إقتصاد

نظرة أعمق إلى الوجود الصيني المتزايد في مصر كبوابة لأوروبا وإفريقيا

تزايدت الاستثمارات الصينية في مصر بنسبة 317 في المائة بين عامي 2017 و2022، ما أثار مخاوف من أن تكون مبادرة الحزام والطريق الصينية مجرد غطاء لـ 'دبلوماسية فخ الديون' والوجود العسكري الموسع.

[فريق عمل الفاصل]

فريق عمل الفاصل |

لسنوات طويلة، حاولت الصين تأمين قدرة وصول أكبر إلى إفريقيا، وسعت لتحقيق ذلك من خلال مصر عبر التوسع الملحوظ للعلاقات الاقتصادية والتجارية والعسكرية والثقافية بين البلدين.

ومنذ وصول الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى السلطة وإطلاقه لمبادرة الحزام والطريق في عام 2013، تزايدت الاستثمارات الصينية في مصر.

وتحتل مصر موقعا استراتيجيا ضمن مبادرة الحزام والطريق، إذ تنظر الصين للبلد الواقع في شمال إفريقيا كمفتاح لتوسيع وصول بضائعها إلى الأسواق الأوروبية والإفريقية.

وكان معهد الشرق الأوسط قد قال في شهر شباط/فبراير إن "الصين هي أكبر مستخدم لقناة السويس وأكبر مستثمر في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، التي تعتبر رابطا شديد الأهمية لـ 60 في المائة من البضائع التي تقوم بشحنها إلى أوروبا".

عمال إنشاءات صينيون يدفعون عربة في موقع إنشاءات في منطقة الأعمال المركزية بمشروع العاصمة الإدارية الجديدة العملاق في مصر على بعد نحو 45 كم إلى الشرق من القاهرة، يوم 1 آب/أغسطس. ويشاهد في الخلفية البرج الأيقوني قيد الإنشاء، والذي يتوقع أن يصل ارتفاعه إلى 394 مترا. [خالد دسوقي/وكالة الصحافة الفرنسية]
عمال إنشاءات صينيون يدفعون عربة في موقع إنشاءات في منطقة الأعمال المركزية بمشروع العاصمة الإدارية الجديدة العملاق في مصر على بعد نحو 45 كم إلى الشرق من القاهرة، يوم 1 آب/أغسطس. ويشاهد في الخلفية البرج الأيقوني قيد الإنشاء، والذي يتوقع أن يصل ارتفاعه إلى 394 مترا. [خالد دسوقي/وكالة الصحافة الفرنسية]
وزير الخارجية المصري سامح شكري (إلى اليمين) يحيي نظيره الصيني كين غانغ بعد مؤتمر صحافي في القاهرة يوم 15 كانون الثاني/يناير. [خالد دسوقي/وكالة الصحافة الفرنسية]
وزير الخارجية المصري سامح شكري (إلى اليمين) يحيي نظيره الصيني كين غانغ بعد مؤتمر صحافي في القاهرة يوم 15 كانون الثاني/يناير. [خالد دسوقي/وكالة الصحافة الفرنسية]

وأضاف أن "تنفيذ الصين لمشروعات تجارية في مصر يعكس اهتماما كبيرا لزيادة وجودها وأنشطتها في ممر البحر الأحمر وجنوب المتوسط وحولهما".

وكان البلدان قد وقعا اتفاق "شراكة استراتيجية شاملة" في كانون الأول/ديسمبر 2014، بعد وقت قصير من تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة في مصر.

ومنذ ذلك الحين، وقع البلدان عددا كبيرا من الاتفاقيات.

ووفق تحليل لمعهد واشنطن نشر في شهر نيسان/أبريل، فإنه "بين عامي 2017 و2022، تزايدت الاستثمارات الصينية في مصر بنسبة 317 في المائة".

وجاء في التقرير أن "البيانات من البنك المركزي المصري كشفت أن الصين حصلت خلال السنة المالية المنتهية على النصيب الأكبر من واردات مصر، بمعدل يصل إلى 10.1 في المائة، وبمبلغ يصل إلى نحو 2 مليار دولار أميركي".

وأضاف أن الصين احتلت أيضا المركز الثاني كأكبر شريك تجاري لمصر بعد دولة الإمارات العربية المتحدة.

