حقوق الإنسان

قبرص تستعد لتدفق المهاجرين وسط مخاوف من اندلاع حرب في لبنان

يتوجه لاجئون لبنانيون وسوريون إلى قبرص بأعداد متزايدة وسط الأحوال المتفاقمة في لبنان.

اللاجئ السوري حسن العلي، 26 عاما، الذي انفصل عن زوجته الحامل على قارب مهاجرين في طريقه إلى قبرص، يلعب مع ابنهما خالد، 3 سنوات، وفاطمة، عامين، في منزلهما في عين التفاحة شرق بيروت يوم 23 أيلول/سبتمبر 2021. [جوزيف عيد/وكالة الصحافة الفرنسية]
اللاجئ السوري حسن العلي، 26 عاما، الذي انفصل عن زوجته الحامل على قارب مهاجرين في طريقه إلى قبرص، يلعب مع ابنهما خالد، 3 سنوات، وفاطمة، عامين، في منزلهما في عين التفاحة شرق بيروت يوم 23 أيلول/سبتمبر 2021. [جوزيف عيد/وكالة الصحافة الفرنسية]

نهاد طوباليان |

بيروت -- يفر مئات اللاجئين السوريين من لبنان في اتجاه قبرص وسط الأحوال الاقتصادية المتفاقمة والمخاوف من انتشار الحرب بين حماس وإسرائيل.

تصاعد تبادل إطلاق النار عبر الحدود منذ الهجوم الإرهابي الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر، إذ عمد حليف حماس أي حزب الله اللبناني والفصائل التابعة له إلى إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل ما قوبل بإطلاق نار انتقامي.

وأدى العنف إلى نزوح جماعي من البلدات والقرى الحدودية، مع فرار أكثر من 19 ألف و500 شخص شمالا حتى 23 تشرين الأول/أكتوبر، وفقا للمنظمة الدولية للهجرة.

ولجأ البعض إلى مناطق أبعد عبر الهجرة غير الشرعية.

مشيعون يعبرون عن حزنهم وهم بجوار جثمان ضحية فارق الحياة عندما غرق قارب مهاجرين قبالة الساحل السوري، وذلك أثناء جنازته في مخيم نهر البارد للاجئين على أطراف مدينة طرابلس اللبنانية، في 24 أيلول/سبتمبر 2022. وكان 77 مهاجرا على الأقل قضوا عندما غرق قاربهم الذي استقلوه من لبنان قبالة الساحل السوري، في واحدة من أكثر حوادث غرق السفن في شرق البحر الأبيض المتوسط مأسوية. [فتحي المصري/وكالة الصحافة الفرنسية]
مشيعون يعبرون عن حزنهم وهم بجوار جثمان ضحية فارق الحياة عندما غرق قارب مهاجرين قبالة الساحل السوري، وذلك أثناء جنازته في مخيم نهر البارد للاجئين على أطراف مدينة طرابلس اللبنانية، في 24 أيلول/سبتمبر 2022. وكان 77 مهاجرا على الأقل قضوا عندما غرق قاربهم الذي استقلوه من لبنان قبالة الساحل السوري، في واحدة من أكثر حوادث غرق السفن في شرق البحر الأبيض المتوسط مأسوية. [فتحي المصري/وكالة الصحافة الفرنسية]

وخلال الأسبوع الماضي، أعلنت السلطات القبرصية وصول 458 سوريا من لبنان إلى قبرص، محذرة من أن قدرة الجزيرة الصغيرة على استيعاب أعداد كبيرة من المهاجرين محدودة.

وقالت السلطات إن من بينهم 194 سوريا وصلوا في وقت متأخر من يوم 28 تشرين الأول/أكتوبر على متن 4 قوارب من لبنان، وإنهم نقلوا إلى مركز استقبال في بورنارا خارج العاصمة نيقوسيا.

ولاحقا، تم اعتراض مركبين آخرين على متنهما 32 شخصا نقلوا إلى ميناء لارنكا الجنوبي.

وقبل أسبوع، وصل 264 لاجئا سوريا على متن ثلاثة قوارب من لبنان، وهي رحلة قصيرة نسبيا عبر البحر المتوسط حيث أن كلا من سوريا ولبنان يقعان على بعد أقل من 170 كم من الجزيرة.

وقال المسؤول في وزارة الداخلية، لويزوس هادجيفاسيليو، إن مركز بورنارا ممتلئ الآن، وإنه تم تفعيل خطة طوارئ للتعامل مع زيادة عدد المهاجرين الوافدين بسبب الحرب بين إسرائيل وحماس.

وقد طلبت الدول العضو بالاتحاد الأوروبي مساعدات طارئة من بروكسل.

'قوارب الموت' والمهربون

هذا وقد شهد لبنانالغارق في أزمات اقتصادية وسياسية زيادة في الهجرة غير الشرعية انطلاقا من البلاد، لا سيما من قبل الأسر من مناطق طرابلس والشمال الفقيرة.

