طاقة

حزب الله يعرض لبنان من جديد لخطر انقطاع التيار الكهربائي

أكد محللون أن الحزب يقف وراء إخفاقات مؤسسة كهرباء لبنان، وأن مساعيه للحصول على الكهرباء من إيران غير مجدية.

الظلام يلف شارع مار مخايل في بيروت خلال شهر آب/أغسطس. [ناجي أكرم/الفاصل]
الظلام يلف شارع مار مخايل في بيروت خلال شهر آب/أغسطس. [ناجي أكرم/الفاصل]

نهاد طوباليان |

بيروت -- أكد محللون إن حزب الله وحلفائه يقفون وراء الهدر والفساد والسرقة التي تعاني منها مؤسسة كهرباء لبنان، حيث تهدد أزمة الكهرباء الأخيرة بإغراق لبنان مجددا في الظلام.

وفي منتصف آب/أغسطس، توقفت محطة كهرباء دير عمار في طرابلس ومحطة الزهراني لتوليد الكهرباء في جنوب البلاد عن الإنتاج بعد فشل الدولة في دفع الرسوم المتأخرة البالغة 83 مليون دولار للشركة الأم برايمثاوس.

وتم حل تلك الأزمة بعد أن تعهد رئيس الوزراء نجيب ميقاتي بدفع 7 ملايين دولار من إجمالي المبلغ المستحق لمؤسسة كهرباء لبنان للشركة.

وذكرت قناة أم تي في التلفزيونية أن مبلغ السبعة ملايين دولار تم دفعه من الأموال التي حصل عليها لبنان من صندوق النقد الدولي، بعد أن رفض حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم المنصوري "الدفع من احتياطيات المصرف".

مداخن محطة توليد الكهرباء ذات اللونين الأحمر والأبيض في منطقة زوق مخايل الصناعية في جبل لبنان، في صورة التقطت يوم 10 تشرين الأول/أكتوبر. [جوزيف عيد/وكالة الصحافة الفرنسية]
مداخن محطة توليد الكهرباء ذات اللونين الأحمر والأبيض في منطقة زوق مخايل الصناعية في جبل لبنان، في صورة التقطت يوم 10 تشرين الأول/أكتوبر. [جوزيف عيد/وكالة الصحافة الفرنسية]

ويشكل العجز في الكهرباء في لبنان أكثر من 40 في المائة من الدين العام.

ويصر البنك الدولي على تنفيذ الإصلاحات مثل الحد من الهدر والسرقة وتعيين هيئة ناظمة للكهرباء قبل أن يمنح الدولة المتوسطية المتعثرة قرضا للكهرباء.

وفي حديثه للفاصل، قال محلل الطاقة محمد بصبوص إن أزمة الكهرباء هي “المشكلة الأكثر تعقيدا التي يواجهها لبنان منذ عام 2008، بسبب العجز السنوي المتضخم لدى مؤسسة كهرباء لبنان”.

وأضاف أن مؤسسة كهرباء لبنان كانت تقترض سنويا نحو 1.5 مليار دولار، وارتفع المبلغ إلى 3 مليارات دولار سنويا بعد عام 2019، "دون إعادة أي منها إلى خزينة الدولة، وفق ما يقتضيه القانون".

وأوضح بصبوص إنه حتى عام 2019، كانت نسبة الهدر 51 في المائة، أما اليوم فقد بلغت 88.5 في المائة، لافتا إلى “استمرار السرقة وعدم الجباية” وأن خطة وزارة الطاقة لتحقيق الاستقرار في قطاع الكهرباء “لم تحل المشكلة”.

وأكد أن اقتراح الحصول على الكهرباء من إيران الذي طرحه مقربون من حزب الله "من شأنه أن يعرض لبنان للعقوبات".

لا حل من إيران

قال الكاتب والمحلل الاقتصادي أنطوان فرح للفاصل إن انقطاع التيار الكهربائي في لبنان "مشكلة مزمنة قائمة منذ عقود".

