عدالة
الحكومة الأميركية تلاحق ʼقائد التصنيعʻ في داعش المتورط في هجمات كيميائية
عرض ما يصل إلى 5 ملايين دولار مقابل معلومات عن العنصر في داعش أبو علي التونسي الذي قدم تدريبات متطورة عن تطوير الأسلحة وصنّع أسلحة كيميائية.
فريق عمل الفاصل |
يقدم برنامج مكافآت من أجل العدالة التابع لوزارة العدل الأميركية ما يصل إلى 5 ملايين دولار مقابل معلومات من شأنها أن تؤدي إلى تحديد هوية أو موقع أبو علي التونسي، وهو مسؤول كبير في تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
والتونسي هو "قائد التصنيع" في داعش بالعراق وقد نفذ تدريبات لعناصر داعش، بما في ذلك توجيهات عن كيفية صنع المتفجرات والأحزمة الناسفة والعبوات الناسفة.
وبحسب مكافآت من أجل العدالة، قدم التونسي الذي أصيب بيده اليمنى وعينه اليمنى، تدريبات متقدمة أيضا حول كيفية تطوير الأسلحة وتصنيع الأسلحة الكيميائية.
وينبغي تقديم أية معلومات قد تؤدي إلى تحديد مكان تواجده لبرنامج مكافآت من أجل العدالة على رقم واتساب التابع للبرنامج 1037-294-202-1+ أو عبر قناة تلغرام التابعة له.
ويجري البحث عن التونسي بالتزامن مع الجهود الدولية المتواصلة للحد من استخدام الأسلحة السامة المحظورة عالميا ولا سيما في سوريا.
طموحات داعش الكيميائية
ومع اجتياح تنظيم داعش أجزاء من سوريا والعراق في عام 2014، بدأ بتصنيع أنواع مختلفة من المواد الكيميائية والبيولوجية لاستخدامها في حملاته العسكرية وفي الهجمات الإرهابية ضد أهداف غربية، حسبما نقلت صحيفة واشنطن بوست في تموز/يوليو 2022.
وللقيام بهذه المهمة، قام مؤسس داعش أبو بكر البغدادي بتوظيف الخبير في الأسلحة الكيميائية صالح السبعاوي، وهو مهندس تدرب في روسيا كان قد ساعد الرئيس العراقي صدام حسين في بناء ترسانته الواسعة من الأسلحة الكيميائية.
واستخدم تنظيم داعش الأسلحة الكيميائية، بما في ذلك غاز الكلور ومواد كبريت الخردل ما لا يقل عن 52 مرة في سوريا والعراق بين عامي 2014 و2016، بحسب ما جاء في تحليل مستقل أجرته هيئة جمع وتحليل المعلومات آي إتش إس كونفليكت مونيتور ومقرها لندن.
واستهدفت أكثر من ثلث الهجمات القوات الكردية والعراقية في الموصل، المعقل السابق لداعش في شمالي العراق ومحيطها.
و"أدى الحدث الأسوا الذي وقع بالقرب من تازة خورماتو، وهي بلدة كردية جنوبي كركوك، إلى إصابة ما بين 600 وألف شخص في آذار/مارس 2016. وتوفي ما لا يقل عن 3 ضحايا في وقت لاحق"، حسبما قال المستشار لدى الحكومة الإقليمية الكردية اللواء حجر إسماعيل الذي شارك في التحقيقات لصحيفة واشنطن بوست.
وذكر مسؤولون أنه في حين قتل السبعاوي بغارة أميركية في كانون الثاني/يناير 2015 ودمرت كل مرافق الأسلحة الكيميائية المعروفة لداعش بعد أقل من عامين من ذلك، إلا أن طموحات التنظيم في مجال الأسلحة الكيميائية والبيولوجية قد تكون قائمة حتى اليوم.
ظاهرة منتشرة
وفي وقت سابق من العام الجاري، قدم مسؤولون كبار تابعون لفريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش (يونيتاد) بعضا من استنتاجاتهم بشأن تطوير داعش واستخدامه للأسلحة الكيميائية والبيولوجية.
