سياسة
انهيار الهدنة في غزة في ظل تواصل جهود الوساطة
تتواصل المحادثات بين الوسطاء رغم استئناف القتال، مع تركيز المخاوف الدولية على حماية المدنيين.
فريق عمل الفاصل ووكالة الصحافة الفرنسية |
استؤنف القتال في غزة يوم الجمعة، 1 كانون الأول/ديسمبر، فور انتهاء الهدنة التي دامت أسبوعا بين إسرائيل وحماس، علما أن إسرائيل قالت إن حماس "خرقت" الهدنة بإطلاقها صاروخا.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه اعترض صاروخا أطلق من غزة، وهو الأول الذي يطلق من الأراضي الفلسطينية بعد إطلاق صاروخ في الدقائق التي تلت بدء الهدنة يوم 24 تشرين الثاني/نوفمبر.
وذكر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن المعارك استؤنفت بعد أن "خرقت" حماس الهدنة.
وأظهر تسجيل مباشر من تليفزيون وكالة الصحافة الفرنسية سحابة كثيفة من الدخان الرمادي تمتد فوق شمالي غزة وما بدت أنها أصوات أسلحة رشاشة وانفجارات في الدقائق الـ 90 الأولى التي تلت انتهاء مهلة الهدنة عند الساعة الخامسة بتوقيت غرينيتش.
وقال الجيش الإسرائيلي إن المقاتلات "تضرب حاليا" أهدافا لحماس في غزة، فيما تحدث صحافيون من وكالة الصحافة الفرنسية عن غارات جوية في شمال القطاع وجنوبه.
هذا ودوت صفارات الإنذار للتنبيه من ضربات صاروخية محتملة في محيط عدة مجتمعات بالقرب من غزة في الساعة التي تلت استئناف القتال، وقالت السلطات الإسرائيلية إنها تعيد فرض إجراءات أمنية في المنطقة بما في ذلك إغلاق المدارس.
وذكر مصدر مقرّب من حماس أن الجناح المسلح للحركة كتائب عز الدين القسام تلقى "أوامر لاستئناف القتال" و"الدفاع عن قطاع غزة"، وذلك في ظل ورود أخبار عن معارك عنيفة في أجزاء من مدينة غزة.
وشدد بيان صدر عن مكتب نتنياهو على أن إسرائيل "ملتزمة بتحقيق أهداف الحرب وهي إطلاق سراح الرهائن والقضاء على حماس وضمان ألا تشكل غزة بعد اليوم تهديدا لسكان إسرائيل".
وقال المتحدث باسم الحكومة إيلون ليفي في إحاطة صحافية يوم الجمعة "للأسف قررت حماس وضع حد للهدنة عبر الامتناع عن إطلاق سراح كل النساء المخطوفات".
وأضاف "عبر اختيار الاستمرار باحتجاز نسائنا، ستتلقى حماس الآن أقسى الضربات".
هذا وتبنت حماس يوم الخميس هجوما عنيفا بالرشاشات على محطة للحافلات في القدس الغربية ما أدى إلى مقتل 3 إسرائيليين.
تواصل المحادثات رغم المعارك
وفي هذا السياق، قال أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عبر موقع إكس "يؤسفني بشدة تجدد العمليات العسكرية في غزة".
وتابع "لا زلت آمل باحتمال تجديد الهدنة التي تم تطبيقها. يعكس تجدد الأعمال العدائية مدى أهمية إنفاذ هدنة إنسانية حقيقية".
ورغم تجدد المعارك، لا تزال المحادثات بين الوسطاء القطريين والمصريين "متواصلة"، حسبما ذكر مصدر مطلع.
وطالبت قطر يوم الجمعة بتحرك دولي سريع لوقف أعمال العنف.
وقالت وزارة الخارجية القطرية في بيان إن تواصل القصف عند نهاية فترة الهدنة "يعقد جهود الوساطة ويفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع [غزة]".
ولكن المصدر أكد أن المفاوضات بين إسرائيل وحماس "متواصلة بهدف العودة إلى هدنة".
وأضافت الوزارة أنها "ملتزمة إلى جانب شركائها من الوسطاء بمواصلة الجهود التي أدت إلى الهدنة الإنسانية، كما أنها لن تتردد في فعل كل ما هو ضروري للعودة إلى الهدوء".
