طاقة

السلطات تتحرك مع محاولة ’ناقلات الظل‘ الروسية التحايل على العقوبات

أعادت موسكو تنظيم ملكية السفن لبيع نفطها، وذلك غالبا عبر شركات وهمية في الشرق الأوسط، من أجل إخفاء صلات تلك السفن بروسيا.

سفينة شحن روسية تحمل النفط الخام في حوض ميناء كراتشي الباكستاني بتاريخ 28 حزيران/يونيو 2023. [رزوان تاباسوم/وكالة الصحافة الفرنسية]
سفينة شحن روسية تحمل النفط الخام في حوض ميناء كراتشي الباكستاني بتاريخ 28 حزيران/يونيو 2023. [رزوان تاباسوم/وكالة الصحافة الفرنسية]

فريق عمل الفاصل |

تحاول روسيا تجنب سقف سعر النفط الغربي عبر استخدام "ناقلات ظل" ومزج النفط الخام الروسي بنفط من أماكن أخرى من أجل إخفاء مصدره، بحسب ما ذكرته مصادر مطلعة ولجنة رقابية مؤلفة من نواب بريطانيين.

ولكن مع معرفة السلطات بناقلات الظل الروسية وتحايل روسيا على العقوبات، تتخذ إجراءات فعالة لوقف ذلك.

وطالبت لجنة مؤلفة من أعضاء مجلس اللوردات بالبرلمان البريطاني باتخاذ "إجراء حاسم" بشأن ناقلات الظل الروسية، مشددة على ضرورة أن تبقي المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والحلفاء الآخرون على العقوبات وأن تستمر بدعم أوكرانيا.

وقالت لجنة الشؤون الأوروبية في تقرير صدر بتاريخ 31 كانون الثاني/يناير "إننا متخوفون من الأدلة المتزايدة التي تشير إلى تمكن روسيا من التحايل على العقوبات، بما في ذلك عبر دول ثالثة وأساطيل ناقلات ظل غير مؤمنة".

ووجدت اللجنة أن "التعاون بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والحلفاء الآخرين على فرض وتطبيق العقوبات عقب غزو روسيا لأوكرانيا كان فعالا على نطاق واسع".

ولكنها حذرت من أن "الاختلاف بين أنظمة العقوبات يؤدي إلى ثغرات ويخفف من فعاليتها، ويجب الحد منه قدر الإمكان".

ومنذ سنة تقريبا، قامت مجموعة الدول السبع التي تضم كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة بفرض سقف سعر غير مسبوق على النفط الروسي، إلى جانب الاتحاد الأوروبي وأستراليا.

وهدف سقف السعر البالغ 60 دولارا للبرميل إلى حرمان الرئيس فلاديمير بوتين من العائدات اللازمة لتمويل حربه في أوكرانيا، مع ضمان تزويد روسيا السوق العالمية في الوقت عينه.

ويمنع سقف السعر المفروض على النفط الروسي الشركات التي يقع مقرها في الدول الأعضاء بمجموعة السبع والاتحاد الأوروبي وأستراليا من توفير الخدمات التي تمكّن النقل البحري للنفط الذي يفوق سعره ذلك السقف، كخدمات التأمين مثلا.

تجنب العقوبات

وبعد أن كان ناجحا في البداية، فقد سقف السعر تأثيره فور عثور روسيا على مشترين جدد وناقلات جديدة لتسليم صادراتها.

وأظهرت تقييمات حديثة أن موسكو خفضت اعتمادها على خدمات الشحن الغربية وتجنبت القيود عبر بناء "أساطيل ظل" مزعومة تضم ناقلات نقط وشراء سفن قديمة مع تقديم خدمات التأمين الخاصة بها.

ونقلت مجلة نيوزويك في 6 شباط/فبراير أن "عدد سفن الظل التي تغادر روسيا ارتفع من 13 في المائة في شباط/فبراير 2022 إلى 42 في المائة مع حلول منتصف العام 2023".

وأعادت موسكو تنظيم ملكية السفن لبيع نفطها، وذلك غالبا عبر شركات وهمية في الشرق الأوسط، من أجل إخفاء صلات تلك السفن بروسيا.

وسلطت جامعة كييف للاقتصاد الضوء على مدى تمكن روسيا من تجنب سقف السعر المفروض.

