بيئة
خبراء يقيمون الأثر البيئي لإغراق الحوثيين سفينة روبيمار
في ظل قيام فريق أممي بتقييم نطاق التلوث الناتج عن السفينة التي أغرقها الحوثيون، حذر خبراء بيئيون يمنيون من أن تأثير الشحنة السامة قد يدوم على مدى عقود.
فيصل أبو بكر |
عدن -- يجري خبراء من الأمم المتحدة تقييما بالتنسيق مع وزارة البيئة اليمنية عقب غرق سفينة مؤخرا في جنوبي البحر الأحمر، كانت تحمل على متنها أكثر من 20 ألف طن من الأسمدة.
واستهدفت السفينة إم في روبيمار التي تحمل علم بيليز وتشغلها جهة لبنانية، بصواريخ أطلقها الحوثيون المدعومين من إيران في 18 شباط/فبراير ما ألحق أضرارا بهيكلها وخلّف بقعة نفطية ناتجة عن تسرب الوقود.
وغرقت السفينة تحت الأمواج في 2 آذار/مارس جنوبي جزر هانيش، وهي كناية عن أرخبيل جنوبي البحر الأحمر، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
شحنة السفينة التي غرقت مؤلفة من 21 ألف طن متري من سماد كبريتات فوسفات الأمونيوم باتت اليوم مغمورة بالمياه، وأثار ذلك مخاوف إزاء الخطر الذي تشكله على الحياة البحرية والبشرية.
وفي هذا السياق، قال كريستوف لوجيت، مدير مركز سيدر لإدارة التلوث المائي العرضي ومقره فرنسا "ما من خطر وشيك في هذه المرحلة".
ولوجيت ينتمي عضو فريق أممي مؤلف من 5 أعضاء، أوكلت إليه مهمة إجراء تقييم عن الوضع.
وأوضح أن "السفينة في قاع البحر ووضع هيكلها جيد نسبيا"، مشيرا إلى أن القلق الأساسي يتمثل بمصير آلاف أطنان السماد.
وتابع أن السماد موجود في حجرة تخزين "وما من أثر حاليا لتسرب هذا المنتج إلى البحر".
وأضاف أنه لم يحصل "أي تسرب" من العنابر التي تحتوي على نحو 200 طن من وقود الدفع و80 طنا من الديزل.
وذكر أن الخوف هو في حال تسرب الأسمدة، إذ قد يلقي بكمية ضخمة من النيترات في المياه ما من شأنه أن يتسبب بظهور طحالب هائلة "قد تقضي على الحياة البحرية".
وقال إن "السماد سيكون مبللا وبالتالي سيتحلل ببطء شديد وبتركيزات منخفضة للغاية، مع أثر محدود على البيئة البحرية".
تأثير على مدى عقود
بدوره، قال عبدا لقادر الخراز، الرئيس السابق للهيئة العامة لحماية البيئة للفاصل، إن روبيمار "غرقت بالكامل وعلى متنها مواد كيميائية خطيرة".
وأشار إلى أن هذه "الأسمدة ليست طبيعية بل مصنعة"، ذاكرا أنها تحتوي على سموم كثيرة و"سيكون لها مخاطر على الصحة العامة للسكان".
وأضاف أن الأثر السلبي للحادثة سيستمر على مدى عقود.
وقال إن التلوث الذي تسبب به إقدام الحوثيين على إغراق السفينة قد يشمل "تغير في خصائص مياه البحر، الأمر الذي سيؤثر على الكائنات البحرية ونوعية الأسماك والشعاب المرجانية".
ولفت إلى أنه سيكون هناك أيضا أثر اقتصادي.
وذكر أن "الصيادين يتجنبون الصيد راهنا ، وبالتالي تأثرت مصادر أرزاقهم التي هي محدودة بالأساس".
وأضاف أن "التأثير الاقتصادي سيمتد للاقتصاد الوطني، لأن الكثير من الدول ستتجنب استيراد الأسماك من اليمن".
تلوث ’معقد‘
من جانبها، قالت المهندسة الكيميائية حياة غالب إنه "عند إعداد خطط العمل البيئية، كان الخبراء والباحثون يتحدثون عن بقايا الأسمدة التي تجرفها مياه الأمطار من الأراضي الزراعية الى السواحل اليمنية".
وتابعت غالب التي كانت تشغل سابقا منصب مدير عام وحدة الأوزون بالهيئة العامة لحماية البيئة، أن "مثل هذه البقايا كانت تصنف كمصدر من مصادر التلوث البيئي الذي يؤثر سلبا على الشعاب المرجانية".
وأوضحت للفاصل أن الشعاب المرجانية تعتبر الحاضنات الطبيعية للعديد من الأحياء البحرية، مضيفة أن التلوث يشكل "تهديدا مباشرا لبيئات شجر المانجروف التي تشكل مصدر أساسي للتنوع الحيوي بالبحر الأحمر".
وقالت إن "بقايا الأسمدة التي تجرفها الأمطار والسيول تعد ملوثة للبيئة البحرية، وهذه لا يمكن مقارنتها بحجم التلوث البحري الناتج عن غرق روبيمار".
وأكدت أن السفينة تحمل "أسمدة سامة للغاية"، مشيرة إلى أن تسرب المواد الكيميائية هو "من أكثر الملوثات تعقيدا".
ولفتت إلى أن "التكلفة المادية لمعالجة التلوث بالمواد الكيميائية عادة ما يكون عاليا للغاية ويتطلب إمكانيات تكنولوجية غير متوفرة في معظم البلدان النامية".
وشرحت أنه سيكون أيضا للتلوث الكيميائي الناتج عن السفينة الغارقة أثر على محطات تحلية المياه في بعض المدن الساحلية. وقالت إن "ذلك سيرفع من كلفة معالجة المياه، إن لم يصعب عمليات المعالجة ويجعلها شبه مستحيلة".