حقوق الإنسان

الحوثيون يستخدمون سلاح التجويع ويفاقمون الكارثة الإنسانية في اليمن

قال مسؤولون وخبراء إن الحوثيين المدعومين من إيران يقومون بتحويل المساعدات ويعرقلون جهود الإغاثة، ما يعرض ملايين اليمنيين لخطر أكبر من المجاعة.

أشخاص ينتظرون للحصول على المياه بنقطة توزيع في مخيم للنازحين بمديرية عبس باليمن، في 9 كانون الثاني/يناير. [عيسى أحمد/وكالة الصحافة الفرنسية]
أشخاص ينتظرون للحصول على المياه بنقطة توزيع في مخيم للنازحين بمديرية عبس باليمن، في 9 كانون الثاني/يناير. [عيسى أحمد/وكالة الصحافة الفرنسية]

فيصل أبو بكر |

عدن - يستخدم الحوثيون المدعومون من إيران التجويع كسلاح في اليمن عبر تعمد تحويل وعرقلة مسار المساعدات الإنسانية التي تهدف إلى محاربة واحدة من أسوأ حالات المجاعة في العالم.

وحذر منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر من أن عدد اليمنيين الذين يواجهون الجوع قد يتجاوز الـ 18 مليون اعتبارا من الشهر المقبل.

وأضاف أن عدد الأطفال اليمنيين دون سن الخامسة الذين يعانون من سوء التغذية الحاد يمكن أن يصل إلى 1.2 مليون طفل العام المقبل.

وأورد موقع المشهد اليمني في 8 آب/أغسطس أن الطفلة أشواق علي حسن مهاب، 7 سنوات، توفيت مطلع الشهر الجاري في أحد مخيمات النزوح بمديرية عبس في محافظة حجة بعد معاناة طويلة مع الجوع.

وقالت مصادر محلية إن وفاتها جاءت في وقت تراجعت فيه المساعدات الإغاثية بسبب القيود التي فرضها الحوثيون واختطاف عمال الإغاثة.

وأفادت منظمة أطباء بلا حدود أنه تم تسجيل ما يقارب الـ 4000 حالة سوء تغذية حاد ومتوسط بين الأطفال في 3 محافظات خاضعة لسيطرة الحوثيين بشكل كامل أو جزئي، وذلك خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025.

وقدرت منظمة أنقذوا الأطفال أن نحو 85 ألف طفل دون سن الخامسة توفوا بين عامي 2014 و2018 بسبب سوء التغذية، لكن عملية تجميع البيانات تعرقلت منذ ذلك الحين "بسبب قيام الحوثيين بتقييد عمليات الإغاثة"، وفق ما صرح به مصدر يمني لوكالة أسوشيتد برس.

ووفق تقرير صادر عن مشروع مكافحة التطرف، تدفق نحو 3 أرباع المساعدات المخصصة لليمن والمقدرة بـ 20 مليار دولار على مدى العقد الماضي إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

وأشار التقرير إلى أن هذه المناطق تضم نحو 70 إلى 80 بالمائة من سكان اليمن.

منع وصول المساعدات

ورغم الحاجة الإنسانية الضخمة، أنشأ الحوثيون منظومة محكمة لضمان أن تخدم الموارد نظامهم بدلا من الفئات السكانية الأكثر ضعفا في اليمن.

يُذكر أن نمط تحويل مسار المساعدات قائم منذ فترة طويلة. وبحسب تقرير مشروع مكافحة التطرف، وجد تحقيق أجري عام 2018 أن "ثلث المستفيدين المستهدفين فقط تلقوا المساعدات" بمعقل الحوثيين في صعدة.

وأشار إلى أن "حوالي 80 في المائة من الإمدادات جرى تحويلها بشكل واضح"، ما ترك نحو 150 ألف شخص فقط يتلقون الغذاء المخصص لما يقارب مليون شخص على مدى شهرين.

وفي هذا السياق، قال المحلل الاقتصادي فارس النجار في حديث لموقع الفاصل إن "جماعة الحوثي برعت في استخدام الجوع كسلاح ممنهج لتركيع المدنيين والسيطرة عليهم".

وأضاف أن "جماعة الحوثي هي ذراع لإيران في المنطقة"، مشيرا إلى أنها تنفذ أجندة طهران عبر شن هجمات على الملاحة في البحر الأحمر وغيرها من الأعمال العدائية في ظل معاناة الشعب اليمني.

وأكد النجار أن هذا التركيز على تعزيز السلطة ودعم الطموحات الإقليمية للنظام الإيراني تسبب في انهيار الخدمات ومستوى المعيشة في اليمن، مع تخصيص الموارد للأنشطة العسكرية بدلا من الخدمات الأساسية.

وأوضح أنه في مناطق سيطرة الحوثيين مثل صنعاء وعمران والحديدة، تم فصل الكوادر الطبية أو نزوحوا لأسباب سياسية ما أدى إلى "شلل شبه تام في القطاع الصحي".

ومن جانبه، قال فهمي الزبيري مدير عام حقوق الإنسان في مكتب حقوق الإنسان بصنعاء إن الكثير من البرامج الطبية والإنسانية أجبرت على إقفال أبوابها بعدما حوّل الحوثيون المستشفيات إلى ثكنات عسكرية وخطفوا عمال الإغاثة.

وأضاف أن هذه السياسات الحوثية لم تمنع فقط إيصال المساعدات الحيوية بل منعت أيضا فرق الإغاثة من الوصول إلى المناطق الأشد تضررا، ما أدى إلى تفشي الكوليرا والحصبة والدفتيريا.

وأوضح أن التجويع المتعمد للمدنيين وحرمانهم من الوصول إلى الرعاية الطبية وغير ذلك من الأساسيات اللازمة للبقاء على قيد الحياة، يمكن ملاحقتها كجريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي.

هل أعجبك هذا المقال؟


سياسة الفاصل بشأن التعليقات

يرجى إدخال الأرقام *