وخلال الهدنة التي استمرت 7 أيام، تم إطلاق سراح عشرات الرهائن مقابل الإفراج عن سجناء فلسطينيين، كما دخل المزيد من المساعدات إلى غزة.
وفي غزة، بات 80 في المائة من السكان نازحين ويعانون من نقص في المواد الغذائية والمياه والمستلزمات الأخرى.
حماية أرواح المدنيين
ويوم الخميس، طالب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي التقى مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين، بتمديد وقف إطلاق النار وحذر من أن أي استئناف للقتال يجب أن يترافق مع حماية المدنيين الفلسطينيين.
وذكر بلينكن أن واشنطن تريد "أن ترى تواصل هذه العملية قدما إلى الأمام".
وقال "نريد يوما ثامنا وأكثر من ذلك".
وسعى قادة عالميون آخرون وهيئات إنسانية أيضا وراء هدنة ممددة.
وقال مصدر مقرّب من حماس إن الحركة دعمت تمديدا إضافيا وإن الوسطاء يعملون على تمديد الهدنة، إلا أنه يبدو أن المفاوضات قد فشلت.
يُذكر أن الهدنة أوقفت المعارك التي بدأت في 7 تشرين الأول/أكتوبر عندما نفذت حماس هجوما إرهابيا على إسرائيل، فقتلت نحو 1200 شخص غالبيتهم من المدنيين وخطفت أكثر من 200 آخرين.
وخلال الهدنة التي توسطت فيها قطر بدعم من مصر والولايات المتحدة، تم إطلاق سراح 80 رهينة إسرائيلية مقابل 240 سجينا فلسطينيا.
كذلك، تم إطلاق سراح أكثر من 20 أجنبيا، غالبيتهم من التايلانديين المقيمين في إسرائيل، خارج إطار الاتفاق.
وكانت إسرائيل قد أوضحت أن الهدنة هي وقف مؤقت للقتال من أجل تأمين إطلاق سراح الرهائن.
وقال نتنياهو في فيديو نشره مكتبه بعد لقائه بلينكن "تعهدنا... بالقضاء على حماس ولن يوقفنا شيء".
ʼمناطق إجلاءʻ في غزة
وحذر بلينكن من أن أي استئناف للعملية العسكرية من قبل إسرائيل "يجب أن يترافق مع خطط إنسانية لحماية المدنيين بحيث يتم تخفيض عدد الضحايا بين الفلسطينيين الأبرياء".
وقال إن على إسرائيل أن تقوم "بوضوح ودقة" بتحديد مناطق "في جنوب ووسط غزة، حيث يمكنهم أن يكونوا بأمان وخارج خطوط النيران".
وذكر الجيش الإسرائيلي يوم الجمعة أنه مع استئناف المعارك، نشر خريطة لإبلاغ سكان غزة بما وصفه بـ"مناطق الإجلاء".
وتقسم الخريطة الواردة باللغة العربية غزة إلى مئات القطاعات المرقمة.
وأشار الجيش إلى أنه أراد السماح للسكان "بإخلاء مناطق محددة عند الحاجة حفاظا على سلامتهم".
وتم إرسال تحذيرات برسائل نصية قصيرة يوم الجمعة إلى سكان المناطق المرقمة المتعددة.
وجاء في التحذيرات أن "جيش الدفاع الإسرائيلي سيشن هجوما عسكريا ساحقا على منطقتكم بهدف القضاء على تنظيم حماس الإرهابي"، وقد طالبت الرسائل السكان باللجوء إلى أماكن آمنة.
وأضافت "ابقوا بعيدين عن أي نشاط عسكري من أي نوع كان".
يُذكر أن الهيئات الدولية طالبت بالمزيد من الوقت لإدخال المستلزمات الطبية والمواد الغذائية والوقود إلى غزة، حيث تشير التقديرات إلى أن 1.7 مليون شخص أجبروا على مغادرة منازلهم.
وسمحت الهدنة للسكان بالعودة إلى أنقاض منازلهم من أجل البحث بينها عن ممتلكاتهم المتبقية، وقد أعطتهم شعورا بالأمان بعد أسابيع من القصف اليومي.