إقتصاد
العراق يتخذ خطوات لدعم الدينار ومواجهة تهريب الدولار إلى إيران
يستغل المهربون القطاع المصرفي العراقي ويمارسون الضغط على الاقتصاد عبر الحصول على الدولار الأميركي بطرق احتيالية للتهريب إلى إيران.
أنس البار |
بدءا من العام 2024، سيحصر البنك المركزي العراقي كل التجارة الداخلية بالدينار العراقي في إطار الجهود المبذولة للتحكم بمعدل صرفه مقابل الدولار الأميركي في السوق السوداء والذي تراجع وسط القيود المفروضة على التعاملات بالدولار.
وذكرت وسائل إعلام إقليمية يوم الاثنين، 25 أيلول/سبتمبر، أن هذه الخطوة تأتي وسط مخاوف من تهريب الدولار الأميركي إلى إيران باستخدام مزاد العملة الأجنبية للعراق.
وأدى تهريب الدولار والتجارة غير المنضبطة مع إيران إلى قلة المعروض من العملة الصعبة وبالتالي ارتفاع قيمتها أمام الدينار العراقي
وخلال الأشهر الثلاثة الماضية، تراجعت قيمة الدينار بأكثر من 10 في المائة، رغم أن عائدات النفط وصلت إلى 30 مليار دولار في الربع الأول من العام 2023.
وسجل الدينار مؤخرا انخفاضا قياسيا في السوق السوداء وبلغ 1580 دينارا عراقيا للدولار الواحد، بينما سعر الصرف الرسمي هو 1320 دينارا لكل دولار.
وتطبق السلطات العراقية تدابير وإصلاحات مالية لضبط استقرار الدينار ومكافحة استنزاف العملة الصعبة.
تهريب الدولارات إلى إيران
وفي تموز/يوليو، منع البنك المركزي العراقي 14 مصرفا عراقيا أهليا من التعامل بالدولار في إطار حملة وزارة الخزانة الأميركية ضد عملية تهريب الدولارات إلى إيران عبر النظام المالي العراقي.
كذلك، اعترضت قوات الأمن العراقية شحنات من الأموال المهربة إلى إيران في إطار حملة واسعة تقودها لمكافحة التهريب عبر المعابر الحدودية السرية.
ونقل موقع العربي الجديد عن المسؤول بوزارة الداخلية العميد حسين التميمي قوله في 19 أيلول/سبتمبر إنه تم "ضبط أكثر من ملياري دولار معدة للتهريب خارج الحدود بالإضافة إلى 3 مليارات و875 مليار دينار عراقي".
وجرى التحفظ على المال في البنك المركزي العراقي، في حين تمت إحالة المتهمين للقضاء.
وفي هذا السياق، كشف تقرير لموقع إيران إنترناشيونال في 31 تموز/يوليو عن وجود شبكة تابعة لفيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني تقوم بتهريب الدولارات من العراق إلى إيران.
ويتولى إدارة الشبكة في العراق محمود حسني زاده، وهو من القادة القدامى في الحرس الثوري الإيراني، ومصطفى باك باطن الموظف في سفارة طهران في العراق.
ونقلت الوسيلة الإعلامية أن عراقيين اثنين، هما ميثم حمزة قاسم دراجي وميثم صادقي، يدعمان الشبكة بعمليات التهريب.
وجاء في التقرير أن الشبكة تعمل على جمع الدولارات من مكاتب الصرافة بالعراق ليتم لاحقا إيداعها في حساب الوحدة 400 التابعة لفيلق القدس في طهران من قبل المدير المالي للوحدة محمد تجن جاري.
عبء على الاقتصاد العراقي
وذكر المحلل السياسي طارق الشمري لموقع الفاصل أن الحرس الثوري ووكلاءه من الحرس الثوري يدفعون بالاقتصاد العراقي الى حافة الانهيار.