وقدرت الجامعة في تقريرها الذي صدر الشهر الماضي عن كانون الأول/ديسمبر بعنوان "تعقب النفط الروسي"، أن "179 ناقلة محملة من أسطول الظل الروسي غادرت الموانئ الروسية في تشرين الثاني/نوفمبر 2023".

وفي تشرين الأول/أكتوبر، تولى أسطول الظل نقل صادرات قدرت بنحو 2.3 مليون برميل من النفط الخام يوميا و800 ألف مليون منتج بترولي، بحسب الجامعة.

وأوردت محطة بي بي سي أن ثغرة أخرى سمحت للنفط الروسي الخام الذي عولج في دول ثالثة قبل بيعه بالدخول إلى المملكة المتحدة، مشيرة إلى نتائج توصلت إليها منظمة جلوبال ويتنس ومركز البحوث حول الطاقة والهواء النظيف.

وقال ماركس فيشبورن رئيس قسم النزاعات والتحقيقات في شركة الاستشارات إس-آر إم المتخصصة في الاستخبارات والأمن السيبراني العالمي إن روسيا تخلط أيضا النفط الخام الروسي بنفط من أماكن أخرى لإخفاء مصادره.

وأوضح أن "ذلك يحصل في سنغافورة وتركيا، كما يحصل في البحر عبر عمليات النقل من سفينة إلى أخرى وهي عمليات يصعب مراقبتها".

وتابع "طالما تستمر روسيا بإيجاد وسطاء ومشترين لتسهيل عملياتها التجارية السرية، سيبقى من الصعب تحديد القيمة الفعلية لعائداتها النفطية".

تحرك السلطات

ومع بروز تحايل روسيا على العقوبات، تقوم الهيئات التنظيمية باتخاذ إجراءات ملموسة لوقف ذلك.

ونقلت محطة بلومبرغ أنه تم على سبيل المثال استهداف السفن التي تحمل علمي ليبيريا وسانت كيتس ونيفيس بصورة مكثفة من قبل هذه الهيئات، مشيرة إلى بيانات من شركة ويندوورد إي آي المتخصصة بالذكاء التنبؤي.

وأظهرت البيانات نفسها زيادة بـ 5 أضعاف في عدد السفن التي تبحر رافعة علم الغابون، من 20 سفينة فقط في شباط/فبراير 2023 إلى مائة في كانون الثاني/يناير 2024.

وفي هذا السياق، قال مدير النزاعات والتحقيقات في شركة إس-آر إم سيبتيموس نوكس إن "تحول الشركات التي تشحن النفط الخاضع للعقوبات إلى الغابون تسارع جزئيا بفعل الضغط الذي مارسته السلطات الأميركية على سجل سانت كيتس ونيفيس في وقت سابق من العام الماضي".

وذكر لمجلة نيوزويك أن "الغابون لم تتحرك بصورة سرية، ومن المرجح أن تتخذ الولايات المتحدة خطوات مماثلة لتشجيع الغابون على نزع أعلام أية سفن يشتبه بأنها تحمل النفط الخام الروسي الخاضع للعقوبات".

وقال نوكس إن آلية ستدخل حيز التنفيذ في 19 شباط/فبراير من شأنها أن تصعب أكثر على روسيا التحايل على سقف سعر النفط عبر زيادة التكاليف الإضافية في الموانئ الروسية.

وبموجب القواعد التنظيمية للعقوبات المفروضة، سيكون من الضروري تقديم قائمة مفصلة عن كل التكاليف الإضافية إلى مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية، ما سيسمح الكشف عن أي تضخم في التكاليف لمطابقة سقف السعر.

وأوضح نوكس أن "الولايات المتحدة لديها القدرة على فرض عقوبات على سفن محددة تحمل النفط المحظور، ما قد يمنع نظريا حصول لعبة القط والفأر، حيث يتقدم أصحاب السفن الذين يقومون بخرق العقوبات على السلطات الأميركية عبر رفع الأعلام على السفن في ولايات قضائية يكون التدقيق فيها أقل صرامة".

وفي تشرين الثاني/نوفمبر، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على 3 شركات بحرية يقع مقرها في الإمارات و3 سفن مملوكة لهذه الشركات على خلفية شحنها النفط الروسي المباع فوق سقف السعر المحدد.

وأرسلت الخزانة بلاغات إلى شركات في 12 دولة وفرضت عقوبات على تلك التي استمرت في الإتجار بالنفط الروسي، حسبما ذكرت بلومبرغ.

هل أعجبك هذا المقال؟


يرجى إدخال الأرقام *

كان هذا جيداً