مجتمع

حزب الله يقمع المعارضة عبر محاولة إسكات رجال الدين

كان الشيخ ياسر عودة، وهو رجل دين لبناني من الطائفة الشيعية يعرف بانتقاده حزب الله، من بين الذين كادوا يُجردوا من ,وضعهم الديني.

صورة يظهر فيها الشيخ ياسر عودة، وهو رجل دين شيعي يعرف بانتقاده للفساد السياسي والطائفي في لبنان. [الشيخ ياسر عودة/فيسبوك]
صورة يظهر فيها الشيخ ياسر عودة، وهو رجل دين شيعي يعرف بانتقاده للفساد السياسي والطائفي في لبنان. [الشيخ ياسر عودة/فيسبوك]

نهاد طوباليان |

بيروت -- تأتي محاولة إسكات رجل دين لبناني شيعي والعديد من زملائه في إطار مساعي حزب الله الرامية لكم أفواه المعارضة في صفوف طائفته.

أصدرت هيئة التبليغ الديني التابعة للمجلس الشيعي الإسلامي الأعلى في لبنان، وهي السلطة الدينية الأعلى للطائفة الشيعية في البلاد، بتاريخ 16 آب/أغسطس بيانا اعتبرت فيه 15 رجل دين، وأبرزهم الشيخ ياسر عودة، غير مؤهلين للإرشاد الديني.

وكاد عودة يُجرد من وضعه الديني إلى أن أصدر المجلس في وقت لاحق بيانا قال فيه إن موقف الهيئة لم يعكس وجهة نظره.

وذكر بيان الهيئة أن القرار كان مبنيا على توصية من لجنة التقييم والتنسيق في مكتب شؤون الحوزة العلمية.

مركبة رفعت عليها أعلام إيران وحزب الله أثناء سيرها في مراسم تشييع أحد المقاتلين بالضاحية الجنوبية لبيروت بتاريخ 10 آب/أغسطس. وقد قتل هذا الأخير قبل يوم في اشتباكات بين حزب الله وأهالي بلدة الكحالة المسيحية في جبل لبنان. [أنور عمرو/وكالة الصحافة الفرنسية]
مركبة رفعت عليها أعلام إيران وحزب الله أثناء سيرها في مراسم تشييع أحد المقاتلين بالضاحية الجنوبية لبيروت بتاريخ 10 آب/أغسطس. وقد قتل هذا الأخير قبل يوم في اشتباكات بين حزب الله وأهالي بلدة الكحالة المسيحية في جبل لبنان. [أنور عمرو/وكالة الصحافة الفرنسية]

وبررت الهيئة قرارها باتهام رجال الدين بـ"الانحراف" العقائدي أو السلوكي أو الجهل بالمعارف الدينية.

ورغم هذا التراجع، أمرت الهيئة المحاكم الجعفرية بعدم الاعتراف بتواقيع رجال الدين الـ 15 على الوثائق المرتبطة بقانون الأحوال الشخصية.

ʼضغوط هائلةʻ

ودرس عودة، وهو أحد أبرز المعارضين لحزب الله، على يد المرجع الديني الشيعي الراحل العلامة محمد حسين فضل الله.

ويعرف بخطابه ضد الفساد السياسي والطائفي في لبنان وببرامجه التلفزيونية التي تتناول الشؤون الفقهية والدينية والاجتماعية.

وقال عودة لموقع الفاصل إنه استهدف بسياق "فضحي للفاسدين، ولأني من المعممين المسموعة كلمتهم، ولأني لا أهاب الفاسدين".

وتابع "كل كلامي وانتقاداتي موجهة للجميع وليس فقط للثنائي حركة امل-حزب الله، لأن الجميع شارك بالفساد ومسؤول من 30 عاما لليوم عن الانهيار الذي بلغناه".

وأضاف "لكن كلامي يزعج أكثر الثنائي [أمل-حزب الله]، لوجود صوت يغرد خارج سياستهم الداخلية".

وقال عودة إن الهدف من البيان كان إسكات المعارضة لأن "حزب الله تحديدا لا يتحمل صوت معارض لا من سياسيين أو رجال دين".

وذكر "لا يحبني الثنائي الشيعي لأنني أتهمهما بالفساد والتوقيع على جميع القوانين التي تهدر مال لبنان العام، وهما لا يتقبلان أي انتقاد".

وفي هذا السياق، قال الناشط السياسي المعارض مالك مروة إن قرار إعلان عدم أهلية عودة ورجال دين آخرين بالتوجيه الديني "ليس له أي معنى إطلاقا" ذلك أن خطابه "وطني جامع".

وأضاف أن عودة تبنى مواقف "مؤيدة لمطالب اللبنانيين، والتي هي بنفس الوقت مطالب أبناء الطائفة الشيعية".

وتابع مروة أن البيان صدر بطلب من حركة أمل وحزب الله، إذ انزعج الثنائي من الخطاب المعارض لرجال الدين.

وأوضح "يخاف حزب الله تحديدا من تنامي الحركة الاعتراضية ضده، وهي طبيعية بسبب تداعيات الانهيار الاقتصادي. لذا، نشهد تحركا كبيرا من قبله لكم الأفواه وخنق الحريات داخل الطائفة الشيعية، وقد بلغ أوجه بمحاولة لكم أفواه المعممين الوطنيين".

إصرار

وشكّل صمود عودة تشجيعا لرجال دين آخرين، في ظل ترويج حزب الله لعقيدة ولاية الفقيه الداعية للولاء للمرشد الإيراني علي خامنئي.

وبدوره، قال مدير المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات حسان قطب إن العقيدة التي يعتنقها حزب الله ويروج لها "لا يستطيع تحمل واستيعاب قوى مناهضة ومعارضة، مهما كان حضورها محدودا وتأثيرها ضعيفا".

وذكر في إشارة إلى ولاية الفقيه، أن "استخدام الدين... كأداة لقيادة الجمهور ... لا يقبل بوجود رؤية وقراءة أخرى للنص الديني أو السماح بوجود فهم مختلف لعناوين مشروع حزب الله الديني".

وأضاف أن سياسات حزب الله مستندة إلى كلمات أساسية ومصطلحات ومفردات دينية ملزمة ومقيدة للجمهور.

وقد اعترض عدد من رجال الدين الشيعة على بعض هذه المفاهيم، ولا سيما ولاية الفقيه، كما اعترضوا على وغلو حزب الله في ربط النشاط السياسي بالمفاهيم الدينية.

وأضاف قطب أن حزب الله ومرجعيته الإيرانية يرفضان الأصوات المعارضة "لأن انتشار معارضة من معممين شيعة ينسف المشروع الإيراني الذي يروج له حزب الله".

وتابع أن بعض رجال الدين الشيعة لم يعودوا يعتبرون حسن نصرالله أمين عام حزب الله وغيره من قادة حزب الله كمرجعيات دينية في ظل الأزمة الأمنية والاقتصادية والسياسية اللبنانية وولاء الحزب لإيران بدون أي اعتبار للمصالح اللبنانية.

وأشار إلى أن إصرار عودة "أزعج حزب الله وشجع الآخرين على مجاراته والاستمرار بنهجه، مما دفع بالثنائي الحاكم لاستصدار قرار وقف هؤلاء العلماء عن الخطابة والتدريس بذريعة عدم الكفاءة".

هل أعجبك هذا المقال؟


يرجى إدخال الأرقام *