وكان اللبنانيون واللاجئون السوريون الذين وجدوا مأوى في لبنان يشقون طريقهم نحو قبرص واليونان وتركيا بأعداد متزايدة، حيث يقومون بدفع آلاف الدولارات لعصابات التهريب مقابل فرصة المغادرة.

وتقوم العصابات منعدمة الضمير بتهريب المهاجرين عبر قوارب فقيرة التجهيز، تُعرف في لبنان باسم "قوارب الموت" نظرا لما تشكله من مخاطر وأخطار كبيرة.

وغرقت بعض القوارب بسبب عطل تقني، في حين اعترضت وكالات الأمن اللبنانية قوارب أخرى خلال دوريات بحرية.

ففي أيلول/ سبتمبر 2022، غرق مركب كان يقل 150 راكبا لبنانيا وفلسطينيا وسوريا، انطلق من طرابلس وغرق قبالة السواحل السورية. ولم ينج إلا 20 راكبا.

وكذلك غرق قارب في نيسان/أبريل حيث غرق 40 شخصا، من بينهم زوجة الطرابلسي بلال الدندشلي واثنان من أولاده.

وروى الدندشلي للفاصل أن الظروف القاهرة بسبب الأزمة الاقتصادية في لبنان دفعته وشقيقيّه لتجهيز قارب "انطلق وعلى متنه 80 شخصا، أغلبهم من الأطفال".

وأضاف أن القارب انطلق "من شاطئ القلمون في الشمال"، لكنه غرق قبل الوصول إلى وجهته.

وتابع "من استطاع السباحة نجا، وكانت المحصلة غرق أشخاص بينهم زوجتي وابني البالغ من العمر 4 سنوات وابنتي 12 سنة".

وذكر "خاطرت بعائلتي وفقدتها، وأتمنى ألا يخوض بعد الآن أي شخص هذه المغامرة التي تقود إلى الموت".

'عدم وجود أفق يبشر بالانفراج'

وأضاف الدندشلي أنه على الرغم من المخاطر المعروفة، فإن الكثير من العائلات اللبنانية والسورية والفلسطينية تختار القيام بالرحلة الخطيرة "على متن قوارب الموت".

بدوره، روى مواطن طرابلسي، 61 عاما، شدد على عدم ذكر اسمه تجربة الهجرة غير الشرعية، التي قال إنها كانت مدفوعة بسبب "عدم وجود أفق يبشر بالانفراج" من تداعيات الأزمة الاقتصادية في لبنان.

وقال للفاصل "انطلقت وزوجتي وأولادي الثلاثة و13 شخصا في 22 أيلول/سبتمبر الفائت على متن قارب أوصلنا إلى تركيا، ومنها إلى بلغاريا عبر الغابات".

وأضاف "ألقي القبض علينا في صوفيا، وأعادونا إلى تركيا قبل إعادتنا إلى لبنان في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الفائت بالطائرة".

ويحذر مراقبون من أن المزيد من المهاجرين قد يقومون بهذه الرحلة الخطرة وسط تزايد حركة النزوح من المناطق الحدودية في جنوب لبنان.

ولام سكان جنوب لبنان ما يعرف بـ "محور المقاومة"، الذي يضم الجماعات المدعومة من إيران في لبنان وسوريا والعراق، على تعريض حياتهم للخطر.

وقالت جنوب سويد البالغة من العمر 33 سنة وقد فرت مع أولادها من بلدة الضهيرة الجنوبية من دون أخذ أية أمتعة شخصية، إن "ʼالمقاومةʻ فتحت حربا من بلدتنا لا نريدها".

وذكرت لموقع الفاصل من بلدتها "لا طبابة أو مياه أو كهرباء أو مال كي أبعد أولادي عن أصوات القصف".

وفي السياق نفسه، أوضح الكاتب ومعد الأفلام الوثاقئية أسعد بشارة، أن "المهاجرين يستقلون قوارب غير مجهزة ويخاطرون بحياتهم وحياة عائلاتهم وأولادهم، ما أدى إلى فقدان عائلات بكاملها".

وأضاف أن "العصابات المنظمة للهجرة غير الشرعية، تسير القوارب لاستفادتها المادية دون أي تجهيزات [سلامة] أو أي ضمانات للمهاجرين".

ويركز فيلم بشارة الوثائقي، الذي يحمل عنوان "الهروب إلى الأعماق"، على المهاجرين الذين نجوا من الغرق ورجعوا إلى طرابلس.

ورأى بشارة أن موجات الهجرة غير الشرعية "قد ترتفع وتيرتها من شرق بحر المتوسط، وتحديدا من وجهتي بحر سوريا ولبنان، في ظل اشتداد حدة الأزمة الاقتصادية".

واستدرك أن هذا "يعني كوارث إضافية على غرار قوارب موت طرابلس".

هل أعجبك هذا المقال؟


يرجى إدخال الأرقام *