أمن
سكان دير الزور يخشون تداعيات حرب حماس في ظل صعوباتهم تحت حكم ميليشيات الحرس الثوري
تأتي المخاوف من امتداد الحرب بين إسرائيل وحماس في وقت يواجه فيه السكان أصلا تدهورا في الخدمات ونقصا في المستلزمات الأساسية والوقود.
أنس البار |
قد يشهد سكان شرقي سوريا المقيمون في المناطق الخاضعة للميليشيات التابعة لإيران وروسيا والنظام السوري والذين يواجهون أصلا صعوبات كثيرة، تدهورا أكبر للأوضاع نتيجة الحرب بين إسرائيل وحركة حماس.
ويعاني السكان أصلا في محافظة دير الزور من ارتفاع الأسعار والنقص الحاد في الإمدادات الأساسية والوقود والخدمات العامة.
وقال مراقبون إن الوضع قد يتفاقم جراء امتداد الحرب بين إسرائيل وحماس والتي اندلعت بعد أن شنت حماس هجوما على إسرائيل من غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر وأسفرت عن مقتل أكثر من 1400 شخص واحتجاز أكثر من 200 رهينة.
ومنذ الهجوم الأولي لحماس المدعومة من إيران تطلق الميليشيات المتحالفة مع إيران صواريخ على إسرائيل من لبنان وسوريا، ما أسفر بدوره عن نيران انتقامية واستباقية.
وقصف الجيش الإسرائيلي أهدافا في سوريا ونفذ يوم الاثنين، 30 تشرين الأول/أكتوبر، غارات جوية على البنية التحتية العسكرية في سوريا التي يقال إنها مرتبطة بإيران.
هذا وأبلغ المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن مجلس الأمن يوم الاثنين أن سوريا "شهدت تزايدا في عدم الاستقرار والعنف، تفاقم بسبب غياب أي عملية سياسية مجدية"، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال "اليوم أدق ناقوس الخطر إذ بات الوضع في أخطر حالاته منذ فترة طويلة".
وتابع "علاوة على العنف الناجم عن الصراع السوري نفسه، يواجه الشعب السوري الآن احتمالا مرعبا لتصعيد محتمل على نطاق أوسع".
وأضاف أن "امتداد الصراع إلى سوريا ليس مجرد خطر، بل بدأ فعلا".
’تقتلنا ببطئ‘
وفي محافظة دير الزور الشرقية، قال قال المواطن محمود البالغ من العمر 37 عاما وهو من سكان الميادين وطلب استخدام اسمه الأول فقط، "صادرت الميليشيات الإيرانية الخبز حتى".
وأضاف أن الميليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني وروسيا والنظام السوري والتي تسيطر على المنطقة، أغلقت العديد من المخابز لحصر بيع الخبز في عدد محدود من الأفران التابعة لها.
وقال للفاصل "تحاول كسب المال من أرزاقنا ومصادر عيشنا الأساسية، ولا يهمها ما يحدث لنا".
وأردف "تقتلنا ببطئ".
وذكر محمود أن عناصر الميليشيات والنظام السوري يبيعون القمح الجيد في السوق السوداء، فيما يستخدم القمح الرديء في صناعة الخبز الذي يباع محليا بأسعار مرتفعة.
وأضاف أن العشرات يصطفون يوميا أمام المخابز التي لا تزال أبوابها مفتوحة، في حين أجبر ارتفاع الأسعار الناس على صنع الخبز في المنزل بعد شراء الدقيق الذي غالبا ما يكون رديء الجودة.
وفي الوقت نفسه، ارتفعت أسعار المنتجات بنسبة تصل إلى 50 في المائة.
وقال أحد السكان المحليين المدعو إبراهيم والبالغ من العمر 46 عاما مشترطا حجب اسمه الكامل، إن جولة سريعة في أسواق مدينة البوكمال الحدودية تكفي لكشف الصعوبات التي يواجهها الناس.
وذكر أن "الأسواق اليوم شبه خالية من المتسوقين ولا يستطيع أحد شراء كل احتياجات أسرته الغذائية. وأصبح يستحيل توفر بعض المواد مثل اللحوم على موائد الناس".
فرض الإتاوات
وتفرض الميليشيات في المنطقة بما فيها الفرقة الرابعة التابعة للنظام السوري، الإتاوات على سائقي الشاحنات والتجار، ما أدى إلى ارتفاع أسعار معظم السلع.
وتطالب الميليشيات بالمال على حواجزها عند مداخل مدن الميادين ودير الزور والبوكمال، بحسب ما قال سائق شاحنة ينقل بضائع تجارية للفاصل مشترطا عدم الكشف عن هويته.
وأضاف "يتم ابتزاز السائقين واحتجازهم لساعات أو أيام إذا لم يدفعوا. وفي بعض الأحيان يتم اتهام السائقين زورا بشحن سلع فاسدة أو محظورة لإجبارهم على دفع الجزية".
وأكد مراقبون أنه غالبا ما تحدث خلافات حادة حول السيطرة على مواقع النفوذ وتقسيم الإتاوات بين قوات النظام السوري والمجموعات المتحالفة مع روسيا من جهة، والميليشيات الإيرانية من جهة أخرى.
وتسيطر الميليشيات الإيرانية على المعابر غير الرسمية بين سوريا والعراق مثل معبر الهري، حيث يسمح بمرور شحنات من البضائع المهربة مقابل إتاوات.
وتم أيضا فرض إتاوات على المزارعين المحليين ومربي الماشية والصيادين وغيرهم.
أزمة نقص الوقود
وفي حديثه للفاصل، قال أحد سكان مدينة دير الزور المدعو عبد السلام، 66 عاما، إن "أزمة نقص الوقود لن تنتهي ما دامت هناك ميليشيات تقف خلفها".
واتهم الميليشيات الإيرانية وميليشيات النظام بسرقة النفط من الآبار المحلية والتورط في التجارة غير المشروعة وتهريب الوقود، ما أدى برأيه إلى "إطالة الأزمة وإرهاق السكان".
وأضاف "لا أستخدم سيارتي إلا عند الضرورة لأنني لا أستطيع تحمل تكاليف ومتاعب الانتظار في طوابير طويلة أمام محطات الوقود"، مشيرا إلى أن أسعار الوقود وخاصة البنزين والديزل ارتفعت عدة أضعاف خلال العام الماضي.
وتركت الأزمة آثارها أيضا على قطاع النقل العام في دير الزور فارتفعت رسوم النقل، بحسب شبكة عين الفرات.
وفي الوقت نفسه، تحدث سكان محليون عن تدهور كبير على مستوى خدمات القطاع العام وخاصة في قطاع الصحة.
وفي حديث للفاصل، قال المراسل في عين الفرات نورس العرفي وهو من سكان مدينة دير الزور إن الحرس الثوري والميليشيات التابعة له "تستنزف موارد المدن التي تحتلها".
وأكد أنها تستغل كل شيء "لتعزيز قوتها"، متهما الميليشيات بانتهاك حقوق السكان والتعدي على ممتلكاتهم وتهديد حياتهم.
وأضاف أن هذا الأمر ترك السكان "في حالة يرثى لها، فيشتكون من نقص أبسط الخدمات ومستلزمات الحياة كما من الأزمات الاقتصادية الخانقة".