وأوضح "لا زالت [هذه الجماعات] تسيء للقطاع المصرفي الوطني وتجمع أموال العراقيين بالعملة الصعبة (الدولار) بطرق احتيالية لتهريبها بالنهاية إلى إيران".
وتم الكشف مؤخرا عن وجود 5 آلاف شركة وهمية ومكاتب للحوالات والصرافة تنشط في غسيل الأموال وشراء وتهريب الدولار.
وغالبا ما تتم عمليات التحايل عبر تمويلات على استيرادات مسجلة فقط على الورق أو شراء سلع بأضعاف أثمانها الحقيقية وعبر خدمات سياحة دينية وطبية لا وجود لها.
وتشير تقارير أيضا إلى وجود حوالي 300 مشتر صغير للعملة الصعبة في السوق العراقية يشكلون واجهات للميليشيات.
ويقدر حجم الأموال العراقية التي تهرب إلى إيران ما بين مائة و250 مليون دولار أسبوعيا.
وقال الشمري إن العراق يبذل الجهود "لحماية أمواله من خلال ضبط مبيعات الدولار للمصارف وشركات التجارة والاستيراد عبر المنصة الإلكترونية [ضمن إطار] مزاد العملة بالبنك المركزي".
ولكنه أقر في الوقت عينه بالصعوبات في مراقبة سوء استخدام الدولار والأنشطة المالية المتعلقة بالتحويلات المالية.
وخلال زيارتها لبغداد في 12 و13 أيلول/سبتمبر، التقت مساعدة وزير الخزانة الأميركية إليزابيث روزنبرغ برئيس الوزراء شياع السوداني ومحافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق.
وشارك في الاجتماعات البنك التجاري العراقي ووحدة الاستخبارات المالية العراقية وممثلون من مصارف القطاع الخاص.
وأكد بيان حكومي أن المباحثات سعت لتحسين القطاع المالي العراقي عبر "إصلاحات هادفة ومستدامة" تمنع الاحتيال والتهرب من العقوبات وتمويل الإرهاب وغيرها من الأنشطة غير القانونية.
القضاء على السوق السوداء
وتساهم التجارة بين العراق وإيران والتي تغذي بالأساس المصالح الاقتصادية الإيرانية في شح الدولار وإضعاف قوة الدينار.
وبلغ الحجم التجاري بين العراق وإيران 10 مليارات دولار سنويا، وتشكل صادرات إيران إلى العراق 90 في المائة من حجم التجارة، حسبما قال مدير الغرفة التجارية الإيرانية جهانبخش سنجابي شيرازي في 19 أيلول/سبتمبر.
ويلجأ الكثير من التجار والموردين العراقيين لسحب الدولار من السوق السوداء لتمويل استيراداتهم من الجانب الإيراني.
وخلال مؤتمر عقد في 11 أيلول/سبتمبر، قال رئيس السوداني إن لدى العراق خطة لتنظيم التجارة مع إيران من شأنها أن "تقصم ظهر" السوق السوداء.
وشدد أثناء لقائه روزنبرغ على مضي حكومته بتنفيذ أولوياتها في "إصلاح القطاع المصرفي من خلال اعتماد المعايير الدولية ومواكبة التطورات".
وبالمقابل، يلقي العراقيون باللائمة على وكلاء إيران لما يعانوه اليوم من ارتفاع بأسعار السلع الأساسية جراء استنزاف العملة الصلبة.
وقال هاشم العبيدي، وهو سائق سيارة أجرة من بغداد يبلغ من العمر 47 عاما، لموقع الفاصل "هناك غلاء في كل شيء تقريبا. كلما زاد سعر الدولار زادت الأسعار".
وأضاف "من الصعب تخيل هذا الارتفاع في ظل الحديث عن إيرادات بمليارات الدولارات يحصل عليها العراق شهريا من بيع النفط".
وتابع أن "الميليشيات تدمر الاقتصاد وتثقلنا بالأعباء حتى تنعم إيران بأموالنا وتواصل إيذائنا".