إرهاب
استغلال وكلاء إيران للبنى التحتية يعرّض المدنيين لخطر بالغ
تستخدم الجماعات المسلحة المدعومة من إيران في مختلف أنحاء الشرق الأوسط المدنيين كدروع بشرية وتستغل البنى التحتية المدنية كالمستشفيات لتخزين الأسلحة والمتفجرات.
سماح عبد الفتاح |
قال خبراء إن الحرس الثوري الإيراني والجماعات التابعة له تستغل البنى التحتية في الدول التي تنتشر بها، معرضة حياة المدنيين للخطر.
وتشمل البنى التحتية المستشفيات والمدارس والمباني الحكومية والطرقات والجسور والمطارات والموانئ البحرية والمعابر البرية الحدودية.
وقال الخبير العسكري اللبناني والضابط المتقاعد في الجيش جميل أبو حمدان إن هذه ممارسة ممنهجة تهدف إلى توسيع نطاق تواجدها على الأرض.
وذكر لموقع الفاصل أن "المسألة وصلت في لبنان إلى خطوط حمراء لا يمكن تجاهلها أو تخطيها"، زاعما أن "حزب الله سيطر على جهاز الأمن العام اللبناني كليا".
وأوضح أن الجهاز مسؤول عن مراقبة الموانئ البرية والبحرية والجوية "وهو ما مكنه حزب الله بالتالي من تأمين تهريب كميات ضخمة من الأسلحة والصواريخ والعناصر إلى لبنان ودول الجوار".
وقال إن حزب الله يستغل أيضا جهاز المراقبة والرادارات ومعدات الرقابة التابعة للجيش، عبر وضع أتباعه بصورة سرية في مناصب أساسية في تلك الهيئات والمرافق للحصول على معلومات لصالح الحزب.
هذا وقد عبّر سكان المناطق التي يهيمن عليها حزب الله أيضا عن مخاوف بشأن إقامة الحزب مستودعات الذخيرة والصواريخ في تلك المناطق، قائلين إنهم يخشون انفجارها.
وازدادت هذه المخاوف بعد انفجار 4 آب/أغسطس المدمر الذي حصل في مرفأ بيروت، حيث تم تخزين كمية ضخمة من مادة نيترات الأمونيوم الكيميائية بشكل عشوائي على مدى سنوات.
والآن أشار السكان إلى أنهم يخشون احتمال أن ينفجر مستودع للأسلحة بينهم.
وهذا الخوف ملموس بين سكان الشويفات والحدث وبلدات أخرى في منطقة البقاع الغربي، لا سيما تلك القريبة من حوض الليطاني.
وأشارت تقارير إعلامية في العام 2021 إلى وجود ما يقارب الـ 30 مستودع أسلحة تابعا لحزب الله في مختلف أنحاء البلاد، حيث يتم إنتاج وتخزين وإطلاق الصواريخ الإيرانية متوسطة المدى (فاتح-110/إم-600).
وفي تقرير نشرته محطة الحرة، كشف عنصر من حزب الله انشق عن الحزب وبات اليوم يعيش في أوروبا، أن الحزب أقام مستودعات أسلحة في مختلف أنحاء البلاد لضمان "الاكتفاء الذاتي بالأسلحة والذخيرة" في كل المناطق.
وذكر للمحطة التليفزيونية أن "المعامل والمستودعات منتشرة في كل الأراضي اللبنانية، وهي موجودة وسط الأحياء السكنية".
وقال إن "الحزب لديه خريطة خاصة به عن لبنان تقسم البلاد إلى مناطق عسكرية وفيها مستودعات ومواقع سرية في كل المحافظات".
وقسّم الحزب الجنوب إلى منطقتين، هما جنوب نهر الليطاني (وحدة بدر) وشمالي الليطاني (وحدة النصر).
وقال إنه يتم تخزين الأسلحة والذخيرة في مجمعات سكنية يملكها عناصر من حزب الله في منطقة الجيه بالشوف.
استغلال المدنيين كـ ʼدروع بشريةʻ
وفي هذا السياق، قال الباحث في الشؤون الإيرانية شيار تركو إن الجماعات المسلحة المدعومة من إيران "تعتمد على الدول التي تنشأ بها للتوسع من خلال استغلال كل ما يمكن استغلاله من بنى تحتية ومباني ومؤسسات".
