حقوق الإنسان
المدنيون الفلسطينيون يدفعون ثمنا فادحا لهجوم حماس على إسرائيل
انقلبت حياة الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية رأسا على عقب، ويتعرضون للخطر نتيجة لهجوم الجماعة المتشددة على إسرائيل.
فريق عمل الفاصل ووكالة الصحافة الفرنسية |
يدفع المدنيون الفلسطينيون ثمنا فادحا لهجوم حماس على إسرائيل يوم السبت، 7 تشرين الأول/أكتوبر، إذ أدت العمليات الانتقامية إلى موجة نزوح هائلة وعرضت حياة المدنيين للخطر وحرمت قطاع غزة من الغذاء والماء والوقود.
ونتيجة لأفعال الحركة المتشددة، انقلبت حياة الكثير من الفلسطينيين رأسا على عقب وباتت عرضة للخطر، سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية التي لا تسيطر عليها حركة حماس.
وجاء الرد على هجوم حماس متعدد المحاور سريعا وقاسيا.
ونظرا لأن الكثير من مخابئ الحركة المتشددة يقع في مناطق حضرية مكتظة بالسكان، يتعرض المدنيون لخطر شديد من النيران الانتقامية.
وفي وقت لاحق من ليل الأربعاء، قالت الأمم المتحدة إن الحملة الانتقامية قد أجبرت أكثر من 338 ألف شخص على الفرار من ديارهم في القطاع، حيث دمر أكثر من 2500 منزل أو أصبح غير قابل للسكن.
'في مدينة أشباح'
وفي مدينة غزة، امتلأت الشوارع بالركام وتناثرت فيها شظايا الزجاج.
نام مازن محمد وأسرته في الطابق الأرضي من بنايتهم السكنية في مدينة غزة، حيث تجمعوا معا فيما تدوى أصوات الانفجارات حولهم.
وعندما استيقظوا، وجودوا أن الحي دمر بالكامل وبات دون ملامح، مبانيه سويت بالأرض وملأ الركام شوارعه.
وقال محمد، 38، وهو أب لأربعة أبناء يعيش في حي الرمال بالمدينة، "شعرنا أننا في مدينة أشباح، كما لو كنا الناجون الوحيدون".
وأضاف "لم نستطع ... البقاء في الشقة لأنها في الطابق العاشر".
من جهة أخرى، بدأت الإمدادات الطبية، بما فيها الأوكسجين، في النفاذ بمستشفى الشفاء المكتظ بالجرحى، حسبما قال طبيب الطوارئ محمد غنيم.
وخارج مستشفى الشفاء، وهو أكبر مجمع طبي في غزة، انفجر رجال في البكاء بعد تلقيهم أنباء وفاة أحبائهم في الغارات الجوية.
وحذرت وزارة الصحة في غزة أن نقص الإمدادات الطبية والأدوية سيؤدي إلى "وضع مأسوي" في القطاع.
وقالت الوزارة إن ثماني مستشفيات "ليست كافية لتلبية احتياجات" قطاع غزة الذي يضم 2.3 مليون نسمة.
هذا وارتفعت حصيلة الوفيات في القطاع إلى 1354 على الأقل، حسبما ذكرت وزارة الصحة، فيما قتل العشرات منذ صباح الخميس.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن عدد النازحين داخل غزة "يمثل أعلى رقم من النازحين منذ التصعيد الذي استمر 50 يوما عام 2014".
وحذر أن "تلبية الاحتياجات الأساسية بات يشكل تحديا لهؤلاء النازحين".
وخرجت محطة الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة عن الخدمة يوم الأربعاء بعد نفاذ الوقود، حسبما ذكرت سلطة الطاقة في القطاع.
تقطعت بهم السبل في الضفة الغربية
وجد عبد الرحمن بلاطة وغزاويون آخرون كثيرون ممن كانوا يعملون في إسرائيل أنفسهم اليوم وقد تقطعت بهم السبل في الضفة الغربية، حيث يقبع السكان في المخابئ ويتهافتون على الغذاء والإمدادات الأساسية.
وقال بلاطة، 42 عاما، إنه قرر مغادرة تل أبيب حيث كان يعمل كأخصائي كهرباء خوفا من الانتقام.
وأضاف "غادرت إٍسرائيل مع ثلاثة عمال آخرين في سيارة أجرة. "لا توجد طريقة لدخول غزة" التي تتعرض لحصار كامل، "ولهذا السبب توجهنا إلى الضفة الغربية".
وتابع "لا أعرف أحدا هنا. لم يستضفنا أي شخص في منزله، لذا ذهبنا إلى مبنى المحافظة فأمنوا لنا الإقامة في هذا الفندق".
وأورد مكتب العمل الفلسطيني المسؤول عن العمال الفلسطينيين في إسرائيل عن "طرد عشرات العمال الفلسطينيين من أماكن عملهم منذ بداية القتال".
نقص الغذاء في غزة
أغلقت معظم المحال التجارية في غزة أبوابها، بما في ذلك متاجر البقالة، ولم يتبق إلا محال قليلة مفتوحة لتلبية الاحتياجات العاجلة.
وقال وزير الاقتصاد في غزة إن مخزون السلع الأساسية يمكن أن يستمر ثمانية أشهر.
وأضاف في بيان أنه يوجد طحين كاف حتى نهاية العام.
ويوم الثلاثاء، اصطفت طوابير طويلة أمام المخابز فيما حاول أهالي غزة شراء الخبز، لكن في أحد المخابز، صد موظف أحد الأهالي حين طلب شراء خمسة أرغفة، ولم يسمح له إلا بشراء رغيفين.
وقال برنامج الغذاء العالمي يوم الثلاثاء إنه يستهدف الحصول على مساعدات غذائية لـ 600 ألف شخص آخر في غزة والضفة الغربية.
وناشد البرنامج تقديم مبلغ 17.3 مليون دولار أميركي في الأسابيع الأربعة المقبلة للتعامل مع "الوضع الحرج" في الأراضي الفلسطينية.
وأشار البرنامج يوم الاثنين إلى أنه وزع وجبات غذائية جاهزة لـ 73 ألف شخص، وذلك بالتعاون مع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وأضاف أنه بدأ أيضا توزيع تحويلات نقدية لـ 164 ألف شخص في غزة والضفة الغربية، وهي قسائم إلكترونية يمكن استبدالها بالغذاء في المتاجر المحلية، معربا في الوقت عينه عن مخاوفه من نفاد الإمدادات المحلية.
ومع عدم وجود أي مؤشرات على تراجع أعمال العنف، حاول كثيرون الفرار عبر المعبر الحدودي الوحيد مع مصر، وهي نقطة الدخول الوحيدة التي لا تسيطر عليها إسرائيل، لكن أعمال العنف هناك أجبرت الكثيرين على العودة إدراجهم.
والآن، بعدما أصبحوا محاصرين في غزة، فليس أمامهم أي خيار غير أن يعيشوا مع عواقب أعمال حماس، بغض النظر عما إذا كان يدعمون هذه الحركة المتشددة أم لا.