مخاوف بشأن 'دبلوماسية فخ الديون'

لكن في الوقت عيته، ظهرت الصين كرابع أكبر دائن لمصر، إذ وصلت الديون المستحقة عليها إلى نحو 8 مليار دولار أميركي، بحسب تقرير معهد الشرق الأوسط.

ويمثل هذا الاتجاه مصدر قلق متزايد لدى المراقبين الذين يشيرون إلى الممارسة الصينية المعروفة باسم "دبلوماسية فخ الديون" التي تستفيد منها بيجين بشكل رئيس على حساب الاقتصادات المحلية التي تزعم أنها تدعمها.

وقالت مبادرة أبحاث بلدان الجنوب التي يقع مقرها في كولومبو، سري لانكا، في تقرير بتاريخ 26 كانون الثاني/يناير، إن مبادرة الحزام والطريق تخدم كغطاء لفخ الديون الصيني وتمدد وجودها العسكري.

ووفق تقرير بتاريخ كانون الثاني/يناير 2022 للمركز العربي في واشنطن دي سي، فإن مبادرة الحزام والطريق تواجه "أسئلة تتعلق بالاستدامة واتهامات بالفساد والتصور بأن هذه المبادرة ما هي إلا واجهة للهيمنة الصينية".

وقال إن عدة بلدان تعرضت لشكل من أشكال "ندم المشتري" على خلفية تبنيها للمبادرة والافتراض المتعلق بأعباء الديون المرافقة لها.

وأضاف أن "كثيرين يعتقدون أن بيجين تضع 'فخ الديون' هذا على نحو متعمد من أجل الاستحواذ والسيطرة على أصول استراتيجية".

وتابع التقرير أن "سرعة بيجين وإصرارها [على السير قدما في مبادرة الحزام والطريق] كانا الأكثر وضوحا في الشرق الأوسط"، مشيرا إلى أن الصين "ضخت 123 مليار دولار أميركي على الأقل في الشرق الأوسط في تمويل مشروعات لها صلة بمبادرة الحزام والطريق".

وذكر أنه "في حين أن استراتيجية انخراط الصين بالشرق الأوسط قد يروج لها على أنها غير ضارة، فقد ترافقت في واقع الأمر مع توسيع الوجود الدبلوماسي والعسكري الصيني في الشرق الأوسط".

عين على مصر

ما يثير القلق على نحو خاص هو استثمارات الصين الضخمة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، التي كشف محللون أنها تتجاوز التنمية الاقتصادية لتعكس خطط بيجين للسيطرة على أجزاء مختلفة من البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا.

وتشمل مبادرة الحزام والطريق خططا لتطوير "طريق حرير بحري" يربط الصين بالبحر المتوسط عبر بحر الصين الجنوبي والمحيط الهندي وقناة السويس.

وفي حين أن هذه الموانئ تجارية ظاهريا بطبيعتها، فإنه ربما يكون لها قيمة عسكرية أيضا إذ أنها ستسمح للبحرية الصينية سريعة النمو بتوسيع نطاق عملها.

وقال تقرير لمعهد الشرق الأوسط في أيار/مايو 2021 إن "مصر تمثل تركيزا رئيسا لعمليات التمويل والإنشاء والاستثمار الصينية في الموانئ والتخزين".

وأضاف أن شركة الصين للشحن البحري المحدودة (كوسكو) "تستحوذ على حصة بنسبة 20 في المائة في شركة قناة السويس للحاويات التي تقع على نهاية قناة السويس في البحر المتوسط".

وتابع أن شركة هاتشيسون بورتس، وهي مجموعة متعددة الجنسيات يقع مقرها في هونج كونج، هي التي تدير الميناءين التجاريين الرئيسين في مصر في الإسكندرية والدخيلة.

وتشارك الصين أيضا مشاركة مكثفة في إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة بمصر على أطراف القاهرة، إذ تبني شركة هندسة البناء الحكومية الصينية (CSCEC) منطقة الأعمال المركزية.

ووفق الجزيرة، فإن البنوك الصينية تمول نحو 85 في المائة من المشروع الذي تبلغ كلفته 3 مليار دولار أميركي، والذي يتضمن 20 برجا، سيكون أحدها أعلى مبنى في قارة إفريقيا عند إنجازه.

هل أعجبك هذا المقال؟


يرجى إدخال الأرقام *