عدالة

الأردن يعزز دفاعاته ضد التهريب عبر الحدود من سوريا

تتخذ المملكة إجراءات أكثر صرامة لمحاربة التهريب من سوريا في ظل توسع هذه العمليات وتزايد وتيرتها.

مجموعة من قوات حرس الحدود الأردنية في نقطة مراقبة عند حدود المملكة مع سوريا يوم 18 كانون الأول/ديسمبر 2023. [بترا]
مجموعة من قوات حرس الحدود الأردنية في نقطة مراقبة عند حدود المملكة مع سوريا يوم 18 كانون الأول/ديسمبر 2023. [بترا]

سماح عبد الفتاح |

كثف الأردن جهوده لمنع دخول الأسلحة والمخدرات إلى المملكة والبلدان الأخرى في المنطقة، في ظل عدم رغبة أو عجز سوريا عن منع التهريب عبر الحدود.

وقال خبراء إن معظم أنحاء المنطقة الجنوبية السورية الحدودية واقعة تحت سيطرة الميليشيات التابعة لإيران وروسيا، إلى جانب بعض الجهات السورية النافذة.

وأضافوا لموقع الفاصل أنه نظرا لهذا الضعف الأساسي للنظام السوري، إنه عاجز عن اتخاذ أي إجراء لوقف عمليات التهريب هذه حتى لو كان مستعدا نظريا لفعل ذلك.

وفي هذا السياق، قال الباحث السياسي الأردني رائد خليل قال لموقع الفاصل إن "الأردن أعلن حربا مفتوحة على المهربين في المنطقة الحدودية مع سوريا، بعد تغيير قواعد الاشتباك التي كانت سائدة منذ سنوات".

رئيس هيئة الأركان الأردنية المشتركة اللواء الركن يوسف أحمد الحنيطي خلال زيارته لإحدى نقاط حرس الحدود على الجانب السوري يوم 25 كانون الثاني/يناير. [بترا]
رئيس هيئة الأركان الأردنية المشتركة اللواء الركن يوسف أحمد الحنيطي خلال زيارته لإحدى نقاط حرس الحدود على الجانب السوري يوم 25 كانون الثاني/يناير. [بترا]
القوات الأردنية تعرض يوم 22 كانون الأول/ديسمبر 2023 كمية من المخدرات التي ضبطتها أثناء تهريبها إلى المملكة من سوريا. [بترا]
القوات الأردنية تعرض يوم 22 كانون الأول/ديسمبر 2023 كمية من المخدرات التي ضبطتها أثناء تهريبها إلى المملكة من سوريا. [بترا]

وأوضح أنه في السابق، كانت عمليات التهريب تواجه بمنطق الردع أي التهديد بعواقب مثل هذه الأفعال.

وأضاف أن الأردن امتنع عن استعمال القوة المفرطة عند توقيف المهربين وكان الأمر يعالج من قبل قوات حرس الحدود بصورة حصرية.

ولكن اليوم تم السماح للقيادة العامة للقوات المسلحة ومديرية الأمن العام بالتدخل في هذه المواقف.

وذكر خليل أنه تم تسجيل زيادة في محاولات التهريب التي باتت أكثر تنظيما وهي مدعومة من مجموعات كبيرة من المسلحين الذين ينخرطون في اشتباكات مسلحة مباشرة مع القوات الأردنية.

وأشار إلى أن هذا "أمر غير مألوف بالنسبة للمهربين العاديين".

إخفاق النظام السوري

وتابع خليل أن عمليات التهريب تجري تقريبا على معظم الحدود الأردنية-السورية التي يبلغ طولها 378 كيلومترا.

ولفت إلى أن الفترة السابقة كانت تشهد محاولات تهريب محدودة في بعض المعابر.

وذكر "أما في الوقت الحالي فإن تعدد الولاءات في سوريا وانتشار الميليشيات التابعة لجهات سورية وإيرانية وروسية أديا إلى تكاثر هذه العمليات وتطورها لهذه الدرجة".

وأضاف أن المضبوطات التي تصادر من المهربين تشمل أسلحة رشاشة وأوتوماتيكية وصواريخ ومسيرات، علما أن المهربون يستخدمون هذه الأخيرة مؤخرا بشكل مكثف.

وذكر أن الكثير من المهربين ينقلون المخدرات مثل الحشيش والكبتاغون، مشيرا إلى أن بعض المواد المهربة مرسلة لتباع في الأردن ودول خليجية أخرى.

وأوضح أنه في إطار طريقة عمل جديدة، يستخدم المهربون "النقاط الميتة"، وهي أماكن سرية "يدفنون فيها المواد المهربة في باطن الأرض ليصار إلى التصرف بها في وقت لاحق".