وقالت رئيسة الفريق بولا سيلفرستولب في حزيران/يونيو إن عمليات داعش تشكل تتويجا لنحو عقدين من التجارب من قبل الجماعات السنية المتطرفة، وهو ما يعد "البرنامج الأكثر تعقيدا الذي طورته جهات غير حكومية حتى اليوم".
وذكر فريق يونيتاد أن سجل رواتب داعش أظهر أن أكثر من ألف مقاتل شاركوا في عملية الإنتاج.
وتابع أنه "تم إشراك المئات في برنامج الأسلحة الكيميائية وتم نشر إعلانات وظيفية محددة لتجنيد العلماء والخبراء الفنيين، بما في ذلك من هم في الخارج".
وقالت سيلفرستولب إن "المقاتلين طوروا ما لا يقل عن ثمانية مواد كيميائية، هي فوسفيد الألومنيوم وسم البوتولينيوم والكلور وأيون السيانيد والنيكوتين ومادة الريسين وكبريتات الثاليوم وخردل الكبريت الذي يعرف أيضا بغاز الخردل".
ولفت فريق يونيتاد إلى أن "خردل الكبريت والكلور وفوسفيد الألومنيوم هي مواد محظورة بموجب معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية، وتشير الأدلة إلى أن تنظيم داعش استخدامها في قذائف الهاون والصواريخ" والعبوات الناسفة.
وأضاف أن البغدادي أصدر شخصيا أمرا بتنفيذ الهجوم ضد تازة خورماتو "بهدف التسبب بسقوط أكبر عدد ممكن من الضحايا".
وقال إنه "من أصل 42 مقذوفة أطلقت ضد المدينة، كان 27 منها على الأقل يحتوي على خردل الكبريت الذي يتسبب ببثور وحروق مؤلمة".
وفي هذا السياق، قال القاضي علي نعمان جبار من محكمة تازة للتحقيق إن "تداعيات الهجوم الكيميائي شملت عدة أمراض مثل السرطان وأمراض الجلد والإجهاض وتشوهات الأجنة والأمراض المزمنة والتأثيرات والصدمات النفسية".
وأكدت سيلفرستولب أن الهجوم على تازة خورماتو "لم يكن حتما حالة منفصلة". فتم تنفيذ ما لا يقل عن 12 هجوما آخر في مواقع أخرى مع تقارير غير مؤكدة عن 35 حالة غيرها.
وقالت "كانت هذه ظاهرة منتشرة وممنهجة".
المخزون الكيميائي لسوريا
وبدوره، قال كولومب ستراك كبير المحللين ورئيس هيئة آي إتش إس كونفليكت مونيتور إن "الموصل كانت في نواة عملية إنتاج الأسلحة الكيميائية [لداعش]".
وأضاف "لكنه تم على الأرجح إجلاء معظم المعدات والخبراء إلى سوريا في الأسابيع والأشهر التي سبقت عملية الموصل [في العام 2017]، إلى جانب قوافل مؤلفة من مسؤولين كبار آخرين وعائلاتهم".
وذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش عام 2018 أن تنظيم داعش نفذ 3 هجمات بالأسلحة الكيميائية باستخدام خردل الكبريت في سوريا.
وقالت المنظمة إن تنظيم داعش ليس الجهة الوحيدة في سوريا التي نفذت مثل هذه الهجمات، علما أن الحكومة السورية مسؤولة عن غالبية الهجمات الكيميائية المؤكدة والتي يبلغ عددها 85 هجوما بين 21 آب/أغسطس 2013 و25 شباط/فبراير 2018.
ولم يتضح كيف حصل تنظيم داعش على خردل الكبريت، ولكن كانت كل من حكومة حسين السابقة في العراق والحكومة الحالية في سوريا تملكان في مرحلة معينة برامج للأسلحة الكيميائية، حسبما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في عام 2016.