وأضاف أن "البعض، وعلى رأسهم حزب الله، حاولوا تعزيز التعاون مع إيران كسبيل لحل الأزمة، رغم وجود عوائق كثيرة تحول دون ذلك".

وأشار إلى أن "العقوبات المفروضة على إيران تمنع السلطات اللبنانية الرسمية من التعاون معها في مجال الطاقة".

وأوضح أنه في الوقت الذي يرفض فيه لبنان هذا التعاون، تبدو إيران عاجزة عن تزويده بالكهرباء بسبب المشاكل المالية والاقتصادية التي تواجهها وتمنعها من مساعدته.

وتابع أن أية مساعدة من هذا القبيل من إيران "ستشكل استفزازا وتحديا للمجتمع الدولي".

وأردف فرح إن الذين يدفعون لاستخدام الطاقة الإيرانية كحل لمشكلة الكهرباء في لبنان يلمحون إلى أن هذه المساعدة ستكون مجانية، "وهذا الأمر غير صحيح".

وشدد فرح على أن "حل مشكلة الكهرباء لن يكون عبر إيران"، بل من خلال تحقيق التوازن المالي في مؤسسة كهرباء لبنان، لكن "ذلك لن يتحقق إلا عبر وقف الهدر والسرقة وتحسين الجباية".

تفاقم العجز في قطاع الكهرباء

من جانبها، كشفت الخبيرة الاقتصادية فيوليت غزال البلعة للفاصل أن المسؤولية وراء فشل لبنان في توفير الكهرباء بشكل موثوق منذ أكثر من ثلاثة عقود تقع على عاتق حزب الله وحركة أمل.

وأوضحت أن الثنائي "استوليا على وزارة الطاقة منتصف التسعينات وتركاها لحليفهما السياسي التيار الوطني الحر".

وذكرت أنه على الرغم من ادعاءاته بدعم الإصلاحات، إلا أن التيار الوطني الحر "لم يعتزم تطبيق القانون 642 الذي ينص على تعيين هيئة ناظمة للقطاع".

وتابعت البلعة أن "ممارسات الثنائي الشيعي [حزب الله وحركة أمل] والتيار الوطني الحر أدت إلى تفاقم العجز في قطاع الكهرباء، ما أثقل كاهل الخزينة واستنزف احتياط المصرف المركزي من الدولار".

وأردفت أن الطموحات السياسية حولت مؤسسة كهرباء لبنان التي كانت مربحة في السابق إلى "كهف علي بابا"، ما دفع البنك الدولي إلى تشديد شروطه لتمويل مشاريع الطاقة لتشمل إخضاع مؤسسة كهرباء لبنان للتدقيق المالي.

وقالت البلعة إن البنك الدولي دعا أيضا إلى إنشاء هيئة ناظمة للقطاع واسترداد تكلفة الطاقة المستهلكة.

وأشارت إلى أن الخطر "يكمن في المناورات التي يقوم بها الثنائي الشيعي وحليفه التيار الوطني الحر بإيعازهم أن حل الأزمة الحالية هو عبر استجلاب الكهرباء من إيران".

وأضافت أن هذا الطرح "دفع به بعض الوزراء المحسوبين على تلك القوى دون مراعاة لعواقبه على اللبنانيين".

وشددت البلعة على عدم قدرة طهران على توفير الطاقة للبنان.

وذكرت أن العديد من المناطق في إيران تعاني من أزمة تقنين الكهرباء، في حين يستحيل على لبنان الدفع بالدولار الأميركي وهو غير قادر على تأمين دولارات جديدة.

وأضافت "علاوة على ذلك، فإن خطر انتهاك العقوبات الأميركية المفروضة على إيران وتداعيات ذلك على لبنان سيعني المزيد من العزلة الاقتصادية".

هل أعجبك هذا المقال؟


يرجى إدخال الأرقام *