجارة والأمن الإقليمي وحرية الملاحة".

هل أعجبك هذا المقال؟


يرجى إدخال الأرقام *

بصراحه70273