والشهر الماضي، صوتت منظمة مراقبة الأسلحة الكيميائية في العالم لوقف الصادرات الكيميائية إلى سوريا، متهمة دمشق بانتهاك معاهدة الحد من الأسلحة السامة، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
حيث صوتت غالبية الدول في الاجتماع السنوي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بتاريخ 30 تشرين الثاني/نوفمبر على "تدابير جماعية" لوقف نقل بعض المواد الكيميائية وتقنيات صناعتها لسوريا.
وتشمل هذه التدابير تعزيز ضوابط الصادرات ومنع "التزويد أو البيع أو النقل المباشر أو غير المباشر للسلائف الكيميائية ومرافق ومعدات التصنيع الكيميائي ذات الاستخدام المزدوج والتقنيات ذات الصلة".
وأشار القرار إلى "حيازة [سوريا] واستخدامها المستمر للأسلحة الكيميائية" و"امتناعها عن تقديم إقرار دقيق وشامل وإتلاف كل أسلحتها الكيميائية ومرافق إنتاجها غير المعلنة".
يُذكر أن سوريا وافقت في 2013 على الانضمام إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بعد وقت قصير من وقوع هجوم بغاز كيميائي أدى إلى مقتل أكثر من 1400 شخص بالقرب من دمشق.
ولكن المنظمة، ومقرها لاهاي، اتهمت منذ ذلك الحين نظام الرئيس بشار الأسد بالاستمرار بمهاجمة المدنيين بالأسلحة الكيميائية.
وتم تعليق حقوق التصويت لسوريا في المنظمة في عام 2021، وكانت هذه خطوة توبيخية غير مسبوقة تلت الهجمات بالغاز السام على المدنيين في عام 2017.
من جانبها، رفضت دمشق تلك الادعاءات.
كذلك في 30 تشرين الثاني/نوفمبر، أعلن من جانب 12 مجموعة حقوقية سورية وخبيرا في مجال القانون الدولي من لاهاي عن مبادرة لإنشاء محكمة جديدة لمحاكمة المستخدمين المزعومين للمواد السامة المحظورة حول العالم، حسبما ذكرت وكالة رويترز.
دعم إيران لسوريا
وفي هذه الأثناء، قال مركز ألما للأبحاث والتعليم ومقره إسرائيل في آب/أغسطس إن إيران التي تدعم نظام الأسد منذ بداية الحرب السورية، تتطلع إلى شبكة سوريا الموسعة من مرافق الصناعة العسكرية.
هذا وينتج مركز الدراسات والبحوث العلمية الذي يوظف نحو 20 ألف باحث ومهندس وضابط عسكري سوري، أسلحة متطورة مثل صاروخ "فاتح-110" أرض-أرض.
وجاء في التقرير أن "فاتح-110 يشكل نواة مشروع الصواريخ الدقيقة المشترك بين إيران وسوريا وحزب الله".
وأضاف أن مركز الدراسات والبحوث العلمية مسؤول أيضا عن "تطوير وصناعة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، وربما الأسلحة النووية".
وحذر التقرير من احتمال استحواذ حزب الله على مواد كيميائية مخزنة في المركز من قبل نظام الأسد، واستخدام الحزب إياها لإنتاج الأسلحة الكيميائية.
وأشار التقرير إلى أن مركز الأبحاث يبذل جهودا لتطوير وصناعة الأسلحة على الأراضي السورية استنادا إلى تكنولوجيا إيرانية.
وقال إن ذلك سيقدم للنظام الإيراني فرصة "لتجاوز اللوجستيات والمخاطر المرتبطة بنقل بعض هذه الأسلحة إلى سوريا من إيران عبر البر أو الجو أو البحر".
وجاء في التقرير أن "النظام السوري يملك الآن قدرات كيميائية موسعة. وعند الحاجة، قد تكون هذه القدرات مفيدة للمحور الشيعي المتطرف بقيادة إيران بشكل عام وحزب الله بشكل خاص".