وأشار خليل إلى أنه في حين أن الأردن ملتزم بقرارات اللجنة المشتركة مع سوريا والتي وافقت على العمل على وقف التهريب عبر الحدود، إلا أن قوات النظام السوري لم تتخذ أي خطوة فعالة في هذا الخصوص.

وأكد أن ذلك "دفع الأردن إلى التصرف الأحادي الجانب وتنفيذ ضربات قاسية للمهربين على الحدود".

واستدرك أن المملكة وضعت "قوائم مطلوبين" تحدد أسماء المهربين المعروفين من خلال معلومات استخباراتية واردة من سوريين رافضين لهذه الأنشطة غير القانونية ومن خلال معلومات تم الحصول عليها من المهربين بعد توقيفهم.

التهريب من جنوب سوريا

وبدوره، قال الناشط السوري نزار بو علي وأصله من السويداء لموقع الفاصل إن المواد المخدرة والأسلحة التي يتم تهريبها إلى الأردن مصدرها معظم المناطق السورية، إلا أن القسم الأكبر منها يأتي من الجنوب ولا سيما محافظتي درعا والسويداء.

وأضاف أن الميليشيات التابعة لإيران قامت في هذه المناطق بتجنيد "عشرات بل مئات" الشبان للعمل في تصنيع المخدرات وتهريبها مع الأسلحة إلى الأردن.

وأوضح أن المجندين فعلوا ذلك "من خلال استغلال الأوضاع المعيشية التي تمر بها هذه المناطق وانعدام فرص العمل وانتشار البطالة بشكل مخيف".

وذكر أنه في السنوات الأخيرة، تم إغراق الجنوب السوري بالمخدرات بشكل مكثف ودخل الشباب المحلي في دوامة الإدمان.

وشرح أن جماعات وأفراد معدومي الضمير استغلوا إدمان هؤلاء وتبعيتهم وأجبروهم على القبول بالعمل في تصنيع وتهريب المخدرات والأسلحة.

وتابع أن قوات النظام السوري من جهتها لا تتخذ أي تدبير لوقف ظاهرة انتشار أو تهريب المخدرات.

وقال إن ذلك يعود لواقع أن غالبية المصنعين والمهربين تابعون مباشرة للحرس الثوري الإيراني، في حين يتبع قسم آخر لروسيا وبعض السوريين النافذين.

وأضاف "لا توجد أي سيطرة للجيش السوري على المنطقة على الإطلاق مما يبشر للأسف بأن هذه الأوضاع ستستمر لفترة طويلة".

وذكر أن هذا "أمر سيء دون شك لعلاقات أبناء منطقة الجنوب السوري مع الأردن وهي علاقات تاريخية كانت في الماضي أكثر من ممتازة".

الحرس الثوري يشرف على تصنيع المخدرات

ومن جانبه، قال الباحث السياسي عبد النبي بكار إنه من أبرز شروط الدول العربية للقبول بعودة سوريا إلى محيطها العربي بعد أكثر من عقد، الالتزام بوقف عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات.

وأضاف للفاصل أن التهريب عبر الحدود من سوريا شكّل خطرا مباشرا ومتصاعدا للعديد من هذه الدول، خاصة الأردن ودول الخليج.

وأشار إلى أن استمرار الجانب السوري في تجاهل هذا الملف وامتناعه عن اتخاذ أي إجراءات رادعة قد يقوضان هذه الجهود حتى لو كانت بعض الدول قد قامت بخطوات جدية فعلا لإعادة العلاقات مع دمشق.

وذكر بكار أن النظام السوري لا يريد الاعتراف بأنه غير قادر على اتخاذ أي إجراء في هذا الملف كونه يرتبط ارتباطا مباشرا بالحرس الثوري الإيراني.

وأوضح أن تصنيع المخدرات في سوريا والمنطقة يتم بإشراف مباشر من أذرع الحرس الثوري في سوريا ولبنان، وهذه هي الحال أيضا بالنسبة لتهريب الأسلحة.

وتابع أنه "مما لا شك فيه أن الملفات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني تعتبر خطوطا حمراء بالنسبة للحكومة السورية ولا ولن تستطيع القيام بأي تدابير حاسمة في هذا الشأن".

وأضاف أن هذا هو الوضع "رغم تضرر العديد من البلدان ومن بينها سوريا نفسها بسبب انتشار المخدرات وضربها للبنية التحتية الشبابية".

هل أعجبك هذا المقال؟


يرجى إدخال الأرقام *