وأضاف أن "هذا ما يتم فعلا على الأرض في لبنان وسوريا والعراق واليمن، حيث أصبح لهذه الجماعات أرضية صلبة مكنتها من أن تكون حكومات موازية بل مكنتها السيطرة على مفاصل البلاد التي تنتشر فيها".
وتابع أن "هذه الجماعات لا تستغل البنى التحتية من النواحي اللوجستية أو الاستخباراتية فقط، بل تخطت التعدي باستعمال الابنية الحكومية والمستشفيات كمخازن للأسلحة والمواد المتفجرة والصواريخ".
وأوضح للفاصل أنه "في العديد من الحالات استعملت بعض المنشات المدنية كقاعدة لإطلاق صواريخ مما عرض حياة المدنيين فعليا للخطر أو التعرض لخطر الموت أو الإصابة".
وفي منطقة دير الزور بسوريا، فتحت الميليشيات التابعة للحرس الثوري مقرات رئيسية في الأحياء السكنية، فنقلت إليها مستودعات الذخيرة لمنع استهدافها في الضربات التي ينفذها التحالف الدولي.
وقال ناشطون إنه عبر الاختباء في المناطق السكنية، لا تقوم الميليشيات بحسب بحماية مقاتليها باستخدام السكان كدروع بشرية، بل تحمي أيضا المعدات المستخدمة في صناعة الصواريخ والمسيرات المتفجرة.
وأضافوا أنه بعد الزلزال المدمر الذي هز أجزاء من سوريا وتركيا في شباط/فبراير، قامت هذه الجماعات بإخفاء مقراتها وترساناتها ومعامل صواريخها لتبدو كمستودعات تخزين للأطعمة تزود المساعدات على ضحايا الزلزال.
تخزين الأسلحة بين المدنيين
وفي هذا السياق، قال محللون إن الحوثيين المدعومين من إيران قاموا في اليمن بتحويل مدينة صنعاء المكتظة بالسكان والتي تضم أكثر من 2.5 مليون نسمة إلى "منطقة عسكرية" يتم فيها تجميع وتخزين الأسلحة الفتاكة في الأحياء السكنية.
وذكروا أن وجود مستودعات ومعامل الأسلحة في صنعاء، إلى جانب مستشارين عسكريين من الحرس الثوري وحزب الله، يعرض السكان المدنيين المحليين لخطر كبير.
وأدى انفجار كبير وقع في شباط/فبراير 2020 في منزل مملوك للقيادي الحوثي محمد حميد الدين في قرية القابل شمالي صنعاء، إلى اكتشاف معمل لتصنيع القنابل تابع للحوثيين.
وقتل أو أصيب العديد من الأشخاص المتورطين في تفخيخ المسيرات في الانفجار الذي نشر الذعر بين السكان وتسبب بانهيار منزل مؤلف من 3 طوابق بصورة جزئية.
وفي كانون الأول/ديسمبر 2018، انفجر مستودع لتخزين الأسلحة يعود إلى الحوثيين في حي الجراف الخاضع للميليشيا بصنعاء.
وقال سكان المنطقة إنهم فروا من منازلهم جراء حجم الانفجار الذي وقع في مرفق بمنتزه الثورة، حيث قام الحوثيون بإخفاء الأسلحة.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر من العام نفسه، أدى حريق إلى حدوث انفجار كبير في مستودع ذخيرة تابع لتاجر أسلحة في حي من محافظة الجوف الخاضعة للحوثيين، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 20 شخصا وإصابة عشرات الآخرين، حسبما ذكرت وسائل إعلام محلية.
وقال المحامي السوري بشار البسام لموقع الفاصل إن "البنى التحتية للدول خاصة في أوقات النزاعات ... تعتبر خطا أحمر يمنع التعرض له على الإطلاق كونه ملكا للمدنيين".
وتابع أن هذه الممتلكات والأصول والخدمات هي إما ممتلكات عامة أو ممتلكات الهيئات الحكومية "وبالتالي يعتبر أي تعد عليها أو استغلالها لإطراف أخرى جريمة يعاقب عليها القانون بكل تأكيد".
وأضاف أنه يصعب السيطرة على "التوسع الأخطبوطي" للميليشيات التابعة لإيران في المناطق والبنى التحتية المدنية، ذلك أن هذا الأمر "يحتاج لجهد طويل وربما تدخل امني وعسكري قد يصيب المدنيين بالإضرار".